دعا تقرير «مجموعة دراسة العراق» ( لجنة بيكر هاملتون) الذي طال انتظاره إلى تحول كبير في سياسة أميركا يتعين أن يشمل دفعة دبلوماسية جديدة في المنطقة كما تضمن التقرير تحذيراً للعراقيين بوقف العنف وإلا سيواجهون بوقف الدعم الأميركي. فبعد شهور من المتابعة الإعلامية المكثفة حذرت اللجنة - المشكلة من 10 شخصيات سياسية بارزة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي - من أنه وحتى في حال تنفيذ عشرات الأفكار التي قدمتها للرئيس جورج بوش والرامية إلى وقف تردي الأوضاع في العراق فإن النجاح ليس مضموناً. وقال تقرير اللجنة التي رأسها وزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر وعضو الكونغرس السابق عن الحزب الديمقراطي لي هاملتون «ما من أحد يمكن أن يضمن أن أي نهج عملي في العراق في هذه المرحلة سيمكنه وقف النزاع الطائفي والعنف المتفاقم أو الانزلاق نحو الفوضى». وقالت اللجنة إن على إدارة بوش أن «تعمل على كسب مساعدة خصميها إيران وسورية وأن تعيد تنشيط عملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية وأن توضح بجلاء أن الدعم الأميركي للحكومة العراقية ليس سرمدياً». وقال التقرير «إن مصالح أميركا الأمنية الأخرى ومستقبل جيشنا لا يمكن أن يظلا رهينة للحكومة العراقية إقداماً أو احجاماً عن العمل». كما دعمت مجموعة دراسة العراق لسحب القسم الأعظم من القوات الأميركية في موعد غايته مطلع العام 2008 والأمر هنا يتوقف على مدى سلامة المناخ الأمني وطرح أفكار لإصلاح البنية الأساسية لقطاع النفط العراقي وإصلاح النظام القضائي والشرطة والقوات المسلحة العراقية وإعمار العراق. يمثل التقرير في جوانب كثيرة منه اختلافاً كبيراً عن السياسات الحالية لإدارة بوش كما أنه يرصد الوضع المتدهور في العراق من دون مواربة. وكان بيكر وهاملتون واضحين خلال مؤتمر صحافي عقداه لتقديم تقريرهما في أن خطة البيت الأبيض في العراق قد فشلت. وقال بيكر «هذا الأسلوب لم يعد يجدي نفعاً». وقال هاملتون للصحافيين «الأسلوب الحالي غير ناجح وقدرة الولايات المتحدة على التأثير في مجريات الحوادث تتراجع بشكل مستمر». وربما كانت أكثر القضايا أهمية في التقرير على الإطلاق والتي تواجه إدارة بوش مباشرة هي إشراك إيران وسورية في حل المعضلة العراقية وهي فكرة يصر بوش على رفضها ولاسيما بالنسبة إلى طهران. كما يرفض بوش أيضاً المطالبات بتحديد إطار زمني لسحب القوات الأميركية من العراق. وما يعزز كذلك من فرص ترحيب بوش بالتقرير أن وزير دفاعه الجديد روبرت غيتس كان بين أعضاء اللجنة حتى اختير الشهر الماضي ليحل محل رامسفيلد ويوافق غيتس على الرأي القائل إن السياسة الأميركية في العراق ليست ناجحة. ويقول بعض منتقدي لجنة بيكر إن التقرير يوفر مجموعة كبيرة من الأفكار مقابل عدد محدود للغاية من الوسائل الملموسة لتطبيقها ومنها تساؤل كبير عما إذا كانت إيران وسورية جادتين بشأن مساعدة العراق أم تحبذان تعثر السياسة الأميركية في تطبيق الديمقراطية في المنطقة. ويشير آخرون إلى تحذير اللجنة من أن مسألة إحراز تقدم تعتمد على قدرة العراقيين على الحكم بكفاءة وجديتهم في إنهاء الصراع الطائفي الذي يدفع بالبلاد إلى حافة حرب أهلية شاملة. ويقول المحلل بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أنتوني كوردسمان «إن الولايات المتحدة في الواقع أرسلت ثوراً لتحرير محل للخزف الصيني والآن تطالب مجموعة دراسة العراق بالتهديد بإرجاع الثور إذا لم يصلح المحل الخزف الصيني»
العدد 1554 - الخميس 07 ديسمبر 2006م الموافق 16 ذي القعدة 1427هـ