بدأ خلال الأعوام القليلة الماضية انتشار علم البرمجة اللغوية العصبية، وهو الشهير بالاختصار الإنجليزي أنه علم الـ (NLP)، إذ يقوم هذا العلم على تفسير إمكانية برمجة عقل الإنسان بما لا يستطيع القيام به في الواقع، أو ما يتهيب القيام به، وذلك ببرمجة العقل من خلال إدخال معلومة محددة إلى هذا المعالج الكائن في رأس الإنسان، عبر تكرارها وفق صيغة مبسطة، حتى يقتنع بها العقل وتصبح هذه المعلومة في صميم قدرات العقل الباطن للإنسان، ما يؤهله ليقوم بممارستها كفعل في حياته اليومية.

وتكرار المعلومة كما تشرح كتب علم البرمجة اللغوية العصبية يؤدي الغرض من ترسيخ المعلومة في العقل الباطن، وذلك حينما يكرر المرء عبارات مثل «أنا قادر على القفز مترين للأمام» فإن عقله سيساعد ويهيئ جسده كي يصبح مع الوقت قادرا على القفز إلى هذين المترين، ومثل ذلك كمن يكرر في داخله عبارة «أنا ناجح، أنا متفوق» وبالتالي يهيئ له عقله سبيلا للنجاح والتفوق.

وقد خلصت من خلال قراءاتي في هذا المجال، أن ممارسة الدعاء هي أيضا تكريس لمبدأ البرمجة اللغوية العصبية، إذ إن من يمارس الدعاء بتركيز وتدبر لمعاني ما يقوله، هو في الحقيقة يوجه رسالة لخالقه، ورسالة إلى ذاته، وبذلك يتجلى – بما هو مقدر له - التوفيق في الأمور التي يدعوا ويصلي لها الإنسان.

المضحك أن الكثيرين في المجتمع المحلي لديهم القابلية التامة للاستفادة السلبية من البرمجة اللغوية، وذلك أن الخطاب الذهني بالرسائل الإيجابية كان يؤتي دوما نتائجه الإيجابية، فيما التكرار السلبي للعبارات التقليدية، حتى وإن لم تكن محسوبة مثل «مالي حظ»، أو «لرجال ماليهم أمان»، سينعكس على الواقع بما لا يرغبون في أن يروه بأعينهم، ولكنه حقيقة لما تنطقه ألسن جميع من هم حولهم، وبالتالي نرى حالة الإحباط والسلبية والانكسار تعم مجتمعات بحالها، دون أن يدركوا شأن جزء مما هم فيه هو من حصاد ما يزرعونه بكلامهم وثرثراتهم الفارغة، وترديدهم للعبارات السلبية، رغم أن الأديان والمذاهب كلها أتت تنشر حالة الإيجابية، إلا أن المجتمع حلف ألف يمين أن يكسر بعضه مجاديف بعضه.