العدد 1908 - الإثنين 26 نوفمبر 2007م الموافق 16 ذي القعدة 1428هـ

المرأة في مؤتمر «الوفاق» (1 - 2)

منى عباس فضل comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

لم أتشرف بدعوة حضور المؤتمر النسائي الأول لدائرة شئون المرأة في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الذي عقد في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بيد ان المعلومات المتوافرة ومعطيات القصاصات الصحافية تفي لغرض إلقاء نظرة فاحصة وإبداء الرأي حول نشاط النخبة النسائية الوفاقية.

ثمة نظرة متفائلة نتلمسها من خلال بعض الآراء التي تمخضت عن المؤتمر، إذ وجد البعض فيه فرصة لمصالحة والتقاء كان لابد من حدوثه بين التيار النسائي الإسلامي والليبرالي بشأن القضايا الحقوقية للمرأة التي يأتي بعضها في مفترق طريق الطرفين، من تلك القضايا قانون أحكام الأسرة ونظام الكوتا والمشاركة السياسية للمرأة البحرينية، فضلا عن انه يعكس باكورة طيبة لاندماج العناصر النسوية بكل تياراتها من خلال فعاليات ثقافية بغية إحداث حالة من العصف الذهني وتلاقح الأفكار للخروج برؤى مشتركة علها تكون نواة لعمل مستقبلي مشترك سمته القواسم المشتركة واحترام الاختلافات تماما كما عبرت «عفاف الجمري في الوقت بتاريخ 13 نوفمبر 2007». وعليه، وإن كان هذا التفاؤل في محله، فما على الحركة النسائية البحرينية بكل أطيافها إلا أن تستبشر خيرا وفيرا في قادم الأيام وتستعد للتواصل المزمع بعد القطيعة المفروضة عليها من التيارات الدينية ومن ثم تنطلق لوضع استراتيجية العمل النسائي المستقبلي.

ثمة تباين في الانطباعات أيضا على مستوى وجود ونشاط النخبة النسائية الوفاقية، يكمن هذا التباين كما نستشف تحديدا في إشارة الصحافية ندى الوادي في مقالها بعنوان «الوفاقية عندما لا تكون أولوية»، إذ نوهت إلى أن افتتاح المؤتمر يعزز كثيرا الفكرة التي تقول ان المرأة لم ولن تكون أولوية بالنسبة الى القيادات السياسية (تقصد قيادة الوفاق وغيرها أيضا من قيادات الجمعيات السياسية الأخرى)، دللت على قولها بالنسبة الى الوفاق، بغياب الأمين العام ونائبه عن افتتاح وحضور المؤتمر ومسارعة رجل الوفاق الثالث للمغادرة مباشرة بعد إلقاء كلمته الافتتاحية، وفرار نواب الوفاق وبلدييها من المصيدة النسائية المملة بحسب تعبيرها (الوسط 11 نوفمبر الجاري). وعلى رغم هذا الشعور المحبط وغير المتفائل، فإن البعض الآخر بدأ أكثر تفاؤلا بطبيعة الحدث وأبعاده ونوعيته وتوقيته ووجد فيه بارقة أمل وفرصة سانحة لانطلاق الخطاب الإسلامي النسائي البحريني الذي غيب عن العلن. ومن انطلاقته تلك بحسب الرأي المتفائل، ستتبلور شراكة النساء المنضويات تحت أجنحة هذا التيار في الشأن السياسي وفي الحياة العامة مشاركة منظمة وفاعلة، لا مجرد طرف اجتماعي قاصر إذ ينبغي التعامل مع قضية المرأة بوصفها إنسانا له حق في اتخاذ القرار وبوصفها مواطنة تتمتع بالحقوق السياسية والمشاركة في صنع القرار، وبوصفها فردا فاعلا اجتماعيا في تأسيس الجمعيات وإدارة الأعمال هذا ما ذكرته بالتمام رئيسة دائرة شئون المرأة رملة جواد في مقالتها (الوسط 14 نوفمبر الجاري)، مضيفة انه لا يمكننا ذلك إلا باعتماد منهجية الشراكة بين الرجل والمرأة تيارا واحدا لا منفصلا.

تضخم الأهداف والتوصيات

من الواضح أن أهداف المؤتمر انبثقت من النظرة التفاؤلية، بل ودعمتها وساندتها - أي النظرة التفاؤلية - ولاسيما أنها تضخمت إلى حد التماهي مع بعض الشعارات الحداثية من جهة والتناقض مع بعضها الآخر في المضمون من جهة أخرى، فمن تلك التوصيات ما دفع باتجاه: العمل على التمكين السياسي للبحرينيات وحفز مشاركتهن في العمل السياسي، وتعزيز التواصل مع المجتمع النسائي البحريني والتنسيق معه على أرضية المشترك من حقوق المرأة، ورفض ممارسة التمييز ضد المرأة، وتوفير الضمانة الدستورية لقانون الأسرة تحقيقا للمطلب العلمائي، والمساهمة في نشر الثقافة السياسية المنطلقة من نهج إسلامي وتطوير وضع المرأة الثقافي والاجتماعي والعمل على مساواة المرأة بالرجل وفق الرؤية الإسلامية، فضلا عن السعي إلى تغير نظرة المجتمع لواقع المرأة المسلمة، كما طالب المؤتمر بعدم تغييب المرأة لذاتها قسرا أو بإرادتها والاعتراف بدورها عبر التاريخ، والإكثار من الإصدارات الإسلامية وتوثيق التاريخ السياسي الإسلامي النسوي.

طبعا، الخطاب النسائي أعلاه ومعه دزينة التوصيات والأمنيات لم يقنع الكثيرين ومنهم كاتبة السطور، ولا حتى الرؤوس القيادية في جمعية الوفاق ولا مرجعية الرموز الدينية التي أشاحت بوجهها عن هذه النخبة النسائية حينما تعالت أصواتها مطالبة بشراكة حقيقة في الترشح للانتخابات البلدية والنيابية في انتخابات 2002 و2006، وتحت مظلة «جمعية الوفاق» ورعايتها. هل يعنى ذلك أن تخمد هذه الأصوات وترتد عن السعي إلى تحقيق أحلامها وأمنياتها؟ طبعا لا! كما لا يوجد ما يمنع من الهمس في رأس هذه النخبة وبإخلاص بأن الطريق ليس سالكا ولا مفروشا بالزهور، لاسيما في ظل ما يعتمل التوصيات والأمنيات المطروحة من مخاطر جمة تتمثل في الشياطين التي تكتنفها من المتناقضات والمطلقات والثوابت للمفاهيم والأحكام والفتاوى التي تمسك بأقفالها المرجعية الدينية ولكل شاردة وواردة تتعلق بواقع المرأة وأدورها المتعددة في المجتمع.

إقرأ أيضا لـ "منى عباس فضل"

العدد 1908 - الإثنين 26 نوفمبر 2007م الموافق 16 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً