تحدث الشيخ حسن الصفار وهو أحد علماء المملكة العربية السعودية في أولى محاضرات المشروع الثقافي الذي أعلن عنه الشيخ حميد المبارك، وتناول الصفار موضوع «كيف نقرأ التراث»، وذلك بحضور عدد من علماء الدين، والأكاديميين وأعضاء من المجلسين الوطني والبلدي والشباب المثقف من الجنسين في بيت القرآن. وتناول الصفار محاور عدة في ندوته، فقد تناول في المحور الأول دواعي المراجعة وحددها بـ «الانبعاث العقلي الذي يدفع الإنسان لتفحص أفكاره وموروثاته، ولا يستسلم لها دون دراسة وتفكير، ومن الدواعي أيضا علاقة التراث بواقع الأمة فهو عنصر اساس في ثقافتها، وفي تكوين رؤية نحو العالم والحياة، وحين نجد واقع التخلف العميق، ونفكر في تجاوزه فلابد من مراجعة مكونات هذا الواقع، واسباب تجذّره».
ومن الدواعي الأخرى التي حددها الصفار للمراجعة «الانفعال الكبير بالتراث من قبل إنسان مجتمعاتنا، فالتراث عندنا هوية، ومأوى وبرامج وانشداد وارتباط، لذلك فشلت محاولات فك الارتباط بالتراث وارتدت، فتلاشت تيارات الالحاد، وتراجعت حالات الصدام مع الدين»، وطرح الصفار نماذج العراق وتركيا والجاليات في الغرب.
واضاف «الداعي الآخر هو المسئولية الدينية في تجديد الدين وتجلية مفاهيمه، إن نسبة شيء إلى الدين وهو ليس منه يعتبر افتراء على الله «ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا»، (الأنغام:21) وأيضا «ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب» (النحل: 116). وتابع «الداعي الأخير لمراجعة التراث هو المواجهة الحضارية الفعلية مع الحضارة الغربية، فقد أصبحت خطوط التماس الواضحة الظاهرة هي الثقافة والتراث، وإن كان للغرب استهدافات أخرى».
وعن المناطق التي تحتاج إلى المراجعة قال الصفار «إن أول منطقة تحتاج إلى المراجعة هي قضايا حقوق الانسان، فغالبية تراثنا قد تم إنتاجه في ظروف الاستبداد السياسي، وخضوع المؤسسة الدينية له لذلك أصبح التراث ذا نزعة استبدادية، تغيب فيه حقوق الإنسان، ويشرّع فيه واقع القوة، لذلك نجد ثقافة خضوع الرعية للراعي، والعامة لرجل الدين، والمرأة للرجل، ومن مناطق المراجعة أيضا العلاقة مع الآخر داخليا وخارجيا، وأيضا مهمة الإنسان في الحياة فهو موجود للإعمار واستثمار خيرات الكون، بينما هناك إغراق في قضايا الآخرة والاسترسال في القضايا العقدية». وعن منهج المراجعة أكد الصفار أن «التراث نصوص منقولة، وعادات وأعراف متوارثة، فبالنسبة إلى النصوص عندنا فهي القرآن الكريم والسنة النبوية، وحوادث السيرة والتاريخ، وأقوال العلماء والفقهاء والأدباء وهناك مهمات ثلاث أولها منهجية اثبات النص (طبعا ما عدا القرآن الكريم)، وبعدها منهجية فهم النص وتتأثر بتحديد مقاصد الشريعة وفهم أغراضها، ومعرفة الواقع، وتحديد الأولويات والتزاحم وهذا يحتاج إلى القيادة الواعية، والمؤسسات الخبرية»?
العدد 392 - الخميس 02 أكتوبر 2003م الموافق 05 شعبان 1424هـ