العدد 2050 - الأربعاء 16 أبريل 2008م الموافق 09 ربيع الثاني 1429هـ

التحريض على العنف

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

إن العنف والشغب يجب ألا يكونا وسيلة أو رد فعل لأحداث نعانيها... وألا تكون موجة موجهة للعلاقات الإنسانية حولنا! في مجتمعات تسودها القوانين ونظم باتت تتجه للديمقراطية وجمعيات مدنية تحرص في أن تسود القوانين وتتم فيها العدالة لأبناء الشعب من جميع الفئات.

ولكن طلعت علينا منذ فترة النظم العالمية الحديثة، بإدخال أسس جديدة للتعاملات باسم نظام العولمة (المكابر والمكاذب) والذي هو قمة الاستغلال لشعوب العالم قاطبة. وتقوم من خلاله بتمرير كل النظم والقوانين لمصلحتها، فالعالم الغربي، وخصوصا أميركا اللذان يدعيان العدالة الاجتماعية والديمقراطية، شروطهم المنحازة تضع شروطا قاسية للغاية، بما يختص بشئون التصنيع والتصدير والاستيراد. فنحن نصبح مجبرين على فتح أسواقنا لبضائعهم من دون قيد أو شرط في الوقت الذي تقفل أسواقها لبضائعنا وبتبريرات غامضة وتحتكر الـ (knowttow) المعرفة بالشيء سواء في الإنتاج أو التصنيع ولا تسمح بتمرير تلك المعلومات الحيوية الخاصة بها إلينا كيلا نتطور في التصنيع. كما تحتكر البحوث ونتائجها في صالحها وتعتبرها من الأسرار الخاصة بالدولة. وتساهم في تحويل كل ما لا تحتاجه من التكنولوجيا القديمة بمصانعها التي تستهلك طاقة عالية الكلفة إلى بلادنا بكذبة بسيطة وهي تحصل على كل المميزات للإنتاج وفتح الشركات العملاقة وتشغيل الأيدي العاملة، في الوقت الذي يعاني الشباب في معظم بلادنا العربية من البطالة.

إن ارتفاع أسعار النفط (يإيعاز منهم طبعا وتحريكه لما يريدون) ما هي إلا مؤامرة متكاملة وحسابات مدروسة بدقة وحذاقة، في محاولة لا إنسانية لأخذ أقصى ما تستطيعه وإرجاعنا إلى عصر ما قبل النفط، والشعوب التي تعتمد في غذائها الأساسي على الاستيراد هي عبارة عن قشة في مهب الريح، ولا تدرك حكوماتها أنها بذلك تلعب بالنار، إذ تسمح لانتهاك حرمة البلاد وكرامتها في غفلة من الزمان! فهي وصمة عار وخاضعة للآخر ولضغوطه السياسية والاقتصادية أو العسكرية، فهي قد تحتل بلادنا وأعيننا مفتوحة. وباتت الضغوط واضحة بمحاولات تُرينا غلاء الأسعار المركّب في فترة قصيرة ومفاجأة ومن دون أية مقدمات، فهي التي تقرر أنها ستقوم باستخدام الحبوب من ذرة وفول وقصب السكر وحتى الرز تحوله إلى طاقة ، وقد تتحجج بعدم تصديرها إلينا لعدم وجود الفائض أو لحدوث كوارث بيئية.

المهم أن إعدامنا غذائيا سيكون على يديها وهي أعظم وسيلة لخنق الشعوب، وقد لا يكفي كيس من النقود بعدها لشراء الخبز. فهي ستذل الشعوب باستخدام تلك الورقة الرابحة (حاجة الغذاء) بعد أن قام المخططون سياسيا لدولنا (وبإيعاز منهم أيضا) باستحداث التنمية الخاطئة في الفشخرة و التوسعة في العمران واستبدال البشر والغذاء بالحجر والمجمعات. فقمنا بردم البحار وقتل الثروة السمكية ومات الصيادون ندما وحسرة مع المزارعين الذي اقتلعت بساتينهم والذين عاش أجدادهم قرونا يأكلون من خيرها. حدث ذلك اندثرت أمة كانت تعيش على نتاجها فباتت اليوم ترتجى الغذاء الغالي من الخارج! وغاب ابن الديار مظلوما مقهورا وجاء الغرباء يحصدون خيرات عصر البترول. نسينا الإنسان ابن البلاد والذي ضاقت عليه بيوت الحجر ولم تعد لتستره بعد أن أصبح عدد الفقراء من دون المتوسط 63 في المئة، بينما أصبحت واسعة وفسيحة للغرباء الذين تنزل أسواطهم على ظهورنا قاسية ومجحفة.ثم نقول لماذا تغير السلوك وباتوا أعداء؟! ولماذا تغيرت الطباع إلى عدوانية وكذب وسرقات وعنف؟

خنقنا بساتينهم وبحورهم وحرمناهم أرزاقهم ، فهم ضحايا لشراسة الحياة وخسارة ماضيهم وسرقة حاضرهم ومستقبلهم وهم يرون صمت الحكومات والمؤسسات الوطنية الواعدة... وتوقف الحوار!

إن العنف لا يأتي إلا تحت ظروف قاسية، وعندما لا يعود سماع الصوت مفيدا بل مقيدا، حينها تعلو الأصوات الأخرى المزعجة. حينما يصبح الذل قانونا للعيش وتتساوى الحياة مع الموت... ومن يدري كيف تتحرك عجلة الأحداث لتحريك الأحداث.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 2050 - الأربعاء 16 أبريل 2008م الموافق 09 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً