العدد 1804 - الثلثاء 14 أغسطس 2007م الموافق 30 رجب 1428هـ

بلاد الغرب التي رأيت (2)

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

النظام والدقة وتطبيق القانون هما سمات أساسية للمجتمع الأوروبي. كل أمورهم تسير بحسب النظام واحترام الإنسان، بل والحيوان أيضا! تجد الناس تخرج من بيوتها صباحا وبرامجها محددة بجدول زمني صارم. حركة القطارات و»الاندرغراوند»، الباصات والتكاسي تتم وفق جداول زمنية محددة وقاطعة، وبوسع المرء ضبط ساعة يده، أو مواعيده بحسب حركة الباص الفلاني أو الاندرغراوند الفلاني.

مفتاح نجاح كل أمر، وأولى الخطوات على الطريق الصحيح لحياة الإنسان، هي مسألة إدارة الوقت، وذلك ما يردده دائما المتخصصون في الإدارة.

ومن مظاهر النظام والدقة والالتزام بالقوانين في دول الغرب، انك تجد الناس واقفة على ناصية معينة وعلى رغم عدم وجود سيارات تسلك الطريق، إلا انك تجدهم متوقفين متسمرين في أماكنهم لغاية إضاءة العلامة المحددة لعبور المشاة. ووالله حتى الكلاب - أعزكم الله - لا تعبر وتنتظر مع صاحبها لحين إضاءة الإشارة باللون الأخضر والسماح لعبور المشاة.

للمشي على الرصيف نظام محدد. إذ تجد علامات مرسومة على الطريق نفسه توضح لك أي الجوانب تسلك إن كنت ذاهبا وأيها إن كنت قادما. وكذلك للدراجات الهوائية، وهي كثيرة جدا، مسارات محددة. لا هذه ينبغي لها أن تطغى على تلك، ولا هؤلاء يتحركون في مسار أولئك.

تطبيق القانون في دول الغرب شاهدته قبل ذهابي إلى أوروبا، ففي إحدى السفارات الغربية في البحرين، كنا ننتظر في طابور الحصول على تأشيرة، وجاءت سيدة من «علية» القوم وأومأت إلى الموظفة التي تعمل في السفارة بأنها (أي السيدة) مرافقة لعدد من الشخصيات المهمة في البلاد، ولذلك فهي تريد تخطي أحد الشروط المطلوبة للحصول على تأشيرة... طبعا السيدة كانت تعتقد بأن الموظفة ستؤدي لها تعظيم سلام وستقف على رجليها أو تزحف على ركبتيها تلبية لطلب السيدة المرافقة لشخصيات مهمة في البلاد، إلا أن الموظفة رفضت تجاوز الشروط ونهرتها بطريقة لا تخلو من إحراج أمام الحاضرين، فكانت ردود الفعل لمن حضر ذلك المشهد شعورا بالمساواة وارتياحا تاما وغبطة للأوروبيين على تلك الانضباطية والالتزام بالأنظمة والقوانين.

كان من المفترض أن نكون، نحن العرب والمسلمين، قد سبقنا المجتمعات الأوروبية في الحفاظ على جوهر وروح الإسلام، والذي يحث على الالتزام بالمواعيد والمواثيق والأنظمة والقوانين والمساواة بين البشر، إلا اننا - مع كامل الأسف - لا نلتزم بمواعيدنا ولا مواثيقنا حتى أمام إشارة مرور حمراء! هم اليوم في تقدم مذهل، ونحن اليوم في تخلف مذل، صدروا إلينا كل سوءاتهم، وحجبوا عنا كل إيجابياتهم، مذ الاستعمار كانوا يفعلون بنا الأفاعيل...

والأنظمة العربية والإسلامية، و»يا عيني» على الأنظمة، التي لا تستحق أن توصف بأنها أنظمة، وعار لغويٌ يلطخ لغتنا العربية أن نسميها أنظمة... فلا هي أنظمة و»لا حاجه»، إنما هي مجموعات تسيطر على أراض مليئة بالثروات و»هات يا هبر». وتلك الأنظمة (العصبوية) استوردت كل شيء من الغرب، وتركوا أجمل وأرقى ما وصلت إليه الحضارة الإنسانية لدى الغرب، ألا وهي حقوق الإنسان والمساواة أمام القانون والعدل بين الناس! استوردوا الانحطاط والعري والتهتك وأفلام البورنو وثقافة الكولا السائلة من الغرب، واستوردوا «كرابيج» وجلاوزة الاستعمار لكي يستعبدوا الناس، وصدوا عن حقوق الإنسان والعدل بين الناس وإقامة العدالة الاجتماعية وتطبيق القانون والانضباط. وللحديث بقية، إن كان في العمر بقية.

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1804 - الثلثاء 14 أغسطس 2007م الموافق 30 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً