العدد 2143 - الجمعة 18 يوليو 2008م الموافق 14 رجب 1429هـ

حركة جيبكو الهندية - البحرينية

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

منذ بداية الثورة الصناعية وتسبب الأنشطة البشرية في تلوث الهواء والتربة والماء ظهرت الكثير من الحركات البيئية والأهلية ذات الطبيعة السلمية التي تدعو إلى المحافظة على بيئة صحية للحياة وتقليل آثار التدمير البيئي للكرة الأرضية بصورة عامة والبيئة المحلية بصورة خاصة.

إحدى هذه الحركات البيئية المشهورة في العالم الثالث هي حركة جيبكو الهندية؛ هذه الحركة أنشئت في مطلع سبعينيات القرن الماضي متأثرة بالفلسفة السلمية للمهاتما غاندي، الهدف من إنشائها حماية غابات الهملايا من الأنشطة البشرية التي أدت إلى قطع مساحات شاسعة من تلك المنطقة البديعة. الصور الفوتوغرافية توضح الطبيعة السلمية والإبداعية للمتطوعين حيث قامت كل مجموعة بالالتفاف حول شجرة للدلالة على معانقة روح كائن حي.

هناك الكثير من الشعارات المشهورة والمطبوعة في الذاكرة البيئية لهذه المجموعة مثل «الإيكولوجي اقتصاد دائم» و «ماذا تحمل الغابات؟ تربة، ماء، وهواء نقي»، و»احتضنوا الشجر وانبذوها من القطع»، فهي ملك لتلالنا واحفظوها من النهب».

وقد نجحت احتجاجات هذه الحركة في إصدار قانون حكومي يمنع قطع الشجر في منطقة الهملايا لمدة 15 سنة في العام 1980 من قبل حكومة انديرا غاندي.

نحن في مملكة البحرين لا نمتلك غابات ندافع عنها لكن المملكة لها سواحل وبيئة بحرية يتم تدميرها يوميا تحت مسميات كثيرة، فتارة الهدف هو بناء جزر استثمارية وتارة مناطق تجارية وتارة جزر سكنية وتارة دفان من قبل متنفذ.

بصريح العبارة من الممكن للجيل الحالي والذي وصل سكانه إلى المليون نسمة فجأة تحمل هذه «الضرورة» - مع بعض التحفظ - لكن ما الذي سيحدث خلال العشرين سنة المقبلة عندما يتضاعف عدد السكان ويصل إلى «عدة ملايين»، فنحن مجتمع منتج وكريم في الاستضافة وأيضا مع تجاوز سعر النفط لمستويات قياسية وتوقع ثبات سعره لفترة طويلة، وهل سيتم استثمار السيولة الضخمة في المنطقة بصورة عامة في قطاع الإنشاءات وبالتالي بناء المزيد من الجزر؟

الحركات السلمية للدفاع عن سواحل البحرين بصورة عامة وساحل كرباباد بصورة خاصة تستحق الإشادة لكن هل يعي الصيادون والمتطوعون في هذه الحركة أن قضيتهم ليست محلية وذات بعد واحد بل قضية ذات علاقة بالعولمة وذات أبعاد عدة حسب الصحافي وكاتب العلاقات الخارجية لصحيفة «النيويورك تايمز» توماس فريدمان.

فالقضية لها أبعاد 5 وهي: بيئية، اقتصادية، سياسية، ثقافية، وتكنولوجيا. فالجانب الاقتصادي ينبع من السيولة الناتجة من الأسعار القياسية للنفط والذي جعل قيمة الأرض في المناطق الساحلية تصل إلى مئات الدنانير للقدم المربع. أما الجانب السياسي فيتعلق بمخاض وتبادل المصالح بين المؤسسات الأهلية والبلدية والبرلمانية والحكومية. أما الجانب الثقافي فيتعلق بشخصية البحريني الملازم للبيئة البحرية منذ الأزل، وعن الجانب التكنولوجي فيمكن للجنة الشعبية استغلال ثورة التكنولوجيا الرقمية المتمثلة بصفحات الإنترنيت كوسيلة للتعرف بالقضية وتوجيه الرأي العام لصالحها.

ختاما، المشهد الملازم لحركة جيبكو الهندية هو عناق الأشجار فهل سيكون التفاف سفن بحارة ساحل كرباباد رمزا لحركة بيئية بحرينية؟ مع ملاحظة وجود فارق جوهري بين الحركتين، فالأشجار يمكن إعادة زرعها مع فقدان التنوع البيولوجي كبعض الحيوانات، أما ردم البحر فهو فقدان نهائي وغير عكسي للمنطقة المدفونة.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2143 - الجمعة 18 يوليو 2008م الموافق 14 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً