العدد 1069 - الثلثاء 09 أغسطس 2005م الموافق 04 رجب 1426هـ

ضحك حقيقي على رغم كل شيء

متطفلو الأعراس

منصورة عبد الأمير mansoora.amir [at] alwasatnews.com

ما الذي يمكن ان ترغب فيه بعد انتهاء يوم عمل شاق وطويل؟. .. أمور كثيرة طبعا، لكن هل يمكن ان يكون من بينها "قليل من الضحك والفرفشة"؟... وإذا كان كذلك فهل يمكن أن ترغب في الحصول عليهما عن طريق مشاهدة فيلم؟ حسنا إذا كان الأمر كذلك، وإذا كنت ترغب في ضحك حقيقي فما عليك سوى المسارعة للتفرج على فيلم "متطفلي الأعراس" Wedding Crasher s. وحين أقول ضحك حقيقي فانني اعني انك ستجد فيلما كوميديا من نوع آخر، تختلف حبكته ونكاته وتفاصيله عن معظم الافلام الكوميدية التي تطرحها السينما الهوليوودية وكذلك العربية. نعم مع هذا الفيلم لن تجد كثيرا من كليشيهات الأفلام الكوميدية وثيماتها المكررة المبتذلة، مع احترامي لجميع نجوم الكوميديا من الخليج الى المحيط، من مصر إلى هوليوود!

الثيمة الأساس في فيلم الكوميديا الرومانسي هذا مختلفة الى أبعد الحدود، فلسنا هنا أمام فتى وفتاة يوقعان بعضهما في مقالب مختلفة حتى يوقعهما القدر في الحب أخيرا، وهذا ما يحدث طبعا في كل أفلام الكوميديا الرومانسية الهوليوودية. كذلك لسنا أمام شخص أبله غبي لا يحسن التصرف في أي شيء كما هو الحال في الأفلام العربية، عليه حظ من السماء ينصفه القدر في نهاية الفيلم ويزوجه من أحلى البنات كما تنزل عليه ثروة من الغيب.

هنا لدينا شخصان أقرب الى المحتالين أوقعهما القدر في شر أعمالهما، عملهما الأساسي هو التوسط في قضايا الطلاق، لكن تسليتهما الأم هي التطفل على حفلات الزواج واقتحامها لهدف واحد فقط هو... اصطياد الفتيات الجميلات لأهداف لا تحمل كثيرا من النبل والإنسانية! محتالا الفيلم هما فينس فوغن في دور جيرمي كلايث وأوين ويلسن في دور جون بكويث، ومنذ البداية لا نرى منهما الكثير سوى الانشغال التام باقتحام مختلف الحفلات، وأسأل هل يوجد في واقع الأمر شباب بمثل هذه التفاهة والضياع... أتمنى ألا يكون ذلك حقيقيا؟ عموما بطلانا ليسا بشابين بل انهما على ما يبدو يودعان آخر أيام شبابهما، أو لجعل العبارة ألطف لنقل انهما في منتصف عمرهما.

الربع الأول من الفيلم الذي لا نرى منه سوى مشاهد من حفلات أعراس مختلفة ورقص وصخب ولقطات مكررة لما يفعله الاثنان في كل حفلة بدا مملا، وكان لسان حالي هو "راحت فلوسك يا صابر"، لكن مهلا ما يحدث بعد ذلك أمر يستحق الانتظار. إذ تتبدل حبكة القصة فجـأة لنرى الاثنين وقد تورطا ورطة حقيقية حين فكرا في التطفل على زواج ابنة وزير المالية السيد كليري "كريستوفر والكين" ممنين نفسيهما بحفلة اسطورية وبفتيات من نوع آخر وبمتعة حقيقية. هذه المرة ينقلب السحر على الساحر إذ تتبدل الأدوار وبدلا من أن يضحكا على قلوب الفتيات يقعان في شر أعمالهما. يتورط جيرمي مع الابنة الوسطى للوزير غلوريا التي تغرم به منذ النظرة الأولى، وتقوم بدورها الممثلة الشابة ايسل فيشر، التي شاهدناها مسبقا في فيلم العام 2002 سكوبي دو Scooby Doo وأخيرا في فيلم العام 4002 I Love Huckabbies. وعلى رغم عدم حمله أية مشاعر حقيقية لها أو حتى اعجاب بها فإنه يجد نفسه في ورطة لا خروج منها، فالفتاة لم توهمه بأنه أول رجل تخرج معه وحسب، بل انها أخبرت والدها بكل ما جرى ودعتهما هو وصديقه جون لقضاء أسبوع في منزل العائلة الريفي. صاحبنا لم يملك قراره ولم يتمكن من الرفض خصوصا مع إصرار جون على قبول الدعوة والذهاب مع العائلة التي لا يعرفان عنها الكثير على رغم ادعائهما القرابة لها. والأخير طبعا له مآرب آخرى، إذ إنه وجد في هذه الدعوة فرصة ذهبية للتقرب الى كلير "راشيل ماك آدمز" الابنة الصغرى للوزير التي أوقعته في الحب منذ النظرة الأولى. وعلى رغم كون الفتاة مخطوبة فإنه اصر على ملاحقتها والتقرب منها بأي ثمن.

وطبعا تحدث الكثير من المواقف المضحكة يفتضح بعدها أمر الاثنين ويطردان شر طردة، لكن ولأنها كوميديا رومانسية فلابد من عودة ولقاء بين الحبيبين، جون العابث محب النساء التي تبدو هذه الفتاة وكأنها الخلاص له من هذا الطريق، والفتاة التي تهجر صديقها ابن الحسب والنسب وسليل واحدة من أكبر العائلات الأميركية تشاز "ويل فاريل" مفضلة هذا "العجوز" عليه! يلتقيان بعد قصة حب طويلة ومعاناة كبيرة لتترك الفتاة خطيبها و"تفركش" زيجتها منه مفضلة جون الذي يكبرها بعدد غير قليل من السنوات.

الفيلم وعلى رغم كون نهايته اعتيادية ومتوقعة، فإنه يترك اثرا مختلفا في مشاهده، هو مضحك للغاية، ولا يعود سبب ذلك الى خفة ظل أي من أبطاله، خصوصا فينس فوغان واوين ويلسن، وهذا رأي شخصي طبعا، إذ إنني أعلم جيدا انهما كوميديان لكني لست من معجبيهما. الضحك والظرافة في الفيلم تأتي من فكرة كل مشهد ومن الثيمة الأساس في الفيلم، بصراحة اتمنى أن أرى اثنين من العابثين يقعان في المطب ذاته الذي وقع فيه بطلا الفيلم!

الثيمة الأساس فعلا ظريفة، نعم ساعد على اظهارها البطلان خصوصا ويلسن الذي بدا متوافقا الى حد كبير مع ماك آدمز وبدا بينهما نوع من الانسجام و... الكيمياء ان كان يمكن استخدام هذا التعبير بالعربية. غلوريا التي ورطت فوغن تمكنت من تقمص شخصيتها بشكل كبير، فعلا اقنعتنا بمقدار هبلها وغبائها ولا مسئوليتها وطفولتها الزائدة.

عودة الى ماك آدمز الابنة الصغرى للوزير التي شاهدنا لها أخيرا كثيرا من الأعمال يأتي على رأسها الفيلم الكوميدي فتيات لئيمات Mean Girls الذي عرض في العام الماضي، وكذلك دراما العام نفسه The Notebook الذي أضاف الكثير الى رصيد هذه الممثلة الكندية الصاعدة واثبت قدراتها في المجال الدرامي. ماك آدمز كانت فعلا مناسبة لدورها، وكانت مقنعة ومناسبة لدور الفتاة الجذابة خفيفة الظل التي يمكن أن تشد أي رجل عابث وتوقعه في شر أعماله من دون أي قصد منها. ماك آدمز تظهر الآن في دور جديد مع فيلم "عيون حمراء" Red Eye الذي يحدث ضجة كبرى في أميركا وأوروبا هذه الأيام ويتوقع له نجاحا كبيرا والذي تأخذ فيه آدمز دور البطولة.

جين سيمور كذلك تظهر في الفيلم في دور زوجة الوزير وأم البنات التي لا يكترث لها زوجها فتقرر مغازلة ويلسن الذي يصغرها بكثير، الدور طبعا يظلم سيمور إلى حد كبير ويهمشها.

إخراج الفيلم لديفيد دوبكين، لم يبدو مميزا بأي شكل من الأشكال، اضافة الى ذلك بدا السيناريو الذي كتبه كل من ستيف فايبر وبوب فيشر مكتظا بكثير من التفاصيل والشخصيات وبدا كما لو أن الفيلم طال أكثر من اللازم، لن تشعر بالملل طبعا من مشاهدته لكنك لن تكون بحاجة مثلا لشخصية الصديق الذي يصطاد الفتيات الجميلات في المآتم والجنازات لقناعته بأن الحزن هو أكثر محرض لهن، وهو بذلك لا يتفق مع بطلينا اللذين يجدان في الأفراح الفرصة الأكبر والأفضل. كذلك لم أظن انه يجدر جعل الجدة بذيئة اللسان كما جاء في الفيلم، أو أن يكون القس شخصا لا يكتم الأسرار. صديق الفتاة أيضا كان ساديا الى أبعد الحدود وسيئا ولعوبا و كل ما يمكن أن يخطر على البال من الصفات السيئة ... ألا تجد الأمر مبالغا فيه؟

هي رسالة إذا لكل شاب مستهتر أو مودع لشبابه لعوب، لا تعبث مع النساء لأنك ستقع في شر أعمالك يوما ما ومن دون أن تشعر. وهو أيضا فيلم مضحك على رغم الكلمات البذيئة وبعض التصرفات غير المقبول عرضها على الشاشة، لكنكم ستضحكون بعمق وستتخلصون من كثير من تعب العمل وارهاقه وستجدونه فيلما يستحق المشاهدة

إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"

العدد 1069 - الثلثاء 09 أغسطس 2005م الموافق 04 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً