العدد 1903 - الأربعاء 21 نوفمبر 2007م الموافق 11 ذي القعدة 1428هـ

الإعلام والبحوث والعلماء

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

في لقاءٍ مع العالم المصري محمد نشائي على قناة النيل الثقافية استمتعت بغزارة معلوماته التقنية والعامة في حواره الذي أشار فيه إلى أن مشكلاتنا في عالمنا العربي المؤدية إلى الفقر ليست في عدم وجود العلماء أو ضحالة في التفكير وإنما ترجع إلى فقر الإعلام وما يحيط بالبشر في عالمنا من موادَّ وموضوعات علمية عامة، ومحدودية الإمكانات للتعرف إلى آخر الاختراعات والاكتشافات في العالم فالنشرات والكتب والأحاديث العلمية في الإعلام تكاد تكون معدومة مقارنة بالتلفزيونات الغربية والجو العام فيها الذي يميزها بكثرة وجود مثل تلك الموضوعات على مدار الساعة! ولقد شبّه ذلك بعقد مقارنة بين الإنسان في ألمانيا الذي لم يدخل الجامعة بخريج الجامعات في بلادنا، بمن فيهم حملة الدكتوراه، فوجد أن الألماني متمكن من معلومات غاية في الدقة والأهمية، وهو قد يتفوق على العربي لضحالة معلوماته على رغم دعمها بالشهادات! وذكر أن السبب في ذلك ليس لأن الغربي أكثر ذكاء، ولكن لأنه محاط بجو اجتماعي علمي في كل مكان يتحرك فيه وبشكل مدروس وموجه، وحينما تعطى الأولوية للمبدعين وتصعيدهم ومساعدتهم على كل ما يريدون وكذلك لعامة الشعب بتوفير العلوم بوفرة في المكتبات العامة في كل حي وكل ما يريدون الحصول عليه من المعلومات بكل يسر وسهولة!

إن الإعلام لدينا مازال راقدا في القرون الماضية، وهو يفضل - بإصرار - التواصل في تقديم الفنون الهابطة من الغناء والعري والرقص الرخيص وكثرة المهرجانات التافهة التي تتداول الفئة الدنيا من ضحالة الفنون والثقافة! ومعظم المؤسسات التعليمية مازالت متمسكة بالروتين في حشو الأدمغة بموضوعات وموادَّ من القرن الماضي وغير متواصلة في تقديم العلوم الحديثة من الاكتشافات والأمور الحيوية ونشرها بنشرات دورية على الملأ! وإن وجدت مثل هذه العلوم فهي قد تخبأ في الأدراج ربما لصعوبة التداول بشأنها أو عدم فسح المجال لذلك وبالتالي عدم الاستفادة الحقيقية وحرمان العامة من الناس منها!

إني متأكدة من وجود أعداد كبيرة جدا لدينا من العلماء والعباقرة الذين لم تتوافر لهم الفرص للظهور ظاهرة علمية، فاختفى البعض وتقاعس أو أصابه الإحباط وتراجع في التواصل مع نبوغه أو ربما بدأ ممارسة الأعمال الحرة لكسب العيش، أو العمل في وظيفة وقتل ذلك الإبداع الذي لم ولن يجد فرصته للظهور! أو أنهم هاجروا ووجدوا فرصا رائعة في بلاد أخرى وانتسبوا إلى جنسياتها؛ هروبا من ضيق العقول في تنمية الموارد البشرية لدينا! وأضاف نشائي أن أنشتاين لا يعتبر فلتة علمية! وقال: “إذا ما توافر الجو الملائم والتشجيع المادي والمعنوي لعمل تجارب في العمل فسيكون لدينا الكثير من أمثال أنشتاين وأشباهه. إن اليابان حينما خسرت الحرب قال زعيمها حينذاك: (نحن لم نخسر الحرب لأننا ضعفاء في جيوشنا! وإنما خسرناها؛ لأننا فشلنا في معاملنا) والتي كانت ضعيفة جدا حينذاك وقرر أن يقوي دولته وبدأ تشجيع العلم والعلماء، قبل الجيوش! وبعد سنوات من الجهد والصبر والتواصل مع أبناء شعبه تمكن من جني النتائج العبقرية لأبحاثهم في التكنولوجيا، وبشكل منقطع النظير في التفوق العالمي. إن ذلك التفوق لم يأتِ مصادفة وإنما سبقته سنوات من العمل الشاق الصادق لتنمية البلاد، وبذلك أصبحوا قوة عظيمة يحسب لها العالم ألف حساب! تلك التجربة اليابانية الرائعة والجبارة، علنا نتعض بها ونأخذ منها قبل أن تنفد ثرواتنا النفطية النفطية ونتحسر على أيام قد لا تعود

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 1903 - الأربعاء 21 نوفمبر 2007م الموافق 11 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً