العدد 1649 - الإثنين 12 مارس 2007م الموافق 22 صفر 1428هـ

لنجعل من المسجد الأقصى منطلقا للمواجهة

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

إن الاستكبار العالمي - بقيادة أميركا - لا يفهم معنى الحرية وإن تحدّث عنها، ولا يفهم أو يقيم وزنا لحقوق الإنسان وإن نظَّّر لها، فأميركا تصادر العالم كله، وتتحدث بذهنية الامبراطورية المستبدّة التي تريد السيطرة على كل موقعٍ في العالم، حتى باتت تضغط على الاتحاد الأوروبي الذي صار يتحرك على هامش السياسة الأميركية.

لقد قالت أميركا للعراقيين الذين عانوا في ظلّ النظام السابق: إننا نريد تحريركم من الظلم والاستبداد والدكتاتورية، وإذا بها تحتل العراق وتقتل شعبه وتثير الفتن فيه وتشجّع التكفيريين، ساعية إلى تحقيق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة كلها، من أفغانستان إلى العراق، مرورا بلبنان وفلسطين.

المسلمون يواجهون اليوم الفتنة الكبرى التي أثارتها المخابرات الأميركية في العالم الإسلامي بين السنّة والشيعة، وذلك من خلال أجهزتها الأمنية، وتحرّك بعض المتخلّفين هنا وهناك، ولاسيما من لا يفهمون الإسلام في جوهره وفي مضمونه وفي رسالته، بل يتحركون على أساس حليّة دماء المسلمين الآخرين، واتّهامهم لهم بالارتداد أو الكفر، فإذا بالمحتلّين والتكفيريين يجتاحون العراق بنسائه وبأطفاله وبشيوخه، في السوق والشارع والجامعة ومراكز الشرطة ودُور العبادة؛ ما يعزِّز نظرية الاحتلال في ادّعائه ضرورة البقاء طويلا للسيطرة على مقدّراته وعلى ثرواته.

قد يكون السؤال الآن هو: ما مشكلتنا؟ هل هي استحضار التاريخ الإسلامي بين السنّة والشيعة، أم الاحتلال الأميركي للعراق الذي أسقط ما يقرب من مليون من العراقيين بيدٍ عراقية تكفيرية وبأيدٍ عربية وأميركية؟

في الواقع، علينا أن نفتّش عن أميركا في كل مشكلة في العالم؛ لنفتّش عن أميركا في مصادرة الثروات في العالم، وحركة الفتنة والقتل فيه، وإثارة النُعرات الطائفية والمذهبية.

لقد حرّكت أميركا الفتنة في لبنان من خلال مخططها الإسرائيلي للقضاء على المقاومة فيه؛ لتجعله ساحة للضغط على إيران وسورية والمقاومة في لبنان وفلسطين، فهم لم يستطيعوا إسقاط المقاومة بالقوة العسكرية؛ ولهذا نجدهم قد حرّكوا أصابع فتنهم الطائفية؛ ليخلقوا الكثير من الحساسيات والنُعرات والمشكلات بين أبناء هذا البلد، ونراهم يتحركون ليضغطوا على كل مواقع القوة في محيطنا، من إيران وسورية والمقاومة وأفغانستان والسودان، حتى الصومال الذي تثأر أميركا منه على هزيمتها فيه.

ومع كل الفتنة الأميركية داخل أرجاء العالم الإسلامي، هل سمعتم باقتراح «إسرائيل» الذي دعت فيه إلى إصلاح المبادرة العربية في بيروت، والقاضي برفع حقّ العودة للشعب الفلسطيني من شتاته، حيث هجِّر واغتصبت أرضه؟

من المضحك المبكي تبني بعض القادة العرب الكلام والمخطّط الإسرائيليين، إذ يبحثون عن كيفية لإخراج هذا التنازل إلى العلن كما تنازلوا عن لاءات قمة الخرطوم: لا صلحَ، لا مفاوضاتِ، لا اعترافَ، ثم كان الصلح والمفاوضات والاعتراف بلا ثمن أو مقابل...

مسئوليتنا أن تبقى فلسطين الإسلامية العربية في العمق والقلب، وتبقى المقاومة في كل واقعنا، ويبقى المسجد الأقصى المهدّد من «إسرائيل» منطلقا للمواجهة.

إن «إسرائيل» تريد من الفلسطينيين أن يوقعوا لها على ورقة «الطابو»؛ لشعورها بعدم شرعيتها ومعرفتها ذلك ولو وقّع لها العرب جميعا، وهي تهمس لبعض العرب بتنازلها عن دولةٍ مسْخٍ مقابل ذلك. لهذا تضغط مع بعض العرب على «حماس» لتعترف «حماس» بـ «إسرائيل».

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 1649 - الإثنين 12 مارس 2007م الموافق 22 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً