العدد 1696 - السبت 28 أبريل 2007م الموافق 10 ربيع الثاني 1428هـ

بين أعداء الشجر وأعداء البحر وممثلي الشعب

خولة المهندي comments [at] alwasatnews.com

رئيسة جمعية اصدقاء البيئة

لا أشعر برغبة في كتابة مقالي الأسبوعي فأنا محبطة بيئيا! بالأمس كتبت بيانين أحدهما لمحاولة تنبيه السادة النواب قبل أن يصوّتوا بتمرير مشروع مؤسسة جسر قطر - البحرين، والآخر دفاعا عن الحزام الأخضر من نيابيين وبلديين «مؤتمنين» يودون أن يمنحوا الإذن لافتراسه وتقاسمه.

لماذا أردنا أن يكون لنا برلمان ومجالس بلدية؟ هل يستطيع أحد تذكيري بالسبب؟!

الساهرون على حماية مصالحنا والدفاع عن ثرواتنا الطبيعية والذين انتخبناهم (أو لم ننتخبهم لنكون دقيقين) هم الساعون جهدهم اليوم لتدمير ما تبقى من ثرواتنا البيئية بدءا بفشت العظم وخليج توبلي وسواحل سترة ووقوفا عند الحزام الأخضر والاستمرار عبر بيئاتنا البحرية من صوب وحدب.

فمع اقتراب الاحتفالات بيوم البيئة الإقليمي تحول «التقنيات الإعلامية» دون وصول بيان المجتمع المدني للنواب والناس في حينه، ويصوت نواب الشعب ضد مصالحه، وتتعالى صيحات جديدة ضد الحزام الأخضر.

دفاعنا عن الحزام ليس جديدا، وكذلك تعالي الصيحات ضده؛ الفارق الوحيد في القصة هو الصائحون. فمنذ قبل 2003 كنا نجاهد عبر «الحملة الوطنية للدفاع عن الحزام الأخضر» و»مسيرة الجمعة الخضراء» ونشر «قانون حماية النخيل» لنتصدى للأصوات العالية والأفعال الشرسة من قبل المستثمرين حينئذ ومن يحب البعض أن يسميهم «المتنفذين».

أما اليوم وبعد أكثر من أربع سنوات فإن الصيحات ذاتها بل وبصور أكثر شراسة وبأساليب أكثر تغلغلا فيما يصل لسمع المواطن البحريني، تأتي من ممثلي الشعب ورعاة حقوقه!

وعليه فإن أهمية الحزام الأخضر بيئيا وتراثيا وصحيا ووطنيا وإنسانيا وكقانون لهذا البلد يجب احترامه لم تتغير بل ربما زادت مع زيادة تقلص المساحات الخضراء.

ما هو الداعي لارتفاع الأصوات لحرب الحزام الأخضر من جديد؟

«حوط» و»جرائم» و»قضايا أخلاقية»؟ يا لها من مسرحيات سمجة، سخيفة في منطقها مضللة في حبكتها تريد الوصول لشيء واحد وهو تشويه سمعة «الحزام الأخضر» بأسلوب شبيه إلى حد بعيد بما يفعله البشر ممن اعتادوا فعل ذلك مع بعضهم بعضا ولم ينتبهوا إلى من يتحدثون عنه ليس إنسان آخر (بكل مساوئ ومحاسن الإنسان)، ولكنه زرع ونخل وثمر ومنظومات حيوية وكائنات حية تعيش من خلالها وفق اتزان وتفاعل وتكامل يحفظ لنا ما ننعم به من مقومات الحياة من هواء نقي وأمن غذائي واتزان حيوي.

في البيان المشترك لمؤسسات المجتمع المدني قلنا ونقول ثانية نحن نريد إعادة إحياء الحزام الأخضر بإعادة استصلاح مناطقه وتنميتها بيئيا وتراثيا وسياحيا وفق مبادئ السياحة البيئية التي أفردنا لها مقالات على مر الأشهر الماضية. وهذا هو مطلب الجميع ماعدا أعداء الحزام الأخضر.

أشعر أن الرد على ما ورد في المقالات «المحمومة» أو التحقيقات «الخالية من الحقيقة» التي قرأتها في الوسط وجرائد أخرى واجب ليس على البيئيين بل على كل من يشعر بالانتماء لهذا الوطن وكل من يقدر للكلمة حقها وللصحافة أمانة رسالتها وللمنطق معناه وللوعي والثقافة دوره. وأشعر أنني لا أريد أن أرد بل أريد أن أقرأ الردود.

أشكر الكاتب البحريني الوطني الانتماء الصادق الحس قاسم حسين على ما بدأ به من خلال مقالاته اليومية التي قرأتها وشعرت بين كلماتها بمعاناته وألمه لما يحاول «أعداء الحزام الأخضر» الوصول إليه والوسائل التي امتطوها لتحقيق ذلك.

تلقيت اتصالا من أحد المواطنين البسطاء وأنا أكتب هذا المقال الذي يشع من إحباطي في هذا اليوم الحزين الذي صوت فيه عشرون من نوابنا على تمرير مشروع مؤسسة جسر قطر - البحرين. صوّتوا على التمرير وأسأل كل منهم أمام الله إن كان يعرف مترتبات تصويته هذا وإن كان يعرف حجم المسئولية التي نحمله جميعا إياها عن كل تدمير سيقع على بيئتنا البحرية.

اتصل بي أبو أحمد الذي كان يحاول الاتصال بي منذ عشرة أيام أثناء وجودي خارج البحرين وعبّر عن ألمه واستيائه لما يكتب بشأن الحزام الأخضر قائلا: «يريدون معاقبة الشجر على جرائم البشر؟ أرثي لحال الشعب لأن النواب يساعدون الآخرين على تدمير بيئة هذا الشعب».

«ما علاقة البلديات بمسئوليات الأمن؟ هلا التفتوا لمسئولياتهم وواجباتهم الكبيرة تجاهنا؟ أليس حماية النخل والزرع من مهمات البلديات الأساسية؟»

كان يتحدث بسرعة خوفا منه على وقتي وكنت أصغي له باهتمام تام فلقد كان «بوأحمد» يتحدث بلسان حالي ويبكي لألمي: «يقولون الحزام الأخضر خال من الأشجار؟ مَنْ قتلها؟ فليأتوا معي وأنا أريهم ما تبقى من مزارع البلاد القديم وغيرها ممن لم تطله أيديهم بعد.. لماذا يكذبون؟».

«ألم ننتخبهم؟ ما الفرق بينهم وبين مَنْ كانوا ينتقدونهم؟ الطير في البلاد الأخرى يحمى كحق عام أين حقوقنا نحن؟ أين المتنفس لهذا الشعب؟ لماذا يريدون القضاء على حق الفقير في الهواء النقي؟».

وقبل أن يذهب «بوأحمد» قال لي: «أخاف أن يأتي يوم من الأيام لا نستطيع أن نتنفس! ألا يشتكي الجميع من أزمة تلوث الهواء؟ أليسوا هم أنفسهم من ينادون بتدمير الحزام الأخضر؟» ثم أضاف بتردد : «ربما الموضوع لا يعنيكم كبيئيين لكنني سأقوله: لأنني مقهور! الأمن الغذائي مهدد، لو جن بوش ذلك المجنون وقرر شن حرب على المنطقة، سيتخلى عنا الجميع وتنقطع المأكولات والمشروبات التي نشتريها من الخارج، لن نجد ما نأكله حتى التمر الذي أبقانا أحياء في الماضي..لن يكون هناك تمر!».

أتساءل أنا: لماذا يا أبو أحمد لم تكن أنت وأمثالك من المواطنين الذي لم يضع لديهم المنطق بعد، من ضمن من انتخبناهم ليمثلوننا ويرعون مصالحنا؟

إقرأ أيضا لـ "خولة المهندي"

العدد 1696 - السبت 28 أبريل 2007م الموافق 10 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً