العدد 1582 - الخميس 04 يناير 2007م الموافق 14 ذي الحجة 1427هـ

حذارِ من إثارة المسألة المذهبية في المسألة السياسية

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

إن على المسلمين ألاّ يتحركوا في خطوط الفتنة المذهبية التي يريدها الاستكبار والبعض لهم، أو في خط التفرقة لأن أحدهم يختلف عن الآخر في بعض الخطوط العقيدية والفقهية والفكرية والسياسية، فالله أراد للمسلمين أن يلتقوا على الإسلام كله وأن يردوا خلافاتهم إلى الله ورسوله في ما يتنازعون فيه، لا إلى غرائزهم وعصبياتهم وخطوطهم التكفيرية في ما يكفر المسلمون فيه بعضهم البعض.

إن البعض في لبنان يحاول تحريك الفتنة المذهبية حتى في القضايا السياسية، حيث نعيش منذ مدة في خلاف سياسي بشأن ما يتعلق بمسألة حكومة الوحدة الوطنية بحيث تثار المسألة وكأن هناك تحركا ضد السنة، وان المطالبة بالمشاركة تثير فتنة مذهبية أو طائفية. إن هذا المنطق الذي يقول به، للأسف، علماء دين ليس منطقا إسلاميا، لأن قضية الحكومة وكيف تكون، وما هو برنامجها لحل مشكلات الناس، فهذا أمر يتعلق بمصالح الناس جميعا.

إن الذين يحركون هذه القضية بطريقة دينية مذهبية وغرائزية، إنما يحركون غرائز الناس وعصبياتهم وأهواءهم، لهذا عليهم أن يتقوا الله في الناس ومصالحهم، لأن المسألة في لبنان مسألة سياسية كغيرها من المسائل السياسية لا علاقة لها بالإسلام حتى من حيث هو عقيدة وشريعة في هذا المجال. فنحن لا نختلف في الخطوط الشرعية لهذه الحكومة أو تلك بل في الخطوط السياسية لها.

إن الأزمة التي يعيشها لبنان الآن ليست مسألة داخلية وإن كان محركوها لبنانيين، ولكنها تتصل بالخطوط الدولية والإقليمية في مسألة الصراع على القضايا الكبرى في المنطقة. فنحن نرى أميركا التي تفشل إدارتها ويفشل رئيسها في العراق، يريد جعل لبنان ساحة لنجاحه، وهي تتحرك مع حلفائها على أساس التدخل في خصوصيات القضايا السياسية التي يختلف عليها اللبنانيون، وهو ما نلاحظه في جولات السفير الأميركي اليومية في الساحة اللبنانية. إننا نطالب اللبنانيين أن يرتفعوا لمستوى المرحلة، ولمستوى المصلحة الوطنية الكبرى، لأننا لا نريد للشعب كله أن يتحرك بحدود الإثارة الغرائزية والمذهبية بل العمل على الروحية الوطنية والمواطنية المخلصة والصادقة.

إن العالم الإسلامي يتعرض لحركة استكبارية تقف الآن للسيطرة على هذا العالم كله، لأنه يختزن أكثر الثروات النفطية في أرضه، ويمثل الاستراتيجيات التي يحتاجها هذا المحور الدولي أو ذاك. وقد خطط الاستكبار العالمي- ولا يزال- بقيادة أميركا ليبقى المسلمون في حالة اهتزاز واضطراب وعدم استقرار دائم. لقد تآمر الغرب كله على فلسطين ولا تزال قضيتها تراوح مكانها ويزداد واقعها سوءا، و»إسرائيل» تتوسع وتتمدد. ثم جاءت أحداث 11 سبتمبر/ايلول التي استغلتها أميركا فاحتلت بذريعتها أفغانستان والعراق والصومال، وتعمل على تهديد إيران ومحاصرتها بفرض العقوبات الدولية تحت ذريعة برنامج إيران النووي السلمي في الوقت الذي لا يحرك العالم المستكبر ساكنا بوجه «إسرائيل» وترسانتها النووية العسكرية.

لقد سمعنا أخيرا أن البعض يحاول في تصفية الطاغية صدام حسين الذي أعدم بالأمس أن يحرّك المسألة في الإطار المذهبي. في الوقت الذي نعرف جميعا أن صداما قد أربك العالم الإسلامي والعالم العربي في حروبه وسياساته، وأربك شعبه وقضى على شعبه ومعارضيه دون تمييز مذهبي بينهم. إن البعض يشير إلى أن صدام كان سيئا، والحقيقة أنه كان طاغية وديكتاتورا صادر شعبه لحساب الاستكبار العالمي. فحذار... حذار... حذار من إثارة المسائل السياسية بعناوين مذهبية، لأن هذا ما يهدف إليه الاستكبار المنقض على الواقع (العربي والإسلامي) كله. إن أميركا تثأر من العالم الإسلامي، وتريد تدمير الإسلام وإعلان الحرب عليه ثقافيا وسياسيا وأمنيا واقتصاديا بحجة دمقرطة العالم العربي والإسلامي، كما تثير الفتن وتغذي التطرف والتكفير بين أبناء الأمة جميعا.

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 1582 - الخميس 04 يناير 2007م الموافق 14 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً