العدد 1548 - الجمعة 01 ديسمبر 2006م الموافق 10 ذي القعدة 1427هـ

إنهم يخيِّرون الأمّة بين الاحتلال والحروب الأهلية

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

إننا نخشى أن يكون حديث البعض عن الحروب الأهلية في العراق وفلسطين ولبنان، هو محاولة لوضع المنطقة بين خياري الاحتلال أو الحروب المتنقلة، مع ان الأمة لن تسقط أمام كلمات التهويل، بل إنها ستختار مقاومة الاحتلال لقطع الطريق على محاولاته الرامية إلى إحداث فتن داخلية، فهناك مواقع محصّنة في الأمة تمنع ذلك، على رأسها وحدة السنة والشيعة في مواجهة المشروع الأميركي دفاعاً عن الإسلام، وفي مواجهة الحرب الأهلية التي تمثّل رغبات أميركا و”إسرائيل”. ومن اللافت فعلاً أن تنطلق التصريحات التي تشير إلى حروب أهلية قادمة في لبنان والعراق وفلسطين من المواقع نفسها التي حاولت التسويق سابقاً لمقولة “الهلال الشيعي”، بحيث تبدو الصورة العربية أو الإسلامية أمام العالم وكأنها صورة الاقتتال الداخلي، بينما يُنتزع منها العنصر - المشكلة المتمثّل في الاحتلال والتدخل الأجنبي، سواء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين أو الاحتلال الأميركي للعراق والتدخل الأميركي في الملفات الداخلية لدول المنطقة، إذ إن ما يجري في لبنان من تدخّل أميركي بالتفاصيل الداخلية حتى الهامشية يشكل دليلاً حاسماً في السعي الأميركي إلى قتل كل الفرص الآيلة إلى تحقيق الاستقرار الداخلي. إننا نلمس فعلاً أن هناك تغذية أميركية لكل حالات العنف السياسي في المنطقة، وكذلك العنف الأمني وحتى العنف الطائفي، لأن الإدارة الأميركية عملت على تغذية هذه الأنواع من العنف لتحقيق نبوءة رئيسها بالفوضى البناءة، ثم استدارت على نفسها وعملت على تشجيع خيارات العنف المتصاعدة كوسيلة من وسائل التغطية على فشلها في المنطقة، أو كواحدٍ من الحلول التي تجعل الهروب الأميركي من العراق يتمّ على أساس الأرض المحروقة بعد تمهيد السبيل لكل خيارات الاقتتال الداخلي. إننا نخشى من أن يكون حديث البعض عن الحروب الأهلية في لبنان والعراق وفلسطين، هو في إطار وضع المنطقة بين خيارين: فإما أن تقبل بالاحتلال الجاثم على صدرها في العراق وفلسطين والمتطلع إلى السيطرة على كل حقول الطاقة والمواقع الاستراتيجية، وإما أن تتحضّر للحروب الأهلية المتنقلة التي تريح أميركا و”إسرائيل”، والتي كانت خياراً أساسياً من خيارات المستعمرين والمستكبرين عندما تفشل خططهم الاستعمارية ومشروعاتهم الجهنمية.

إن على الأمة ألا تسقط أمام كلمات التهويل، لأنها الأمة التي تملك الطاقات الحية، ليس على مستوى ثرواتها الطبيعية فحسب، بل على مستوى إنسانها وشبابها الذي استطاع أن يهزم الاحتلال في أكثر من موقع، وخصوصاً في لبنان وفلسطين. وإذا كان ثمّة من يضعها بين خياري الاحتلال أو الحرب الأهلية، فعليها أن تختار مقاومة الاحتلال وقهره وإخراجه من أرضنا المحتلة لقطع الطريق على كل محاولاته الرامية إلى إحداث فتنة داخلية، لأننا نعرف أن الاحتلال في فلسطين والعراق هو الذي يعمل على تشجيع كل الأجواء الممهدة لحروب وفتن داخلية. إننا في الوقت الذي نعرف أن الحرب الأهلية هي واحدةٌ من رغبات وطموحات “إسرائيل” وأميركا، نشعر بأن في الأمة مواقع حصينة منعت وستمنع ذلك، سواء من خلال التصدي المباشر للاحتلال ولأعداء الأمة، أو من خلال العمل لتوحيد الصفوف الداخلية وخصوصاً بين جناحي الأمة من السنة والشيعة لينطلق الجميع في مسيرة الدفاع عن الإسلام وعن الحقوق المسلوبة للأمة كلها، وليعملوا على منع إضفاء الطابع الطائفي على الخلافات السياسية، لأن المشكلة في المنطقة هي في العمق بين من يعمل لتوفير الشروط الملائمة لإنجاح المشروع الأميركي والإسرائيلي ومن يعمل لإسقاط هذا المشروع

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 1548 - الجمعة 01 ديسمبر 2006م الموافق 10 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً