العدد 1630 - الأربعاء 21 فبراير 2007م الموافق 03 صفر 1428هـ

نخلط اليأس بالأمل لنواصل العمل التطوعي لحماية البيئة

خولة المهندي comments [at] alwasatnews.com

رئيسة جمعية اصدقاء البيئة

عندما أتحدث عن العمل البيئي التطوعي وعن إنجازات جمعية أصدقاء البيئة وتميز أعضائها يحدوني الأمل بغد مشرق وتضيء وجهي ابتسامة وتفاؤلا وربما فرحة! وعندما أقرأ في الصحف عن المشروعات والمخططات التي تدمر البيئات (الموائل) المهمة ولاسيما البحرية منها وهي تعلن كما لو كانت إنجازا حضاريا، المخططات التي تحاك ثم لا تعلن إلا عند اكتمال الحياكة، فإنني أمتلئ غضبا واستياء ثم أقرأ أن هذه المشروعات حصلت على موافقة «الجهة المعنية» فيتحول استيائي إلى حال قريبة من اليأس.

عندما نجهد لحماية موئل مهم ثم يدمر رغما عن الجميع وبمباركة الجهة الحكومية المسئولة عن حماية البيئة (الجهة المعنية)، وعندما نعلن أن المشروع الذي يقام على تلك الأرض سيدمر موئلا مهما أو أن المصنع المعني يلوث الهواء أو التربة أو الماء ويأتينا رد «الدفاع المهاجم» لا من المستثمر أو صاحب المصنع أو حتى الشركة التي تنفذ أعمال الحفر والدفن في البحر، بل من الجهة الحكومية «المعنية»، فإن أقل ما نصاب به هو التفاجؤ المحبط، وتبقى وسيلة وحيدة للخروج من ذلك الإحباط وهي محاولة الدفاع عن المظلوم ورفع الظلم بذلك المسمى بالذات وتسمية الظالم ظالما، فدون ذلك لا يكون هناك أدنى معنى لأي دفاع أو أي رفض لما وقع.

كي أشجع «هاشم» و «أحمد» و «صابرين» و «سلمان» و «فاطمة» و «غادة» و «تركي» وزملاءهم من لجنة ريم، عليَّ أن أشعرهم بالإنجاز وقيمة عملهم وإسهامه في حماية البيئة، ويجب أن أجد وسائل لأبرهن لهم على التقدير الكبير الذي يلقاه جهدهم من قبل الآخرين. وعليَّ أن أقنع أسرهم (الذين هم أساسا مترددون بشأن إلحاق أبنائهم بعمل تطوعي لأجل البيئة) بذلك أيضا. ولكي أكسب للبيئة المزيد من المتطوعين ولاسيما من الأجيال الجديدة فلابد من أن أقنع المجتمع أيضا بذلك (أي أن هذا العمل موضع تقدير من الجميع وأنه سيؤدي إلى نتيجة ولن تذهب كل الجهود الصغيرة والكبيرة سدى).

مهمة صعبة جدا جدا، وخصوصا عندما لا أكون مقتنعة بذلك أصلا! جدوى العمل أو التقدير الحقيقي من الآخرين ولاسيما من ينتظر منهم التقدير... إنما أسعى حثيثا لإقناع الجميع كي لا يفقد الأمل! وكي «لا تنقطع المروءة في الصحراء»! في لحظات الصدق التي أواجه فيها نفسي بعد ليالٍ متصلة من الكد والعمل لحماية مزرعة أو التوعية بقضية بيئية مهمة، أسال نفسي: هل حمينا البيئة؟ هل حافظنا على الموارد الطبيعية؟ هل أنقذنا كائنا حيا من الانقراض؟ الطريق طويلة والنجاح في مشوار حماية البيئة، ومعايير ذلك النجاح مختلفة باختلاف الواقع والممكن و»الظروف الإنسانية التي تحكم مصير البيئة»!

تغيير سلوك بسيط لدى 30 تلميذا بمدرسة ابتدائية واحدة كأن يتوقفوا عن رمي النفايات من نافذة السيارة نجاح! إحداث التغيير ذاته في 10 مدارس متفرقة نجاح أكبر. خلق قائد بيئي واحد على الأقل في كل مدرسة ينشر «الدعوة» بين زملائه وأسرته إنجاز. غرس نبتة صغيرة من ضمير بيئي لدى هؤلاء التلاميذ إنجاز أكبر. إقناع بعضهم على الأقل أن أفعالهم تؤثر على البيئة وأن «كل قضمة تحتسب» و «كل غرس يجعل الأرض أقوى» هو تحقيق لهدف من أهم أهدافنا ولا ريب.

السؤال هو: هل سيؤدي ذلك إلى إنقاذ المتبقي من مزارع البحرين؟ وهل سيبقي على ثروات البحر وموائله؟ نحن لو نجحنا في خلق أجيال واعية بيئيا تصل إلى مواقع العمل المنتج بعد 20 سنة أو لنقل حتى 10 سنوات فهل نضمن أن مزارع البحرين وسواحلها وموائلها المهمة ستكون موجودة حينها كي تحمى؟

قد يكون لدينا بعد 10 سنوات جيل واعٍ بيئيا وبيئة مدمرة كليا فلا يكون للحفاظ على البيئة معنى حينها وكل ما يمكن المناداة به هو إعادة تأهيل ما يمكن إعادة تأهيله في ظل فقر في الموارد يجعل الكلفة الباهظة لإعادة التأهيل سدّا منيعا حتى في ظل وجود أفضل النوايا.

هل نبدأ في الدعوة ونشر الوعي بشأن إعادة التأهيل من الآن اختصارا للوقت إذا؟ هل ننسى المتبقي من الموائل موقنين أنها إلى زوال، عملنا أم لم نعمل، ونبدأ في التركيز على فرض التعويضات وعلى سياسات وخطط إعادة التأهيل؟ سيناريو مظلم جدا ومخيف، وفي الوقت ذاته واقعي جدا جدا وللأسف!

ولكن أليس صحيحا أن المستقبل في علم الغيب؟ وأن الله سميع بصير شاهد شهيد وأنه العدل وإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون؟ وأن جلّ جلاله وعدنا أن يغيّر حالنا إذا غيرنا ما بأنفسنا؟ وأنه تعالى لا يضيع عمل عامل منا؟

الأمل إذا باقٍ...

إقرأ أيضا لـ "خولة المهندي"

العدد 1630 - الأربعاء 21 فبراير 2007م الموافق 03 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً