العدد 1878 - السبت 27 أكتوبر 2007م الموافق 15 شوال 1428هـ

حروب النفوذ وراء معاقبة بي بي 2/4

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كان ذلك الخبر قبل أن تنشأ شركات الحفر والتنقيب الدولية ويصبح من أقطابها عائلة بوش، ولهذا السبب كان لورانس روكفلر يشحن تلك الأسلحة كهبات لقائد الثورة الفيتنامية هوتشي منه تحريضا للثورة على الفرنسيين وطردهم من فيتنام. وبالفعل فهم الجنرال الفيتنامي جياب Giap الرسالة وثار على الفرنسيين الذين انهزموا في معركة ديان بيان فو Dien Bien Phu العام 1954.

لا ينبغي أن يفهم من هذه الحادثة أي نوع من العلاقة المشبوهة بين الثورة الفيتنامية والإدارة الأميركية، بقدر ما كان الأمر فهم راق لدى قيادة الثورة الفيتنامية في أسس إدارة الصراع، وفن نسج التحالفات، وإستراتيجية وضع الأولويات في سلم التناقضات مع العدو الخارجي.

لذلك عندما دخلت أميركا المعركة ضد فيتنام بعد انقسامها إلى شمال وجنوب، وبعد حقبة مريرة من الحرب والدمار الذي شهدته فيتنام وراح ضحيته 57000 أميركي ونصف مليون فيتنامي، حقق روكفلر هدفه وأصبح مستعدا لبدء أعمال الحفر فور انتهاء مفاوضات السلام التي تزعمها من جانب الولايات المتحدة هنري كيسنجر المساعد الشخصي لنيلسون روكفلر والحائز بعد ذلك جائزة نوبل للسلام، وما إن تكللت تلك المفاوضات بالنجاح على أنقاض ملايين من القتلى والجرحي والمشوهين والمشردين الذين لا يعرفون لماذا حصل كل هذا، حتى بدأ تقسيم كعكة فيتنام، فقد تم تقسيم سواحلها إلى قطع على كل من شركة ستاندرد أويل الأميركية، وشركة ستاتويل النرويجية وبريتش بتروليم البريطانية، وشل الهولندية وشركات أخرى من روسيا وألمانيا وأستراليا، تسد نهمهم وتقي سكان المنطقة شرهم.

الدولة الأخرى التي تبلور فيها الصراع بين الاحتكارات النفطية البريطانية والأميركية كانت إيران. لقد تميز استكشاف واستغلال النفط الإيراني بثلاث خواص أساسية: فقد كانت إيران أول دولة في الخليج والشرق الأوسط يتم استكشاف النفط فيها، ففي العام 1901 منح شاه إيران امتيازا «لوليام نوكس» أحد المقامرين البريطانيين للتنقيب عن النفط في أي مكان داخل إيران، وتم العثور على النفط لأول مرة في العام 1908 في منطقة مسجد السليمان، وتم تشكيل شركة النفط «البريطانية – الفارسية» العام 1909 وتغير اسمها بعد ذلك ليكون شركة أنجلو- إيرانيان العام 1935، وصارت إحدى فروع شركة بريتش بتروليم.

وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وعلى رغم التوسع الهائل في أعمال شركة أنجلو – إيرانيان دب الشك وعدم الثقة بين الشركة والسلطات في طهران وانصبت الشكاوى من الجانب الإيراني على الوضع الاحتكاري للشركة، والعلاقة الوثيقة للشركة مع الحكومة البريطانية، وعدم الرضا من جهة أخرى بالشروط المالية للامتياز.

وتصاعدت حدة الأزمة حتى وصلت إلى قرار التأميم في أبريل/نيسان العام 1951 ما مهد السبيل إلى ظهور شركة النفط الإيرانية الوطنية التي انتقلت إليها أصول شركة أنجلو – إيرانيان، وصارت بمثابة الوكالة الحكومية المسئولة عن إدارة جوانب صناعة النفط الإيرانية كافة. وقد تزعم الحركة الوطنية في ذلك الوقت رئيس الوزراء محمد مصدق الذي أجرى إصلاحات اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق. وفي العام 1953، حين هرب الشاه من البلاد لفترة قصيرة، دبرت المخابرات الأميركية (CIA) انقلابا ضد مصدق، وصار السفير الأميركي في طهران واحدا من أقوى الرجال، ورد الشاه الجميل فأصدر في العام 1964 قانونا يكفل للجنود الأميركيين كافة في إيران الحصانة ضد أي اعتقال أو اضطهاد، ولما اعترض الإمام الخميني على ذلك بشدة تم نفيه إلى تركيا ثم إلى فرنسا. في أعقاب ذلك تم توقيع اتفاق بين الحكومة الإيرانية الجديدة مع ما عرف باسم «الكونسورتيوم» الذي تألف من شركات نفط عالمية هي كما يأتي: بريتش بتروليوم، ورويال دتش شل، وغولف، وموبيل، وستاندرد أوف كاليفورنيا، وتكساكو وأيريكون أجانسي، وكانت شروط هذا الاتفاق هي الشروط نفسها التي رفضتها حكومة مصدق بعد التأميم.

وبالإضافة إلى التغلغل الأميركي التدريجي في صناعة النفط الإيرانية – على حساب الحصة البريطانية - الذي بدأ بحيازة الشركات الأميركية لنسبة 40 في المئة من اتفاق الكونسورتيوم السالف الإشارة إليه والموقع في العام 1954، كانت للولايات المتحدة مصالح استراتيجية في طهران باعتبارها حاجز الصد ضد التوسع السوفياتي في الشرق الأوسط وغرب آسيا.

لكن في العام 1979 بدأت الولايات المتحدة فرض العقوبات ضد إيران عقب اقتحام السفارة الأميركية في طهران. وأصبحت العقوبات الاقتصادية ضد إيران أكثر تشددا في منتصف التسعينات بتوقيع عدد من القرارات التنفيذية من جانب الرئيس الأميركي كلينتون، ثم صدور قانون العقوبات ضد إيران وليبيا.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1878 - السبت 27 أكتوبر 2007م الموافق 15 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً