يمتلك رجل الأعمال جاسم الزياني خزينة كبيرة من الذكريات والحكايات والطرائف، وكان يتنقل في حديثه بين دولة الكويت التي عاش فيها سنين طويلة وبين مملكة البحرين... وطنه الأم، وكان لهذا الحديث الشيق الطويل مكاناً بين الحضور في مجلس عائلة المسلم، وهو من أشهر المجالس البحرينية الكريمة في منطقة الحد، وقد كانت تلك الأمسية الرمضانية شيقة في الحديث عن العلاقة بين المجالس في تكوين الوعي الشعبي وعلى الأخص، اعتباراً محركاً لوضع الناس اجتماعياً.
وكانت بداية الأحاديث في المجلس، ما طرحه أحد الحضور تعقيباً على توجه الكثيرين للحديث عن السياسة ونسيان ما دونها من موضوعات أن احاديث السياسة في الغالب تتسبب في إحداث ما لا يحمد عقباه في بعض الأحيان بين حضور المجلس، لذلك فهو يرى أن الراغب في الحصول على الأحاديث السياسية فليتوجه الى الجمعيات السياسية، أما المجالس الرمضانية فيجب ألا تسيس كما قال سمو رئيس الوزراء، فأهداف المجالس الرمضانية اجتماعياً وفيها يتعلم الصغار عادات الكبار وهكذا... وعلى رغم من أن هذه الملاحظة جديرة بالإهتمام، لكن كل المجالس الرمضانية في البحرين لها سمتها الخاصة، وهي لا تخرج عن إطار العادات والتقاليد لأن فيها نبع من القيم والعطاء ما لا يمكن أن ينتهي، وهذا ما أشار إليه الزياني في حديثه مع كل من علي وعبدالله المسلم وباقي حضور المجلس أنه كان يحضر مجالس الكبار من الصغر لأنه كان يشعر أن فيها فرصة لتعلم الحكمة والعادات الحسنة، ففي تلك الأزمنة لم تكن هناك تلفزيونات وألعاب كمبيوتر ومجمعات ومرافق ترفيه و...و... ولم يكن أمامنا من خيار سوى المجالس، وإذا كانت المجالس اليوم موسمية فهذا لا يمنع فائدتها خصوصاً بالنسبة للعائلات الكبيرة وتلك التي لديها عدداً كبيراً من المتقاعدين.
ويذكر الزياني أن والده رحمه الله زاره لمدة 15 يوماً حينما كان يعيش في الكويت وكانت الفرصة الكبيرة أن يلتقي بالأهل والأصدقاء من خلال المجالس طوال تلك المدة، والمجالس في البحرين والكويت لا تنتهي بل حتى أن صاحب المجلس حين يتوفاه الله يحل محله أبناؤه، وإذا قلنا إن الناس انشغلت في الوظائف، ففي السابق كان الإنشغال أكبر بسبب رحلات الغوص والطواشة.
ويتحدث عبدالله المسلم ليشير إلى أن المجلس يتطلب من يباشره أيضاً، فاستقبال الناس مهم ولذلك فإننا فتحنا مجلساً للجميع، ولأن الحياة مشاغل والظروف لها تأثيراتها أيضاً فيمكن أن تتحول هذه المجالس إلى مصدر للتنفيس أيضاً، ويطلعك الحضور أيضاً على احوال المحيطين ومشكلاتهم وأوضاعهم. ويقول علي المسلم إن تسييس المجالس قد يؤدي في حال ما الى ضياع التقاليد، ولأننا نعيش في مجتمع ديموقراطي فمن حق الجميع التحدث والتباحث وتبادل وجهات النظر، لكن في حدود الموضوعات التي لا تؤثر على مزاج الناس وهدوء التفاعل.
ويتذكر الزياني بعض المواقف في الكويت، فيقول :»عشت في الكويت طويلاً، وكنت احضر مجلس المغفور له بإذن الله الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله وكذلك كنت احضر مجالس الشيخ سعد العبدالله وكانت تلك المجالس ملأى بالمواطنين من مختلف الطبقات، وكذلك الحال بالنسبة لنا في البحرين، فمجالس المغفور له الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله وسمو رئيس الوزراء هي صورة مماثلة، وارى أننا في البحرين نهتم بالطابع الإجتماعي للمجالس على اختلاف مستوياتها، فحين تحضر مجلس سمو رئيس الوزراء تجد أن سموه يريد أن يستمع من الحضور أنباء الأوضاع والأحوال والسؤال عن الجميع. ويشير أحد الحضور الى أنه مع احترامه للناس الذين يكثرون من اثارة الموضوعات السياسية في المجالس، إلا أن البعض منهم لا يعي شيئاً في الموضوع الذي يتحدث فيه وكل همه أن يبرز أمام الناس ويظهر، فتجده في بعض الأحيان يقع في شر أعماله بسبب إثارته قضية هو لا يمتلك معرفة فيها
العدد 1501 - الأحد 15 أكتوبر 2006م الموافق 22 رمضان 1427هـ