تأهل بطل البحرين في فن الخطابة محمد علي رضا أخيراً لنهائيات مسابقة الخطابة العالمية التي أقيمت في مدينة واشنطن بعد فوزه في الجولة الأولى التي يتنافس فيها عشرة أبطال يمثلون مختلف دول العالم في فن الخطابة. واعتبر رضا أول بحريني وعربي يصل إلى هذه المرحلة النهائية منذ 75 عاماً. إذ قدّر الحكام حصوله على المركز الرابع عالمياً بينما أكد كثير من جمهور المسابقة أنه كان مرشحاً للفوز بالمركز الأول، أما رضا فاعتبر مجرد منافسته لأفضل عشرة خطباء في العالم فوزاً تاريخياً بحد ذاته، أهداه إلى بلده البحرين، إذ إنه لم يسبق أن وصل أي عربي إلى هذه النتيجة منذ تأسيس المسابقة.
«الوسط» كانت حريصة على الالتقاء بالبطل البحريني ومحاورته بشأن مشواره البطولي وخلفيات الانجاز الذي حققه، فكان هذا اللقاء...
متى وأين بدأ مشوارك في الخطابة؟
- بدأت في العام 2003 في شهر أغسطس/ آب بعد أن تمت ترقيتي في شركة «ألبا» الى موظف سلامة وصحة، وكانت طبيعة وظيفتي تتطلب الكثير من التدريب لمختلف طبقات العاملين من العامل إلى المدير العام، وأردت أن أطور أسلوبي ومهاراتي اللغوية في الإلقاء باللغة الانجليزية، فعندها سمعت أن الشركة فتحت نادياً خاصاً للخطابة وتطوير قدرات الموظفين، فبادرت بالانضمام إلى النادي وبدأنا نطبق البرنامج التعليمي إلى أن اكتشفت أن هذا النادي ينضوي تحت منظمة «التوست ماستر انترناشينل»، وأحد أهم برامجها السنوية بطولة العالم للخطابة العلمية، فاستهواني هذا العنوان وعقدت العزم على دخول المسابقة.
المسابقة تستغرق 8 أشهر من كل عام، وهي مقسمة على ست مراحل طوال البطولة، وأنهيت الخمس مراحل الأولى ثم تأهلت للمرحلة السادسة وهي الأخيرة التي كانت بالنسبة إلي تاريخاً كبيراً، إذ إنها أول تأهل ووصول بحريني وعربي إلى نهائيات هذه البطولة على مدى 75 عاماً من عمر البطولة.
كيف كانت مراحل سير المسابقة؟
- كانت المرحلة الأولى مرحلة النادي التي أصبحت فيها بطل النادي بالفوز بالمركز الأول، ومن ثم تأهلت للمرحلة الثانية التي تسمى بمرحلة (المنطقة) التي تتألف من 10 نواد وخرجت بالمرتبة الأولى فيها، ومن ثم إلى المرحلة الأكبر في شهر أبريل/ نيسان التي شملت كل نوادي البحرين وفزت بالمركز الأول فيها أيضاً، ثم تأهلت لمرحلة أكبر تتكون من دول «الشرق الأوسط» وتشمل سبع دول، حيث أقيمت بدبي في مايو/ أيار الماضي وفزت بالمركز الأول، وتأهلت للمرحلة الخامسة والأصعب التي هي قبل النهائي، وقابلت فيها خمس قارات وممثليهم وفزت عليهم في «قبل النهائي» وتأهلت للنهائي وأصبحت أحد أفضل الخطباء في العالم.
وطريقة المسابقة في النهائي هي أن عشرة متنافسين يتنافسون على اللقب في اليوم الختامي باعتبار أن ثمانية مقاعد للأميركان ومقعدين لباقي دول العالم، وأنا تنافست مع هذه القارات على هذين المقعدين فحققت الفوز بأحد المقاعد.
سفير البحرين في أميركا أعجب بأدائه
ما طريقة التنافس الخطابي؟
- في المراحل الست لابد للمتسابق أن يقدم ثلاثة خطابات مختلفة، في الأربعة الأولية للمتسابق الحق في أن يستخدم الخطاب نفسه، وأما في الخطابين الأخيرين فيجب أن يأتي بخطابين جديدين، وهنا تكمن الصعوبة في الأمر، وذلك في الوقت الذي انتهت فيه مرحلة ما قبل النهائي بالنسبة إلى متسابقي أميركا الشمالية قبل شهر من بدء مرحلة النهائي، الأمر الذي سهل عليهم الإعداد والتجهيز لمرحلة النهائي، بينما كنا نحن من باقي العالم نعاني من ضيق الوقت، إذ كنا نملك فترة أقل من أسبوع للاستعداد والتجهيز للنهائي، وعلى رغم ذلك قبلنا التحدي وكنت الوحيد من بين كل هذه الدول من يتحدث باللغة العربية، ولكن تأهلت للنهائي وقدمت أداء ممتازاً، وكثير منهم من رشحني للمركز الأول، كما حضر المرحلة النهائية سفير مملكة البحرين ناصر البلوشي الذي أعجب كثيراً بأدائي في البطولة.
كيف كانت أجواء المنافسة هناك؟
- كل هذه الخطب والتحضيرات التي استغرقت 8 أشهر من الاستعدادات والتجهيزات ليست شبيهة بالمسابقات الأخرى التي يمكن أن تتعرف على منافسين لك عبر شاشات التلفزيون والأخبار، فإنك هنا لا تعرف أي شيء عنهم، فقط أنت والجمهور ولجنة التحكيم التي تتكون من 20 حكماً بحضور 2000 من الحضور والجماهير.
رفعت اسم بلدي وأثبت أن البحريني مبدع
ما الإنجازات التي حققتها بالنسبة إليك شخصياً؟
- على رغم عدم تحقيق اللقب بالمركز الأول، فإن الإنجازات التي تحققت كانت كثيرة، أولاً أنه منذ 75 سنة يعتبر هذا أول عربي وبحريني على الإطلاق وصل إلى النهائيات باعتباره حلماً لعشاق الخطابة، ورفعنا بدورنا اسم البحرين وجلبنا أنظار العالم لهذا البلد وإلى القدرات التي لم يتوقعوا منها هذا الأداء باعتبار أن اللغة الانجليزية ليست لغتنا الأساسية، إضافةً إلى أنني طورت أدائي كثيراً في حقول التدريب والإلقاء في العمل وخارجه، وأنه يجب أن نثبت أن البحريني بإمكانه أن يتفوق على الدول الأخرى حتى وإن كان ليس بمجاله الأساسي.
ماذا عن الدعم طوال مشوارك الخطابي؟
- كما سبق أن ذكرت أني اشتركت بنادي الخطابة التابع لشركة ألبا، ولأني كنت أمثل نادي الشركة قدمت إلي الشركة الدعم كله من اليوم الأول لبدء الاستعدادات والتجهيزات وتحملت كلف سفري وتحضيراتي ودعمي الإعلامي وساعدتني على التركيز على الخطاب الذي يقدم خلال البطولة، كما شجعني وكيل وزارة الإعلام محمود المحمود وأعطاني بعض الهدايا التذكارية، ولا يُنسى أيضاً دور أبناء الخليج وأسرتي الذين ساندوني معنويا وأحاطوني بهالة عجيبة من المحبة والتشجيع والدعاء، ولا أنسى هنا أهالي المنطقة الشرقية الذين أحاطوني بدعم كبير ووفروا لي تدريباً خاصاً في بيت القنصل الأميركي حتى أقوي من نفسي واستعدادي للبطولة.
عزلوني عن العالم من أجل إنجاحي
هلا ذكرت بعض الحوافز والعوامل التي ساهمت في إنجازك؟
- منذ البداية لم أضع لانهزام النفس أي مجال أمامي، وكذلك الانبهار أما عمالقة الغرب مسحتها من ذاكرتي واعتمدت على قدراتي وقناعتي الشخصية، وثانياً عكس ما يفعله الكثيرون الذين يراجعون أفلام الفيديو للأبطال السابقين ويحاولون تقليدهم والقيام بما قاموا به نفسه، لم أفعل ذلك بل اعتززت بطاقم تدريبي المتميز الذي عرف كيف يتفاعل معي من أجل تحقيق النجاح ودفعي بالروح المعنوية القوية، إذ عزلوني عن العالم الخارجي من أجل إعداد خطابي من دون التفكير في أشياء أخرى، بل هم أوصلوني إلى النهائي خلال فترة عام واحد فقط في الوقت الذي يستغرق أبطال العالم أعواماً طوالاً من أجل الوصول إلى مرحلة ما قبل النهائي، فأنا أعتبره إنجازا وحافزا كبيرا بالنسبة إلي، إضافةً إلى وجود عوامل أخرى ساعدتني على تحقيق الإنجاز ولكن هذه هي أبرزها.
ما الدور الذي قام به مدربوك خلال التجهيز والاستعداد؟
- مدربيّ الثلاثة كما قلت، سخروا كامل وقتهم وجهدهم ووضعوني في مختبر، ومنعوا عني كل الأمور والمؤثرات الخارجية ونفذوا عني كل الأمور التي تتعلق بالمسابقة التي سأشارك فيها من تذاكر سفر ومصاريف، بل ان بعضهم أخذ عني تنفيذ واجباتي الأخرى، وأجبروني على التركيز على كتابة خطابي ومحورة الفكرة فيه، ومنعوا أنفسهم من التأثير على الفكرة إلا أنهم يوجهونني في بعض الأمور، فكانوا مميزين جدا، ولم يتخذوا طريق المدربين الآخرين كسبيل لهم من خلال كتابة الخطابة عن المتسابق وإعطائه الأفكار، بل كانوا صادقين وجديين معي في كل الأمور طوال فترة المسابقة وهم أحد أسباب النجاح.
المسابقة كانت في النصف الآخر من العالم!
ما الصعوبات والتحديات التي واجهتك أثناء البطولة؟
- أهمها أن جميع المتسابقين يجهلون ماذا ستكون نوعية الخطابة التي سيلقيها كل متسابق في المجموعة، وثانياً ان فن الخطابة يعتبر من الفنون التي تتدخل عناصر كثيرة في تحديد الفائز فيه، والحكام من الممكن أن يختلفوا بشأن من يكون الفائز اعتماداً على تقديراتهم، والصعوبة التي واجهتني أنا بصفتي بحرينياً بشكل خاص أن المسابقة في النصف الآخر من العالم، إذ انني يجب أن أتكلم بلغة غير لغتي الأم، وجميع المتسابقين يتحدثون اللغة الإنجليزية، إضافةً إلى أن اللغة الإنجليزية الأميركية بكل مستوياتها الأدبية والثقافية لا أحتويها، وليست لدي فكرة واسعة وواضحة عما يسعدهم ويهمهم ولم أحصل على الجمهور الذي أتدرب عليه وكل ذلك كان من أكبر الصعوبات التي واجهتني خصوصاً، ولكن لله الحمد رجعت بعائد كبير وممتاز للبحرين والعالم العربي والإسلامي كله.
أخيراً... يشار إلى أن رضا تدرج في هذه الموهبة عبر مشاركاته الكثيرة في عدة محافل على المستوى المحلي، تنوعت بين المهرجانات العامة والمحافل الخاصة في ألبا وغيرها والاحتفالات الدينية والانشادية في أنحاء البحرين، ترك فيها بصمات واضحة لموهبته. ولم يكتف البطل البحريني بهذا الحد بل عمل على دخول دورات تدريبية في فن الخطابة بعدة لغات عززت مهارته الخطابية، وجعلته يقوم بإلقاء عدة دورات في هذا الاختصاص شاركت فيها نخبة من مريدي الخطابة وهواتها. كما يذكر أن منظمة توستماسترس انرتناشينال (Toastmasters International) منظمة عالمية غير ربحية تسعى لتطوير قدرات ومهارات الفرد في حقلي التواصل والقيادة
العدد 1469 - الأربعاء 13 سبتمبر 2006م الموافق 19 شعبان 1427هـ