العدد 1544 - الإثنين 27 نوفمبر 2006م الموافق 06 ذي القعدة 1427هـ

تفعيل برامج مكافحة الفقر والجوع والمرض

طالب بها المنتدى العالمي للصحة العالمية:

صعدت الأوضاع الاقتصادية والسياسية في العالم من مشكلة الفقر، وعكست أزمة الصحة العالمية اليوم الفجوة الموجودة بين الدول وبعضها، وفي داخل الدولة ذاتها.

ومن خلال هذا المنطلق عقدت منظمة الصحة العالمية «المنتدى العالمي العاشر للبحوث الصحية والاقتصادية لمناقشة «قضايا العولمة والفقر في دول العالم كله والشرق الأوسط بمشاركة عدد كبير من الخبراء والمتخصصين في هذا المجال».

هدف المنتدى إلى تعزيز دور الاقتصاد والبحوث السياسية في مكافحة القضايا الصحية، التي باتت تهدد كل إنسان في العالم بمشاركة عدد من الخبراء المختصين في هذا المجال.

وأشار المستشار العلمي لمجلس العلوم والتكنولوجيا بباكستان أنور نسيم إلى الصحة والأمن الغذائي كأهداف إنمائية للألفية الجديدة، مذكراً التزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة نفسها بخلق عالم أكثر سلاماً ورخاءً وعدلاً، وأن تحرر هذه الدول الرجال والنساء والأطفال من ظروف الفقر المدقع، والعوز المجردة من الإنسانية، وأن يضعوا الحق في تحقيق التنمية كواقع للجميع، والتخلص من شعور الجنس البشري ككل بالحاجة.

ولعل الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة بها أغراض محددة يمكن قياسها، والمقرر تحقيقها بحلول العام 2015، وترمي إلى القيام بتحسينات محددة في حياة الفقراء، نظراً إلى أن التنفيذ يحتاج إلى أهداف هائلة، إذ يعيش اليوم 1.1 مليار شخص بأقل من دولار في اليوم الواحد منهم 430 مليوناً في جنوب آسيا، و325 مليوناً جنوب الصحراء الإفريقية،

و260 مليوناً في شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادي و55 مليوناً في أميركا اللاتينية.

أهداف الألفية

ويعيش الكثير من الأطفال حياة تتسم بالجوع والمرض، مستسلمين للموت المبكر في غالبية الأحيان، بالإضافة إلى ذلك، فهناك 1.6 مليار شخص يعيشون على ما يتراوح بين دولار ودولارين يومياً، ما دفع المنظمة وعدداً من المنظمات المعنية بالإنسان حول الأرض بوضع استراتيجية من أجل توفير حياة كريمة لجميع هؤلاء الأشخاص، وهي الأهداف العاجلة التي علينا تحقيقها بحلول العام 2015، ولعل أهمها القضاء على الجوع والفقر المدقع في بعض مناطق العالم، وتحقيق تعميم التعليم الابتدائي، مع تعزيز المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة وخفض معدل وفيات الأطفال، وتحسين الصحة الإنجابية للمرأة مع كفالة الاستدامة البيئية، ومكافحة فيروس الإيدز والملاريا وغيرهما من الأمراض.

وأضاف عميد كلية العلوم والصحة بالهند راجيف ديكار أن أزمة الصحة العالمية اليوم تعكس الفوارق الآخذة في الاتساع بين الدول وبعضها بعضاً، وداخل الدولة الواحدة، فلقد خلق التقدم العلمي والتكنولوجي للبعض صحة أفضل وعمراً أطول، ومع ذلك ازدادت أعداد الفقراء إلى حد غير مسبوق وأصبح قرابة 30 ألف طفل يفقدون حياتهم يومياً.

إذ يرصد تقرير مراقبة الصحة العالمي لعام 2006/2005 التباينات في الصحة، ويلفت الانتباه إلى الطرق والوسائل، التي يمكن أن تعمل من خلالها كل من الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية، لمواجهة هذه التباينات، فيمكن للعاملين في مجال الصحة أن يلعبوا دوراً حيوياً في تحويل الأفكار الخاصة بالحقوق الصحية الشاملة، ومفاهيم المواطنة العالمية إلى حقائق ملموسة مثلاً على الذين يعيشون في مناطق أكثر ثراءً ومسئولية خاصة للضغط من أجل التغيير، فلقد أدى الاعتماد المتبادل الناتج عن العولمة، إلى التأكيد هذه الواجبات الأخلاقية.

منظمات رعاية

وأشار ديكار إلى أن العالم بحاجة إلى منظمات دولية صحية متعددة الأطراف قادرة على تدعيم وحماية الصحة، وتقليل الفوارق الصحية بين مناطق وأخرى بالعالم، وعلى العاملين بمجال الصحة في العالم، سواء كانوا أفرادا أو منظمات أن يستغلوا تجمعاتهم المهنية، للدفاع عن صحة الفقراء والجماعات المهمشة من خلال الدعم المباشر لكفاح المجتمعات، للوصول إلى الموارد الطبيعية الرئيسية، كالأرض والغذاء والمياه، وكذلك الرعاية الصحية.

بالإضافة لدور الباحثين في مجال الصحة والسياسات العامة في توصيل المعرفة والمعلومات للمجتمع المدني، عن المحددات التي تقف وراء تردي المستوى الصحي، ولابد للعاملين أيضا الاهتمام بالواجب الأخلاقي أكثر من المهني خصوصاً، وهو الاهتمام بصحة الأشخاص الذين يعيشون في دول وتشجيع منظماتهم لتطوير شراكة طويلة الأمد مع المنظمات المناظرة للدول الفقيرة لدعم طويل الأجل يتضمن نقل الموارد والتكنولوجيا والخبرات للمناطق المحتاجه والقيام بحملات من أجل تغيير السياسات الصحية في هذه المناطق، وضمان تنفيذ هذه التغييرات مع مراعاة المعايير الأخلاقية والتقاليد لهذه البلاد.

وفيات الأطفال

وأشار أستاذ أمراض الدم الوراثية محسن الحازمي إلى أن ارتفاع معدلات وفيات الأطفال في العالم واستغرب من الربط بين الزراعة ونسبة وفيات الأطفال، فالعلاقة بينهما غير مباشرة، لكنها مهمة، إذ إن ما يقرب من نصف إجمالي وفيات الأطفال، تحدث بسبب سوء التغذية، التي تمنع الأطفال من المقاومة، وتقلل من مناعتهم الا أن الأطفال الذين يعانون من نقص طفيف في الوزن عند الولادة، من المرجح أن يتوفوا قبل تمام النضج مرتين أكثر من الأطفال ذوي الوزن الطبيعي، كما أن خطر الموت يزيد من 5 إلى 8 مرات في عدد الأطفال الذين يساء تغذيتهم بدرجة كبيرة أو متوسطة، وغياب العناصر الغذائية الدقيقة الضرورية يزيد من عرضة الأطفال الفقراء للأمراض، إذ تصاب المناطق الريفية بشكل أكبر بحالات وفيات الأطفال قبل سن الخامسة مقارنة بأطفال المدن، وزيادة إنتاج الغذاء وتحسين نوعية الأنظمة الغذائية للأطفال، والذي سيساعد في تقليل حالات سوء تغذية الأطفال، ونسبة وفياتهم خصوصاً في المناطق الريفية، كذلك ستسمح الدخول الأعلى من النمو الاقتصادي، الذي تدعمه الزراعة بالنسبة إلى الاسر، بصرف المزيد من المال على الغذاء والدواء، ما يؤدي أيضا إلى خفض معدلات وفيات الأطفال. إذ إن مشكلة ارتفاع نسبة الوفيات في الأطفال، هي نتيجة مزيج من ظروف معيشية فقيرة، متضمنة نظاما غذائياً ناقصاً ونوعية النظام الصحي والوصول إليه، وأضاف: إنه ليس من الغريب أن يرتبط الفقر بجميع أشكال الصحة المنصوص عليها في الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة، وانتشال أشخاص بعيداً عن الفقر من خلال زيادة فرص مكاسبهم، سيساعد في حل مشكلات صحية كبيرة، إذ يسهم النمو الزراعي والريفي في التأثير على الصحة، في المراحل الأولى للتنمية الاقتصادية.

إنفاق ترفيهي

وتقول أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأميركية قدرية الخضر: إن مقدار الإنفاق السنوي على المساعدات التنموية في مجال الصحة من قبل كل الدول المتقدمة، التي تبلغ 10 مليارات دولار أميركي، وهو يعادل ما تنفقه أوروبا على الآيس كريم فقط.

ففي الوقت الذي نمت فيه ثروة العالم بما يزيد على 15 في المئة منذ العام 1960، فإن المساعدات زادت بمقدار 10 في المئة فقط، وخرج نفوذ وثروة الشركات متعددة الجنسيات عن السيطرة، فمن بين أكبر مئة كيان اقتصادي في العالم، هناك 51 شركة تجارية، وتبلغ جملة مبيعات أكبر عشرين شركة تجارية 18 ضعفاً إجمالياً داخل أفقر 25 في المئة من سكان العالم.

وأضافت أن العالم الذي يعيشه اليوم مستقطب بشكل كبير، فبينما نرصد إحصاءات الصحة والفقر هذه التباينات، نلحظ خضوع كميات كبيرة من الموارد الطبيعية للدول النامية لسيطرة دول غنية عن طريق الكثير من الوسائل، والتي تتضمن قواعد الملكية غير العادلة، والشروط غير منصفة للتجارة، بالإضافة الى التواطؤ مع الحكومات الاستبدادية وغير الديمقراطية، هذا خلاف الشروط الاقتصادية، التي تفرض من خلال المساعدات التنموية، والجزء الأكبر من هذه الموارد يتم استخراجه والسيطرة عليه من خلال شركات متعددة الجنسيات، لا تخضع للمساءلة. وأشارت إلى أن عملية صنع القرار في كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مثلاً مبنية على مقدار الإسهامات المالية، ما يؤدي إلى هيكل تمثيلي مشوه، ففي البنك الدولي تمتلك الولايات المتحدة وحدها 17 في المئة من الأصوات، مقابل 7 في المئة تمتلكها 47 دولة تقع جنوب الصحراء الإفريقية، ما يشير إلى الهوة بين الدول الفقيرة والغنية، في تجارة غير عادلة تحد من التنمية في الدول الفقيرة، وتؤدي إلى تدهور بيئي وبطالة واستغلال عمالة وأخطار صحية لذلك على الدول الكبرى الالتزام بالتعهدات بفتح أسواق في الدول النامية، خصوصاً في مجال الزراعة والنسيج، وتقليل دعم منتجيها لتفادي منافسة غير عادلة، وتدمير صناعات صغيرة وعلى الحكومات الفقيرة إعطاء مزيد من الحرية لحركة حماية اقتصادياتها الضعيفة من المنافسة غير العادلة، وعلى البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي الإصلاح كي تعمل بشكل أكثر لصالح الشعوب الأفقر، وتسأل هذه المؤسسات أين دورها في تعزيز الفقر وعدم العدالة?

العدد 1544 - الإثنين 27 نوفمبر 2006م الموافق 06 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً