العدد 2106 - الأربعاء 11 يونيو 2008م الموافق 06 جمادى الآخرة 1429هـ

هي... لا تعرف أين تقع البحرين

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

كيف ستتصرف إذا وجدت نفسك فجأة أمام موظفة مطار أرضية في منتهى قلة الأدب والذوق في الدخول إلى المطار؟

هذا ما صادفته أثناء انتقالي من مطار لندن على شركة الخطوط «ألتيماليا» إلى روما لمشاركتي في أحد المعارض الفنية للنحت، وإذا بدأت بقولها حين نظرت إلى جوازي وكأنها لدغتها عقربة: ما هذا الجواز؟ أين هي البحرين، لم أسمع بها قبلا... وأنا صامتة أراقب سوء كلامها ومخارج ألفاظها الغريبة... ثم أضافت: هل هي كبيرة أم صغيرة؟ لم أعرف كيف أصفعها، وأجبت بأنها غنية جدا بشعبها وتراثها ولها ثروة كبيرة (الطاقة)... وليس ذنبي إذا حضرتك لم تسمعي بها!

أجابت: ولكن أين موقعها من العالم؟ أجبت: السعودية تقربنا، هل يكفي ذلك كي تعرفيها؟ أجابت والمرارة في كلامها والحسرة: نعم الآن أعرف أنكم جمعيا في تلك المنطقة تغرقون بالنفط؟

لم تكتفِ بذلك ونطقت: أنتم لا تضيفون شيئا للعالم! وبكل وقاحة. فتمالكت نفسي ثانية وتذكرت بيت الشعر القائل:

لو كل كلب عوى ألقمته حجرا

لأصبح الصخر مثقالا بدينارِ

ولم أعطها مجالا لتكملة الحديث... وسألت عن تكملة الإجراءات في التذكرة وأراها مازالت تقلب في الأرقام والجواز وتطلب مني أن أرفع نظارة الشمس كي تتأكد أنني لست إرهابية وذاهبة للإطاحة ببرج بيزا!

ثم قامت من كرسيها عدة مرات لتسأل مديرها للتأكد من نوعية الحجز على رغم أنني وضعت أمامها كل تفاصيل الرحلة، واستمر الحال ثلاثين دقيقة وبدأت أثناءها تطلب مني ألا أقلق، بدأت حضرتها تهتم بمشاعري بعد أن تعرت هي ومشاعرها الدنيئة ولهجتها... تطلب ألا أقلق ويبدو أن صمتي ونظراتي أجبراها على تقديم بعض الاحترام ونوع من الاعتذار لسخافتها.

ما سبب كل تلك العداوة لزائرة في مطار؟ ولماذا كل ذلك الجهل من موظفة من المفترض أن تكون وقبل أن تصبح مضيفة أن تلم بأبسط الأمور الجغرافية؟

(عرفت بعدها أن الشركة في صدد بيعها وهذا قد يكون سبب كل ذلك الجهل وسوء الخدمة!).

وتساءلت: ما هي الإرشادات التي تعطى لهؤلاء الموظفين؟ وكيف لهم أن يكونوا بمثل هذه الوقاحة؟ ولماذا بات العالم شريحة من الغباء وقلة الذوق والأخلاق؟

لم أجد أحدا من الموظفين العرب بهذه الوقاحة والاستفزازية إطلاقا في حياتي.

مازالت صفاتنا في الاحترام والتهذيب للآخر... ويحق لنا الافتخار بها. إنني أنعى الغرب بهمجيته والعدوانية الصريحة، وانهم فقدوا كل مظاهر المدنية والتحضر، بدءا من تصعيب أمور التأشيرات (الفيزا) لزيارة بلادهم والتشديد في المطارات، وبات التوجس والحذر والمرارة من تلك الرحلات يصاحب زياراتنا؟

وإنني أتساءل: ما هي الرسائل الصهيونية الأميركية التي يصورنا بها الغربي في الإعلام لتشويه صورتنا؟ ومن دون أن نعرف كيفية الدفاع عن أنفسنا بما فيه الكفاية، وكيف لنا حماية أنفسنا ضد كل الأقاويل الكاذبة عنا بالجهل والإرهاب؟

المهم أنه بعد وصولنا كان الطابور طويلا في المطار وكانت التفرقة واضحة بين غير الأوروبيين والأوروبيين... بحيث وقفت أربعين دقيقة مع أنني كنت في أوائل الطابور! لقد ازداد التدقيق في كل شيء والصعوبة من دون مبرر؟

هم ينظرون إلينا بكل حسد، ويعتقدون بأن الطاقة ليست من حقنا وأنهم هم المنتجون للصناعات والأحق بها!

ونسوا أننا نحن من أرسل لهم شرارة الحضارة الأولى للمدنية، ونسوا العصور المظلمة وسيطرة الكنيسة، وعصر الانحطاط والعبودية واستغلال العالم واستعماره وإشعال الحروب والغزو المستمر بهمجية منقطعة النظير... لكل نقطة إضاءة أو خيرات؟!

إنهم لا يتفوقون علينا، وهم باستغلالهم المستمر والمتواصل لبلادنا السبب الرئيسي للتأخر العلمي والثقافي... إلخ وانه من حقنا التمتع بخيراتنا بالطريقة التي نراها.

أما أنا شخصيا فإنني أفضل أن أكون في آخر السلم الحضاري! إذا ما كانت هذه الحضارة تمثل مثل هؤلاء الوحوش من البشر وبهذه الأخلاق الوضيعة في التعاملات العامة!

هل لنا أن نبدأ المقاطعة وأن نتوقف عن أية سياحة أو دراسة في بلادهم، كي نعطيهم دروسا عن نوعية حضارتهم التافهة أو الموقوتة، علهم أن يصححوا مساراتهم واحترام الشعوب الرائدة؟!

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 2106 - الأربعاء 11 يونيو 2008م الموافق 06 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً