العدد 1903 - الأربعاء 21 نوفمبر 2007م الموافق 11 ذي القعدة 1428هـ

قصة إجهاض المهرجان

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إنها قصةٌ مزعجةٌ... فهكذا يتمّ إجهاض بعض مشاريع العمل الخيري في البحرين.

القصة بدأت في شهر يوليو/ تموز الماضي، حين بادرت الدائرة الأولى بالمحافظة الشمالية، بالترتيب لتنظيم زواج جماعي مشترك يجمع صناديق خيرية لأكثر من عشر مناطق، وتكوّنت اللجان، وبدأ العمل كخلايا النحل. وأخذت الفكرة تتطوّر، حتى اكتملت في صورة مهرجان «مودّة ورحمة»، استفادة من أخطاء ونواقص التجارب الماضية، التي كانت تهتمّ فقط بالتسهيلات المادية.

إنه أكثر من مجرد زواج جماعي إذا، فقد تمّ وضع برنامج منوّع لمدة أسبوع، يشمل دورة في الإعداد الاقتصادي للحياة الزوجية، ومحاضرة عن أخلاقيات الحياة الزوجية، ومسرحية اجتماعية هادفة، وأناشيد إسلامية، إلى جانب كرنفال لإحياء جانب من التراث، وهو «زفّة» عصر يوم الزواج، وهي العادة التي انتهت بداية السبعينات. وعلى هامش المهرجان، ينظم معرض خيري للتسوّق والترفيه، بهدف تغطية مصاريف وتكلفة الزواج الجماعي، تغليبا لمبدأ الاعتماد على النفس في التمويل الذاتي.

المعرض الخيري اشترطت فيه الوزارة - وهذا حقها - أن لا تشارك فيه شركات خارجية أو أشخاص أجانب، وتعهّد لهم المجلس بذلك، فحصل على موافقة أولية للمضي في المشروع. وهكذا جرى الاتفاق مع الجهات الراعية، ونشر الإعلانات في الصحف والمنتديات والشوارع خلال الأسابيع الأخيرة، وإبلاغ العرسان (300 شاب وشابة من أكثر من عشرين منطقة مختلفة). المفترض أن يبدأ المهرجان غدا (الجمعة)، إلاّ أنّ المنظّمين فوجئوا باتصال مفاجئ من مركز المعارض، بمنع المهرجان قبل 24 ساعة من يوم الافتتاح.

بعض الجهات في الوزارة حاولت التنصّل من مسئولية إرباك زواج 300 مواطن ومواطنة، ووضعت اللوم على غرفة التجارة، التي قيل إنها تدخّلت لمنع السوق الخيري، لأنه سيضر باستثمارات التجار ويهدّد بتقليص أرباحهم، وهو موقفٌ مضحكٌ جدا، إذا علمنا أنّ السوق الخيري ترفيهي وليس تجاريا، لاشتماله على ألعاب ترفيهية وبضائع بسيطة، ويشارك فيه ما لا يزيد عن عشرين من المحلات الصغيرة والتجار.

الوزارة الموقرة، وبدل تسهيل عمل المؤسسات الأهلية (غير الربحية) ومساعدتها في أداء رسالتها الاجتماعية، فرضت عليها مبلغ 1700 دينار لليوم الواحد، (أي 10 آلاف دينار للأسبوع) وهو ما تحمّلته الصناديق الخيرية عن طيب خاطر من أجل إنجاح الزواج الجماعي.

أحد المصادر كشف خيوطا أخرى من القصة، بوجود «متنفّذين» ينوون عمل «سوق» في مدينة حمد في الفترة نفسها، وخوفا على أرباح تلك المجموعة المتنفذة، جرى الإيعاز -والعهدة على الراوي - بمنع السوق الآخر بمركز المعارض على رغم صغر حجمه ومحدودية المشاركين فيه.

الصناديق الخيرية تنتظر توضيحا يبرّر تراجع وزارة التجارة عن الموافقة، رغم الالتزام بشروطها، وتتساءل عن الخسائر التي ألحقها قرار المنع بهذا المشروع الخيري الكبير، فضلا عما سيلحقه من أضرار مادية وأدبية بالمتزوجين الشباب في مستهل حياتهم الجديدة. في كلّ العالم، يجري التعامل مع المؤسسات الأهلية التطوعية بصورة تدعمها وتعززها وتعمل على إنجاح مشاريعها. وبينما الأمم المتحدة نظّمت لقاءات وورش عمل في البحرين لتعزيز عمل «المنظمات غير الربحية»، فإنّ ما يجري على الأرض يدلّ على وجود أطراف تحاول منع نزول المطر من السماء

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1903 - الأربعاء 21 نوفمبر 2007م الموافق 11 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً