العدد 1010 - السبت 11 يونيو 2005م الموافق 04 جمادى الأولى 1426هـ

التعاون الاقتصادي العربي والخليجي

عبدعلي التناك comments [at] alwasatnews.com

-

لقد من الله سبحانه وتعالى على الوطن العربي بأسباب الحياة الرغيدة، والخير الكثير، فالأنهار تجري في أرضه، إضافة إلى التربة الصالحة للزراعة، والطقس المتنوع، البحار تحيط به من جميع الجهات، موقع استراتيجي يتوسط القارات، مهبط الديانات السماوية، يختزن في باطنه تلك المادة الثمينة التي تعتبر من أسباب سيرورة الحياة في العصر الحاضر "النفط". أمور كثيرة جدا تجعل من هذه البقعة جنة الله على أرضه، وكنا في الستينات ونحن طلاب في المرحلة الثانوية، يقوم بتدريسنا مدرسون من مصر، كما كان المنهج الدراسي المقرر علينا منهجا مصريا أيضا، وفي تلك الفترة كان المد القومي الناصري في قوته، فقد أخذ المفكرون العرب والقوميون بالتنظير للوحدة العربية، ويضعون ذلك ضمن المنهج المدرسي في مادة الجغرافيا، ومن ضمن الوحدة العربية الاقتصادية قيام السوق العربية المشتركة، وكان المدرس يدرسنا هذه المادة ويوضح لنا أسباب قيام هذه السوق، والنتائج التي ستنتج من قيام هذا التعاون الاقتصادي على الأمة العربية، لقد كان المدرس - وهو من مصر - يملأنا حماسا وقوة ويجعلنا نعيش في أحلام يقظة جميلة، بأننا سنكون قوة عالمية نفرض إرادتنا على المجتمع الدولي بوحدتنا وتعاوننا اقتصاديا، ومرت السنوات وبقيت هذه النظريات في ملفات رفوف الجامعة العربية. وفي الثمانينات من هذا القرن تأسس مجلس التعاون الخليجي فاستبشرنا خيرا، لأن هذه الدول أقرب إلى بعضها بعضا في كل شيء، العادات واللهجات وطريقة الأكل والملبس، وحين تسافر إلى أية دولة خليجية وتسير في الأسواق والطرقات لا تحس بغربة أو فرقة عن الوطن لأن كل ما تشاهده في بلدك تعايشه في هذا البلد الخليجي، بمعنى امكان أن يعيش المواطن الخليجي في بلد خليجي آخر، كما أن القرب النفسي له دور أيضا في هذه المسألة. فعقدت المؤتمرات الكثيرة وسنت القوانين وظهرت النظريات المختلفة وكلها تتحدث عن التعاون الخليجي، كما أن هذه الدول تمتلك من القوة النفطية ما يؤهلها لأن توفر الحياة السعيدة والمريحة لكل المواطنين، ولكن الغريب في الأمر أنه عندما تسافر وتنزل في مطارات بعض هذه الدول الخليجية، لا تشعر بأنك في بلد خليجي أو عربي، فجميع الموظفين أجانب، والأدهى من ذلك تلاحظ أن هؤلاء الموظفين يقومون بالتحدث بواسطة الميكروفونات النقالة بلغتهم القومية، لا اللغة العربية ولا اللغة العالمية "الإنجليزية"، فمن موظف مكتب الطيران إلى الاستقبال ثم بقية الخدمات من ترانزيت وغيرها، يقوم بها هؤلاء الموظفون الأجانب، هذا فقط في المطار، عجيب الأمر بلد خليجي لديه مشكلات البطالة وبلد آخر لديه مشكلات قلة الأيدي العاملة، فيستعين بالأجانب، بينما المواطنون في مجلس التعاون يعانون من البطالة، فأين التعاون الخليجي، لماذا لا تقوم دول المجلس بفتح مكاتب للتوظيف في الدول التي تعاني من مشكلة البطالة، فإن مواطني المجلس أحق من غيرهم في العمل فيه، كما أن هؤلاء العمال والموظفين الخليجيين إذا قرروا العمل في دول مجلس التعاون، سيقومون بعملية تحويل الأموال إلى بلد خليجي آخر، فلن تتأثر الحركة الاقتصادية في تلك الدولة التي وظفت الخليجيين، بل سينتعش الاقتصاد عن طريق تدوير الأموال في دول مجلس التعاون، فهل يأتي اليوم الذي نرى فيه مكاتب التوظيف للخليجيين تفتح في دول مجلس التعاون؟

العدد 1010 - السبت 11 يونيو 2005م الموافق 04 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً