يقولون إن مصائب قوم عند قوم فوائد لكن انتخابات المجلس الوطني الإماراتي التي ستجري ابتداء من السادس عشر من ديسمبر/كانون الاول الجاري على ثلاثة أيام أثبتت ان فوائد القوم أيضا تكون فوائد للقوم الآخر، إذ سجلت الانتخابات التي تمثل مرحلة مهمة جدا في الفكر السياسي للدولة وبداية للمشاركة الشعبية في الحكم مع بداية حملة الترشح نوعاً جديداً من الاستثمار يمكن ان يطلق عليه الاستثمار الانتخابي وهو ما تمثل في لجوء بعض شركات العلاقات العامة الى إطلاق دورات تدريبية للمترشحين تحت عنوان: كيف تكسب أصوات الناخبين وظهرت حتى الآن شركتان تقدمان هذه الخدمة الأولى في دبي وهي تتبع المجموعة العربية للإعلام التي تدير عدة محطات إذاعية وصحف أبرزها صحيفة «البيان» والثانية في رأس الخيمة وتتراوح كلفة الدورة التي ستكون مكثفة وقصيرة الأمد بحيث تتناسب مع الفترة البسيطة الباقية على موعد الانتخابات ما بين ثلاثة آلاف وخمسمئة درهم إماراتي (950 دولاراً) إلى عشرة آلاف بحسب حماس كل مترشح وقدرته على الاستيعاب السريع لفن كسب الناخبين.
وأشار مراقبون إلى ان هناك إقبالا جيدًا على تلك الدورات من المرشحين الطامحين لتسجيل أسمائهم بأحرف من نور في تاريخ الدولة باعتبار أنهم سيكونون أول من يدخلوا المجلس الوطني بالانتخاب، وزاد من الإقبال على تلك الدورات الزيادة الهائلة في أعداد المرشحين قياسا بعدد المقاعد المتاحة إذ يتنافس 456 مترشحاً على شغل 20 مقعداً نيابياً فقط تمثل نصف مقاعد المجلس الوطني فيما سيجري شغل النصف الآخر بالتعيين من قبل حكام الإمارات السبع وفقا لنسبة كل إمارة في المجلس.
والسبب الثاني لتزايد الإقبال على هذه الدورات قلة خبرة كل المترشحين في العملية الانتخابية كونها الأولى في حياة غالبيتهم كما انها ثاني انتخابات تجرى في الامارات على مستوى رسمي بعد انتخابات غرفة تجارة وصناعة أبوظبي التي أجريت العام الماضي، وبالتالي فإن غالبية المترشحين ان لم يكن كلهم في حاجة حقيقية إلى معرفة أساليب مخاطبة الناخبين وكسب ثقتهم والتأثير فيهم وهي أمور توفرها الدورات بكثافة وسرعة وكلا الأمرين مهم جدا في هذا التوقيت.
ومن المميزات الأخرى في هذه الدورات ان كلفها التي يدفعها المترشح لا تدخل ضمن السقف الذي حددته لجنة الانتخابات لكل مترشح للدعاية الانتخابية لنفسه وهو مليونا درهم بمعنى ان الالتحاق بها لن يضطر أي مترشح إلى التنازل عن بدائل أخرى من بنود حملته الانتخابية وهو أمر مشجع لكثير من المترشحين.
وعن ما يدور في هذه الدورات وكيف يمكن تلقين المترشح فنون التعامل مع الناخبين في مدة قصيرة تصل الى ثلاثة أيام وتزيد إلى سبعة قال مصدر في إحدى الشركتين ان الدورات تعطي المترشحين الأساسيات المتعارف عليها في هذا المجال مثل اختيار لغة الخطاب للناخبين وطرق كسبهم نفسيا وتقديم نفسه ومميزاته لهم لكن العامل الأكبر الذي يحدد نجاعة ما يتعرف إليه المترشح من عدمه يبقى في شخصيته هو وقدرته على تحويل تلك الأساسيات إلى سلوك فعلي كما يتوقف على قبول الناخبين للمترشح واقتناعهم بقدرته على خدمتهم من خلال وجوده في المجلس.
يذكران اللجنة الوطنية للانتخابات التي يرأسها وزير الدولة لشئون المجلس الوطني أنور قرقاش كانت قد وضعت عدة ضوابط للحملات الانتخابية منها إلزام كل مترشح بعرض برنامجه الانتخابي من خلال وسائل الإعلام المحلية كما يحظر على المترشحين إنفاق المال العام لدعم حملاتهم الانتخابية، كما تحظر الضوابط استغلال المجمعات التجارية والمرافق الحكومية والمدارس والمساجد والمعاهد في الحملات الدعائية وحددت اللجنة سقف الإنفاق بمليوني درهم كحد أعلى لتغطية الحملة الإعلانية لكل مترشح ومدتها أسبوعان تبدأ منذ إعلان القوائم الانتخابية النهائية أي في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل.
كما منعت اللجنة المرشحين من تلقي الأموال من الخارج وتلزمهم بالإفصاح عن التبرعات بحيث لا تفوق سقف المليونين علما أن اللجنة لديها صلاحيات كبيرة للسيطرة على الرشاوى والمخالفات الأخرى.
ومن المقرر ان تجري عملية الاقتراع التي ستستمر من الثامنة صباحاً حتى السابعة مساءً على ثلاث مراحل تتضمن التدقيق والتصويت والفرز إذ سيدلي أعضاء الهيئات الانتخابية لكل إمارة بأصواتهم لاختيار أحد المترشحين من خلال شاشة إلكترونية على ان تجري طباعة ورقة بذلك الاختيار لتوضع في صندوق خاص للرجوع إليها في حالة النظر في الطعون لكن حساب الأصوات سيكون إلكترونياً دون الاعتماد على الورق.
وفي حال تساوي الأصوات لبعض المترشحين يكون اللجوء الى الانتخاب التكميلي بوصفه أكثر عدلاً للمتنافسين
العدد 1561 - الخميس 14 ديسمبر 2006م الموافق 23 ذي القعدة 1427هـ