العدد 1516 - الإثنين 30 أكتوبر 2006م الموافق 07 شوال 1427هـ

اللغة التي... «تخدع»

المبادئ العامة لبرنامج «الوفاق»

الوسط - محرر الملف السياسي 

30 أكتوبر 2006

تحدد جمعية «الوفاق» ثمانية مبادئ عامة لبرنامجها السياسي الكبير، وترسل رسائل عدة، بعضها احتوى على بيانات التأكيد على الأيديولوجيا المؤسسة لـ «الوفاق»، وآخر على تطمينات لأطراف عدة. وما بين التأكيدات والتطمينات «لغة» انتخابية لجمهور الوفاق، والذي يتطلع من مشاركة الوفاق الكثير.

تبدأ مبادئ الوفاق العامة بإقرار «الالتزام الديني والأخلاقي في العمل السياسي»، وهي بذلك تعطي إشارات واضحة عن ثبات ماهيتها الأيديولوجية، وترسل رسائل مباشرة لخصومها السياسيين من جهة ولجماهيرها من جهة أخرى، فهي ستكون ثابتة على خياراتها، وهذا طبعاً ما يشيع الإقرار بأن لا سياسية، بقدر ما سيكون هناك «دين» و»أخلاق»، هذا الدين والأخلاق هو محصلة ما أنتجته ذاكرة التيار الوفاقي نفسه، لذلك يبقى المحور الرئيسي كلاسيكياً على مستوى التأسيس، وإن كانت «الوفاق» نفسها لا تلتزم بتلك الدعاوى دائماً، وخصوصاً على صعيد الآلية السياسية.

أما ثاني المبادئ العامة لـ «الوفاق» فهو طمأنة مباشرة للسلطة السياسية، التي هي على موعد مع كتلة نيابية كبيرة، تتمايز عن الكتل النيابية التي عهدتها في السنوات الأربع الماضية، يقر الوفاقيون أن «المصلحة الوطنية العليا» هي سقف تحركهم، ولذلك على السلطة ألا تخشى كتلة الوفاق منذ الآن.

في المبدأ الثالث، ترهن «الوفاق» أطار أي تحرك من تحركاتها بثلاثة ضوابط مركزية هي «النزاهة» و»الأمانة» و»العلمية»، وبقدر ما تشير هذه الضوابط الثلاثة إلى «طوباوية سياسية» ملاحظة، بقدر ما تدرك أن هذه الضوابط الثلاثة - غير الخاضعة للقياس - هي ما ينتظره جمهورها منها. تبدو «الوفاق» في مبادئها منسجمة مع طموحات ناخبيها واشتراطاتهم في المجمل العام على مستوى النص، لكنها تخرقه متى أرادت مؤسستها السياسية ذلك، وليست الالتفاتة على عديد القضايا التي صاحبت فترة عرض الأمانة العامة لأسماء مترشحي الكتلة على مجلس شورى الوفاق إلا إحدى تلك الصور من الانقلاب على جمهور «الوفاق» نفسه.

في المبدأ الرابع تعلن «الوفاق» عن قبولها مبدأ «الشراكة مع المجتمع في تحديد الأولويات تحت مبدأ (معاً نبني وطننا ونحمي حقوقنا)»، وهو ما يشير إلى قابلية سياسية في إقرار التشارك السياسي والعمل السياسي داخل المجلس، ويمثل هذا المبدأ العنصر الأهم ضمن بوتقة المبادئ على الصعيد السياسي، إذ تعلن «الوفاق» قابليتها للتشارك مع باقي الأطراف السياسية في صنع القرار، وهو ما يخاف عليه من أن يتعارض مع باقي المبادئ العامة التي أوردتها «الوفاق» في برنامجها السياسي. خامساً، تحاول «الوفاق» أن تصنع لغة سياسية متضخمة، لتشمل «الوفاق» شتى أنواع التواصل السياسي البحريني في الداخل، وتقر في مبدأها الخامس «التواصل مع كل قطاعات المجتمع من تجار وعمال ومهنيين وشباب والذود عن مصالحهم في إطار المصلحة الوطنية العليا». سياسة الاحتواء هذه لم تفلح «الوفاق» في إقرارها داخل تجربتها السياسية نفسها، أو حتى داخل محيطها الاجتماعي، والمراهنة على نجاحها في الحفاظ على توازن عام مع جميع الشرائح التي تسعى إلى التواصل معها ومشاركتها قد يكون من البعيد بمكان.

ويشتمل المبدأ السادس على ضمانة وفاقية جديدة تتعلق بالطائفية والفئوية، و»الوفاق» التي تُصنف بأنها جمعية سياسية ترتكز على الدين والطائفة، سيكون من الصعب عليها أن تنفك مما تقيد به نفسها. ويذهب الوفاقيون إلى «الانفتاح على كل القوى السياسية والمجتمعية لتحقيق المصلحة الوطنية العليا بعيداً عن الفئوية و الطائفية»، وهو ما سيتطلب من الوفاقيين أداء نوعياً داخل المجلس. وقبل ذلك، أثناء فترة الانتخابات نفسها، سواء عبر سلوكات مترشحيها أو خطبهم السياسية.

تصوغ «الوفاق» في مبدأها السابع لغة حذرة، إذ تذهب إلى «عدم التنازل عن الحقوق المشروعة للمواطنين والدفاع عنها بكل الأدوات النزيهة المتاحة». وفي هذا المبدأ تظهر الأهداف الكبرى، والطموحات المعلقة على كتلة الوفاق، بحسب جمهورها الذي يعتقد أن مشاركة «الوفاق» لابد أن تدعم في هذا الاتجاه وحسب، هذا المبدأ يمثل ضمانة «نجاح» كتلة الوفاق أو «إخفاقها».

المبدأ الثامن، والذي أوردته «الوفاق» في نهاية رؤيتها هو اعتبارها لجمهورها بمثابة العمق الاستراتيجي، وأنه سيكون شريكاً لـ «الوفاق» داخل المجلس، وعلى رغم أن «الوفاق» نفسها لم تحقق مستويات التواصل الاجتماعي مع جمهورها السياسي قبل تجربة المشاركة التي لم تؤتِ أُكلها بعد، فإنها تراهن على مشاركة شعبية في القرار داخل المجلس، وعلى رغم أنها لم توضح في برنامجها السياسي أياً من الإجراءات التي قد تدعم هذا التوجه، فإنها اتهمت في أكثر من موقف - من مستقلين أو منشقين عنها - بالتخلي عن جمهورها.

يظهر لنا من مختلف هذه المبادئ في البرنامج الوفاقي أنها جادة في الدخول للمجلس النيابي بكامل ثقلها، هذا الثقل الوفاقي المتشعب بين الأيديولوجيا الدينية والطموحات الدستورية وحلحلة الملفات الشائكة سيكون مشتتا إذا ما إقترن بالمشروعات السياسية للكتل الأخرى، كذلك سيكون لآداء الحكومة دور في معرفة ما إذا كانت الوفاق ستسير في برنامجها السياسي قدما، أم إنها ستتعثر في أكثر من ملف.

الوفاق والتي ستكون الكتلة النيابية الأكبر ستكون مطالبة بتحقيق منجزات سريعة تقنع جمهورها بالخيار الذي مضت فيه، هذا الجمهور الي وصفته بأنه عمقها الإستراتيجي، تحقيق الإنجازات يتطلب من الوفاق أن تتفهم ضرورة العمل وفق نظرية المقايضة، وعلى الوفاق أن تقرأ البرامج السياسية للكتل النيابية الأخري في المجلس، وأن تمسك بملفات الإجتماع و الإختلاف، وهذه المعادلة تستلزم من الوفاق أن تقبل بالضرورة التنازل - طواعية - عن ملفات عدة من عديد الملفات التي وصفها برنامج الوفاق بأنها «مستعجلة»

العدد 1516 - الإثنين 30 أكتوبر 2006م الموافق 07 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً