من الصعب أن يصدق المرء ما تقوله الحكومة اللبنانية المدعومة من الغرب بأنها محاولة انقلاب... فلا بنادق ولا عصي أو اعتداءات.
على العكس من ذلك فقد نصب آلاف المتظاهرين اللبنانيين خيامهم خارج مقر حكومة فؤاد السنيورة وكأنهم في مهرجان غنائي مستمر لأسبوع.
يأتي المحتجون الساخطون من مؤيدي حزب الله وحلفائه ومعظمهم من طلاب المدارس والجامعات من ضاحية بيروت الجنوبية الفقيرة أو من جنوب لبنان.
ولبى المحتجون دعوة قادة المعارضة ومن ضمنهم الأمين العام لحزب الله السيدحسن نصرالله الذي يحظى بشعبية واسعة لإسقاط الحكومة التي يعتبرونها دمية في يد واشنطن.
حتى الآن فإن غالبية المعتصمين ومنهم مراهقون يجلسون على الأرصفة ويتبادلون الأراجيل أو يقرعون الطبول أو يرقصون على إيقاعها أو يرددون شعارات تهزأ من الحكومة أو يرقصون على وقع الأناشيد الوطنية حتى مطلع الصباح.
وتتألف النساء المحجبات أو من يرتدين الملابس العصرية واللواتي يربطهن الهدف المشترك لإسقاط الحكومة مع زملائهن من الرجال وهم يرددون الشعارات.
وطبع بعضهم على وجهه ألواناً صفراء أو خضراء أو برتقالية تعكس ألوان أحزاب المعارضة التي ينتمون اليها.
وقال حسن عثمان (21 عاماً) وهو يدخن النرجيلة مع معارفه الجدد من شيعة ومسيحيين: «نأتي إلى هنا لأن لدينا وقت فراغ... نجلس في البيت ولا نعمل فماذا يمكننا أن نفعل... نريد أن نغير السنيورة لكي نغير حياتنا». وأضاف «يرفه المرء عن نفسه كي لا ينفجر».
ومعظم المتظاهرين الشبان يشكون من البطالة وخصوصا بعد 34 يوماً من الحرب بين حزب الله و «إسرائيل» في الصيف الماضي والتي ساهمت في تدهور الاقتصاد اللبناني.
وقال محمد دكروب (39 عاماً) الذي كان جالساً خارج خيمة من ضمن الخيام التي نصبت في ساحة لانتظار السيارات: «إذا كان هناك نرجيلة وكلام فهذه تظاهرة بطريقة حضارية. لن نسقط الحكومة بالأسلحة والدم».
ويخشى لبنانيون كثيرون من تحول هذه الأزمة إلى صراع طائفي بهدف خلق توتر بين المسلمين السنة والشيعة وبين المسيحيين الذين ينقسمون إلى فرق عدة.
وفي واحدة من أخطر الحوادث أطلق مسلحون النار على مجموعة من المحتجين أثناء عودتهم من تجمع للمعارضة في وسط بيروت في حي قصقص السني المتوتر وهو معقل للائتلاف المعارض لسورية.
وتوفي شاب أصيب بالرصاص في ظهره في المستشفى كما أصيب آخرون. لكن آخرين يشعرون أن الفصائل المتناحرة لابد أن تعود إلى طاولة الحوار.
وقالت سماهر دياب (30 عاماً) والتي تعمل مدرسة: «إذا بقوا يتظاهرون هكذا آجلاً أم عاجلاً كل شيء سيعود إلى مكانه... طريقتهم استفزازية وإضاعة للوقت»
العدد 1554 - الخميس 07 ديسمبر 2006م الموافق 16 ذي القعدة 1427هـ