العدد 1930 - الثلثاء 18 ديسمبر 2007م الموافق 08 ذي الحجة 1428هـ

مقبرة توبلي... كل عام وأنت بخير!

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

اتصل بي الزميل محمد المخرق لعمل تقرير مفصل عن الوضع المأسوي الذي وصلت إليه مقبرة توبلي، ولا أخفي على الزميل أني لم أتحمس للموضوع لأن المقابر في كثير من المناطق في حال يرثى لها، ولم أكن أتوقع أن أشاهد أي مناظر مختلفة...

عندما وصلنا إلى موقع المقبرة، انتابنا ذهول ما بعده ذهول، فالمقابر المهملة التي طالما شاهدناها تعتبر مقابر خمس نجوم إذا ما قورنت بمقبرة توبلي، وكيف لا تكون كذلك وقد اختلط فيها الحابل بالنابل ولم يعد بإمكان الأهالي أن يصلوا إلى بعض القبور...

المشهد المؤلم لحال المقبرة يطرح عدة أسئلة: من المسئول عن الوضع، هل هو إدارة الأوقاف الجعفرية أو أن الأهالي في المنطقة يتحملون كل المسئولية؟ أولا، وإذا ما سلمنا بأن إدارة الأوقاف الجعفرية هي المسئولة، فسنفترض أن على الإدارة توفير قيِّم يهتم بشئون المقبرة وينظفها من الشوائب والأوساخ ويطمئن إلى توافر الكهرباء والماء طوال اليوم، فالناس لا يدرون متى يقرر ملك الموت أخذ أحد الأرواح...

صحيح أن الإدارة تتحمل مسئولية كبيرة في الموضوع، وخصوصا إذا ما وضعنا حال الاستراحة البالية وعدم توافر الكهرباء وانقطاع الماء الذي يؤخر دفن الموتى في كثير من المناسبات، ولاسيما أننا نعلم أن كرامة الميت هي تعجيل دفنه وتسليمه إلى بارئه ليتولى حسابه ويقرئه كتابه. ولكن، ألا يجدر بنا أن نلوم قليلا الأهالي الذين أهملوا مقبرتهم؟! وإني لأشك في أن كثيرا من موتاهم يتمنون أنهم لم يدفنوا في هذه المقبرة التي لم يعد بالإمكان الوصول إلى قبورها، لأنها تحولت وبكل بساطة إلى ساحة لرمي المخلفات والمهملات، وبيئة غنية لنمو الأشواك!

لا تبنوا أسوارا في مقابركم فلن يفر منها الموتى، ولا تجمِّلوا مغاسلها لأن الميت لن يستفيد شيئا من تغسيله في غرفة مزركشة، ولا تصنعوا نعوش موتاكم من الخشب الثمين فذلك لن يشفع لهم يوم يلقون ربهم، ولكن حري بنا أن نعمل معا على تنظيف المقابر والاهتمام بشكلها، لأن المدفونين فيها إما أجدادنا أو أعمامنا أو أخوالنا أو أقرباؤنا، وسيأتي يوم ندفن نحن فيها، ولا أظن أن أحدنا يرغب في أن يعزل عن الناس ويرمى كما ترمى الحيوانات في ذاكرة النسيان! نحن لا نريد لمقابرنا أن تتحول إلى حدائق أو جنات كما يفعل الغرب مع موتاهم، ولكن لا بأس من أن نجمِّلها لكي نمر بها ونقرأ الفاتحة على قبور الأحبة الذين غيَّبهم التراب، ولنأخذ من تلكم الحفنات موعظة حسنة لدنيانا وآخرتنا.

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 1930 - الثلثاء 18 ديسمبر 2007م الموافق 08 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً