العدد 1765 - الجمعة 06 يوليو 2007م الموافق 20 جمادى الآخرة 1428هـ

من ينتصر على سوبرمان؟

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

يقولون إن «عدنان ولينا» يهود، وأن قصة الرسوم المتحركة التي شغلتنا صغارا بين عدنان البطل , وعبسي خفيف الظل، ولينا الفتاة الرقيقة هي كلها شخصيات رمزية لقصة يهودية دينية لما سيحصل في نهاية الكون، وأن لينا ما هي إلا فلسطين التي تحتاج دوما إلى حماية ومساعدة. كل هذه المعلومات تم تبادلها بالبريد الالكتروني بشرح مفصل للشخصيات الكرتونية ودلالاتها، وبغض النظر عن صحة هذا التفسير من عدمه، يمكننا أن نستكشف بقليل من البحث أن كثيرا من الشخصيات الكرتونية التي غذت ولا تزال تغذي عقول الأطفال وحتى الكبار أحيانا بقصصها هي شخصيات تتحرك في إطار قصص ذات محتويات دينية على اختلافاتها. ربما نصاب بالاستغراب عندما نعرف أن فكرة «السوبرمان» التي بدأت كرسوم « كومكس» في مجلة مصورة كانت من ابتكار شابين يهوديين مهاجرين من نيويورك هما سيجيل وشوستر العام 1933، إذ يبدو أن اليهود كانوا دوما في سعي لابتكار بطل يمتلك قوة لا تقهر ليحميهم. « البوكيمون» الياباني أيضا يمتلك خلفية دينية بوذية ، فيما لا يبتعد أشهر الرسوم المتحركة كالرجل الوطواط « بات مان» أو الرجل العنكبوت « سبايدر مان» عن مضامين دينية من نوع معين. من الطبيعي أن نفهم لماذا يلجأ مبتكرو الرسوم والشخصيات الخيالية إلى المخزون الديني والثقافي في رسمهم للحبكات القصصية لتلك الشخصيات ورمزيتها، فهي رسوم موجهة للطفل بالأساس، تساهم بالتالي في نشأته الفكرية والسلوكية، من هنا يتضح النقص الحقيقي في وجود شبيه لكل تلك القصص ينبع من مخيلة إسلامية مبتكرة. وليست الدعوة هنا لعمل رسوم متحركة « إسلامية»، بقدر ما هي دعوة للبحث عن بديل متوازن وعصري ومبتكر لكل تلك الرسوم المتحركة المستوردة غالبا من ثقافات أخرى، بحيث يمكن لهذا البديل العصري أن يحقق المعادلة الصعبة، فيكون مشوقا أنيقا حديثا، وفي الوقت نفسه يساعد الطفل على التعرف قليلا على هويته وثقافته الأصلية. ربما هذا ما كان يحاول أن يقوم به المؤلف الكويتي نايف المطوع عندما ابتكر أبطال مجموعته القصصية المصورة « التسعة والتسعين» في إشارة منه لأسماء الله الحسنى.

جبار، بارئ، نورا وغيرهم جميعا من الأبطال الخارقين في تلك المجموعة القصصية التي نشرها المطوع بتمويل من مصرف استثماري إسلامي بحريني كما ذكر تقرير نشرته «البي بي سي» العربية أخيرا. وتتمحور قصة هؤلاء الأبطال الذين ابتكرهم المطوع - وهو حاصل على الدكتوراه في مجال علم النفس الإكلينيكي- على أسلوب مزج التاريخ بالأسطورة وإعادة كتابة الحدث على أساسها، إذ تجري حوادث القصة في محطة تاريخية حقيقية من التاريخ الإسلامي وهي سقوط بغداد على يد المغول في القرن الثالث عشر وتدمير مكتبة دار الحكمة الشهيرة وإلقاء كتبها في نهر دجلة. وتقول القصة «إن حراس دار الحكمة علموا بخطة المغول وأعدوا سائلا سحريا يسمى «ماء الملوك» ووضعوا به 99 من الأحجار الكريمة تمكنت بدورها من امتصاص العلوم والمعارف والحكمة من الكتب التي ألقيت في دجلة.

وجرى فيما بعد تهريب الأحجار من بغداد إلى غرناطة حيث بقيت هناك نحو 150 عاما حتى سقوط غرناطة العام 1492 وهو العام ذاته الذي انطلق فيه المستكشف كولومبوس للعالم الجديد حيث وضعت الأحجار في عدة سفن وانتشرت في أنحاء العالم».

ومن خلال القصة يتعين على 99 بطلا من 99 دولة الحصول على تلك الأحجار قبل أن يحصل عليها الأشرار من أجل امتلاك القوة والحكمة، عبر حوادث حركية كثيرة تهدف كما ذكر المؤلف المطوع إلى تعزيز فكرة أن «المشكلة ليست في الإسلام وإنما في الأشخاص الذين أرادوا تسييس الإسلام لمصالحهم الشخصية». أبطال التسعة والتسعين محاولة أخرى يتيمة ضمن محاولات إسلامية معدودة ومتفرقة للوصول إلى الطفل الذي سيتحكم يوما في مستقبل هذا العالم، فهل يتمكن هؤلاء الأبطال من التغلب على أساطير «سوبر مان» ؟

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1765 - الجمعة 06 يوليو 2007م الموافق 20 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً