العدد 1582 - الخميس 04 يناير 2007م الموافق 14 ذي الحجة 1427هـ

المسلمون في أستراليا... بين الاندماج والتطرف

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

جاء رد الفعل العنيف على تعليقات رجل الدين تاج الدين الهلالي المشينة بشأن الملابس غير المحتشمة التي ترتديها النسوة والتي في نظره تجذب الرجال إلى اغتصابهن. ولكن وفقا لما تظهره التقارير التي عرضتها وسائل الإعلام، عن سلوك الشبان المسلمين، لاتزال القضايا التي أثارها النقاش بشأن اندماج المسلمين تسيطر على المسلمين الاستراليين. فقد طرد ولدان مسلمان من كلية إيست بريستون كوادج، في فيكتوريا؛ للتبول على الإنجيل، ما أجبر المدير على اتخاذ أقصى الإجراءات في حقهما.

وفي هذه الأثناء، كان على الفائزة المسلمة بجائزة «نيو ساوث ويلز» الأسترالية للشباب السنوية الدفاع عن نفسها أمام الحملة التي أقامها ضدها موقع إسلامي للشباب على الإنترنت لشربها الشمبانيا.

والسؤال عن اندماج المسلمين في المجتمعات الكبرى والآثار الاجتماعية للتعدد الثقافي والتهديد الأمني الذي يشكله المتطرفون، كلها موضوعات تتصدر التعليق على الإسلام والمسلمين. ويأتي كل هذا في أعقاب الاستنفار الأمني في أوروبا، والذي يشمل متطرفين مسلمين، حقيقيين أو مزعومين، وقد يكون هذا الخلط للقضايا مفهوما وإن لم يكن منتجا على الصعيدين السياسي والاجتماعي.

على أية حال، إن فكرة التهديد الداخلي الإسلامي ليست جديدة تماما. ويعود هذا الأمر إلى الخلط بين المعارضة والخيانة، فلطالما جوبهت خيارات كانبيرا السياسة الخارجية في الشرق الأوسط بالرفض بين المسلمين الأستراليين. وأساء بعض المراقبين فهم هذه العزلة السياسية عن سياسات الحكومة واعتبروها عدم وفاء تجاه أستراليا.

وإذا طبقت هذه الفكرة على أي كان يصبح الربط بين المعارضة والخيانة غير معقول، بينما عندما يطبق على المسلمين يصبح الأمر أكثر منطقية. هذا المنظور الخاطئ، الذي غالبا ما تروج له الصحافة المصغرة والسبقات الصحافية، قد ألحق ضررا كبيرا بالثقة المتبادلة بين المسلمين وغير المسلمين. وعلى رغم عدم إعلان ذلك، فإن معظم الانتقادات ضد التعددية الثقافية تشير إلى التنافر المتأصل بين كون الشخص مسلما أو أستراليا. فالنقاش بشأن القيم الاسترالية وتعذّر انخراط المسلمين بهذه القيم مبني على افتراض خاطئ، ألا وهو الاعتقاد أن قيم المسلمين تختلف عن قيم الأستراليين.

والأهم من ذلك، هو أن هذا الموقف يفترض أن نظام المسلمين الأجانب يربط المسلمين الأستراليين بتهديد خارجي. وبصراحة، يُنظر إلى المسلمين في أستراليا كطابور خامس يدعم الجهاد العالمي. والرد البدهي للسياسيين لهذه المشكلة كان تأكيد أهمية الأفكار الآتية: إن أفكار التطرف الإسلامي وعدم التسامح تهدّد الأفكار الليبرالية الديمقراطية. ومن المفارقة أن يتشارك الإسلاميون هذا الإعجاب بالإعلانات الخطابية، وهم يقولون العكس: إن الديمقراطية والليبرالية هما خدع صهيونية لتدمير الإسلام. إن كلا النهجين قد يتسببان بأضرار جسيمة، والمثل الفارسي القديم يقول: «يكفي غبي واحد ليوقع شيئا ثمينا في البئر، ولكن يحتاج العثور عليه إلى مئة حكيم».

يأتي الهوس بالايديولوجية على حساب التقييم المتوازن لقضايا حقيقية تتعلق باندماج المسلمين في أستراليا. فقد شكلت الحكومة الأسترالية في العام الماضي مجموعة مرجعية للمجتمع المسلم؛ لتأمين المشورة بشأن القضايا الأكثر أهمية التي تؤثر بشكل عكسي على المسلمين، وبالتالي على أمن أستراليا، وأيضا بشأن أفضل الطرق لتجنب التطرف. ووضعت المجموعة المرجعية قائمة بالمجالات الرئيسية التي تتطلب الكثير من الاهتمام، وكان أهمها: مسائل التعليم والتوظيف، والبنية التحتية الداعمة للنساء لتسهيل الاندماج الاجتماعي. كما أشارت المجموعة أيضا إلى الحاجة إلى تعزيز فكرة المنح الإسلامية - الأسترالية.

إن تدريب الأئمة المحليين على قيادة المسلمين ليس بالفكرة السيئة، إلا أن تأثيره قد يكون محدودا أكثر مما تريد الحكومة الاعتراف به. إلا أن ثمة عيبين في هذا النهج، العيب الأول أنه يفرض بسط سلطة القيادة الإسلامية على أكثر من 300 ألف مسلم أسترالي.

وتشير التقديرات إلى أن نسبة إقبال المسلمين على المساجد تبلغ 30 في المئة، أي أن معظم المسلمين الأستراليين لا يذهبون إلى المساجد، وبالتالي لا يتلقون التوجيه من الأئمة. كما أن المسلمين الأستراليين لا يشكلون مجموعة متجانسة. أما العيب الثاني فهو أنه يقلل من أهمية العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تؤثر على اندماج المسلمين. فعلى سبيل المثال، مستوى البطالة بين الشباب المسلم أعلى بكثير من الحد الوطني، وخصوصا في ضواحي سيدني الغربية. لقد حان الوقت لتصحيح الحقيقة، وينبغي علينا الاعتراف بالتنوع بين المسلمين الأستراليين، فالتكريس الديني ليس من صفات المسلمين الرئيسية. كما ينبغي علينا أن نضع أفكار الشباب المسلم المعادية للمجتمع في الإطار الأكبر لعدم الرضا الاجتماعي - الاقتصادي واللا انتماء السياسي. فالمجتمع المندمج بقوة نادرا ما يلجأ إلى تطويع مجندين جدد في عملية «الجهاد». وتنبغي إعادة توجيه السياسة العامة نحو تسهيل آليات الاندماج بدلا من إشراكها في حملة ايديولوجية لروح الإسلام.

*مدير مركز دراسات السياسات الإسلامية في جامعة موناش في أستراليا والمقال ينشر بالتعاون مع خدمة «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1582 - الخميس 04 يناير 2007م الموافق 14 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً