العدد 1878 - السبت 27 أكتوبر 2007م الموافق 15 شوال 1428هـ

سواسية أمام القانون!

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

لعلّ من أبرز ما يعيق عجلة الإصلاح ويجعلها تتقهقر إلى الوراء في أيّ قطر من أقطار الدنيا، أنْ يشعر الناس في ذلك القطر أنهم ليسوا سواسية أمام القانون، وأنّ القانون سيف مسلط على رقاب بعضهم دون البعض الآخر، وهذا الشعور آفة الإصلاح، بل هو الجدار الحديدي الصلب في وجه التغيير والتطور والنمو.

دستور مملكة البحرين أدرك هذه الحقيقة وأدرج مادة خاصة بمساواة جميع الناس أمام القانون وذلك في مادته (18) والتي تنصّ على أنّ «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامّة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة».

لا يمكن للإصلاح أنْ يتنفس نسيم الحياة إذا تم إغفال المادة السالفة الذكر، وحسنا فعل المعنيون بكتابة تقرير ديوان الرقابة المالية، الذين رصدوا عدّة مخالفات في عدد من المؤسسات الرسمية تخالف المادة (18) من الدستور، ووثقوها في تقريرهم كمخالفات وأوصوا بإصلاحها.

من بين تلك المخالفات ما قامت به وزارة الداخلية عندما قامتْ بإعفاء أفراد العائلة الحاكمة من الرسوم الخاصة بالإدارة العامّة للمرور، بل أنّ إدارة المرور لم تكتف بذلك وقامتْ بإصدار قرارات إدارية داخلية تبين الفئات المعفية ومن بينها العائلة الحاكمة، والقوات الأميركية أيضا من بعض رسوم تسجيل المركبات، بل حتى رسوم رخص السياقة، كلّ ذلك من دون سند قانوني! على الرغم أنّ وزارة الداخلية هي المعنية الأولى بتطبيق القانون، وإحالة المخالفين إلى السلطة القضائية إلاّ أنها وعلى ما يبدو اعتبرتْ نفسها المعنية بضبط المخالفين، وغير معنية بتطبيق القانون، وهو أمر يحتاج إلى توقف من قبل الوزارة؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه!

قبل ثلاثة أعوام أيضا وتحديدا في العام 2004 سجّل ديوان الرقابة المالية مخالفة على وزارة الكهرباء والماء حين تطرّق إلى تنفيذ مكرمة رئيس الوزراء بشأن إعفاء الأسر المحتاجة من رسوم الكهرباء والماء، إلاّ أنّ التقرير أشار إلى أنّ 2183 أسرة محتاجة لم تستفد من المكرمة! بينما استفاد منها 23 شخصا من العائلة الحاكمة، ووزير واحد، و4 وكلاء وزارات و6 وكلاء مساعدين بالإضافة إلى 1831 أسرة محتاجة فقط استفادت من المكرمة!

وهو أمر حاولتْ وزارة الكهرباء أنْ تبرره بخلل في برامجها الحاسوبية، وأنها ستقوم بتحصيل رسومها ممن لا تنطبق عليهم الشروط، ولا أدري كيف أخطأ الحاسوب في 23 فردا من العائلة الحاكمة بالذات! و11 مستفيدا بينهم وزراء ووكلاء ووكلاء مساعدون!

مشكلة كثير من الجهات الرسمية لاتزال غير قادرة أنْ تستوعب أنّ جلالة الملك يريد لأفراد عائلته أنْ يستظلوا مع عامّة المواطنين تحت سقف قانوني واحد، لذلك تجد المؤسسات تتسابق في سن أعراف غير قانونية معتقدين وهما وخيالا أنهم بذلك يرضون جلالته، ناسين أو متناسين غافلين أو متغافلين أنّ ديوان الرقابة المالية الذي لم يتحرز من رصد مخالفات لها علاقة بأفراد من العائلة الحاكمة، إنما هو ديوان مصدر صلاحياته جلالة الملك، وجلالته من أمر بتشكيله.

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 1878 - السبت 27 أكتوبر 2007م الموافق 15 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً