العدد 1589 - الخميس 11 يناير 2007م الموافق 21 ذي الحجة 1427هـ

في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال

علي الشرقي ali.alsharqi [at] alwasatnews.com

كلمات نورانية، صدّرها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، تحمل في طياتها معاني كثيرة وكبيرة، جديرة بالتأمل وإعمال الفكر، علّنا نخرج من خلال هذا التفكير بحصيلة مناسبة تعيننا على التمييز بين الغث والسمين من الأمور والأشخاص والمواقف، وخصوصا بعد اختلاط الموازين، وتشابك المقاييس، وتقلب الأحوال عند كثير من الناس. فكم من فرد ادعى الثبات على المبدأ، والاستقامة على نبل الهدف والوسيلة، ولكنه تنكّر وأدار ظهره للمبادئ والأهداف التي كان يحملها ويدعو إليها ويحث على اعتناقها بمجرد أن تغيّرت أحواله على أكثر من صعيد. فقد كان يزعم انه «معارض» لمن يملك المال والجاه، معارضة تختلف من شخص إلى آخر، ولكنه بمجرد تقريبه من هذه الجهة أو تلك، تغيرت نبرة خطابه مئة في المئة، وانقلب على ذاته، وتنكّر لأقرب المقربين إليه حتى لو كان أبا أو أما. لقد كان حريا بهذا الشخص أو ذاك أن يدرك أن «دوام الحال من المحال» وأن الجهة التي تقربك اليوم، بإمكانها أن تتنكر لك وتدير ظهرها إليك، فتصبح فردا عاديا لا حول لك ولا قوة كأي فرد في المجتمع، بل أضعف ممن سواك، هذا إذا لم يتنكر إليك المجتمع بأسره، أو بأكثره، جراء ما سببته له من أضرار.

أما الشخص أو الأشخاص أو المجتمع الذي يعطي فردا ما وزنا أكثر من وزنه، وحجما أكثر من حجمه، لمجرد كونه قريبا أو مقربا لهذه الجهة أو تلك، فهم - من دون شك - شركاء في ما يحصل لسائر المجتمع من خسائر فادحة، ذلك انه جعل مصالحه الشخصية فوق أي اعتبار، وسكت عن قول كلمة الحق واتخاذ الموقف المناسب والمطلوب، في الوقت المناسب والمطلوب.

فهل يعي هذا الشخص أو ذاك، ممن يلهثون وراء مصالحهم الذاتية على حساب مجتمعهم، أنهم سيحاسبون بتهمة الأنانية وحب الذات والإضرار بمصالح الناس - معظم الناس - فـ «حاسِبوا أنفسكم قبل أن تحاسَبوا، وراقِبوها قبل أن تراقَبوا، وزنوها قبل أن توزَنوا» واعلموا رحمكم الله أن «في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال».

إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"

العدد 1589 - الخميس 11 يناير 2007م الموافق 21 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً