العدد 2294 - الثلثاء 16 ديسمبر 2008م الموافق 17 ذي الحجة 1429هـ

دعوة لكل بحريني لدفع 1000 دينار لمساعدة أميركا

عباس المغني abbas.almughanni [at] alwasatnews.com

نجد اقتصاديين وخبراء يدعون حكومات دول الخليج إلى المساهمة في حل الأزمة المالية العالمية بضخ أموالها ومقدراتها في أميركا وأوروبا، وذلك على حساب المواطن الخليجي متناسين أن دول الخليج نفسها بحاجة إلى مساعدة لتحقيق تنمية مستدامة، وأن الكثير من مواطنيها لم يصلوا إلى مستوى الرفاهية.

ويزعمون أن دول الخليج تمتلك إمكانيات مالية ضخمة تؤهلها للمساعدة في حل الأزمة المالية العالمية بضخ مئات مليارات الدولارات على الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية. كما زعموا أن هذه المساعدات ستصب في مصلحة الدول الخليجية المنتجة للنفط، إذ أن من شأن القضاء على الأزمة عودة أسعار النفط للارتفاع مجددا.

هؤلاء الاقتصاديون كأنهم لم يولدوا في الخليج، ولا يعلمون شيئا عن دول الخليج، فلو أخذنا البحرين مثالا، فإن أكثر من نصف البحرينيين يتقاضون رواتب أقل من 300 دينار وهو خط الفقر، وأن عشرات الآلاف من الأسر البحرينية تتلقى من الصناديق الخيرية مساعدات أرز وسكر ودهن، وأن هناك أكثر من 45 ألف أسرة بحرينية تنتظر الحصول على سكن منذ 1992... وغيرها من الأمور التي تفجع القلب.

نسأل هؤلاء الاقتصاديين والخبراء، أيهما أولى أن تقوم دول الخليج بحل مشكلاتها الداخلية، أو حل مشكلات الولايات المتحدة والدول الأوروبية الغنية التي وصلت إلى مراحل متقدمة لا تستطيع دول الخليج مواكبة التطور الذي وصلت إليه.

هل يعلم هؤلاء أن إيرادات أكبر شركتين أميركيتين نفطيتين وهما أكسون موبيل وول مارت، تفوق إيرادات دول الخليج مجتمعة من النفط والغاز، بل أن إيرادات دول الخليج مجتمعة لا تعادل ثروة 10 مليارديريين أميركيين.

هل يعلم هؤلاء أن إيرادات دول الخليج مجتمعة من النفط، أقل من خطة الإنقاذ الأميركية البالغة 700 مليار دولار، فكيف ستساهم دول الخليج في حل أزمة السيولة العالمية.

لماذا يبالغون في عوائد دول الخليج من النفط؟ الهدف معروف وواضح، وهو الضغط على دول الخليج والتأثير عليها، لحلب ما يمكن حلبه من بقرة لا تستطيع حماية لبنها من راع غربي جشع لا يترك قطرة لأبنائها.

والمحزن أن دول الخليج هي نفسها تضررت من الأزمة المالية العالمية، فمثلا في البحرين خمسة مصارف تكبدت خسائر تفوق ملياري دولار، ناهيك عن تراجع أسعار النفط وتأثيرها على مشروعات التنمية في ميزانية 2009 و2010.

أما في أمارة دبي وهي الأكثر تضررا من الأزمة العالمية، فإن هناك تقارير تشير إلى أن الإمارة تواجه ضغطا كبيرا قد يؤثر على قدرتها في سداد ديونها البالغة 70 مليار دولار... وهذا أمر خطير أن يأتي يوم نسمع فيه خبر إفلاس دولة أو إمارة خليجية.

وقد نقلت نشرة «داوجونز» عن مسئولين رفيعين في حكومة دبي أن الحكومة عيّنت مستشارين ماليين لمساعدتها في إعادة هيكلة اقتصادها بما يتواءم مع مستجدات الأزمة العالمية.

أما في الكويت فقد تكبد بنك الخليج خسائر فادحة تمحي رأس المال و85 في المئة من ودائع العملاء، وهو ما يعني ضمنيا إفلاس البنك وحاجته إلى ضخ رأس مال جديد ليحيى من جديد.

كما أن تراجع أسعار النفط الخليجي إلى أقل من 35 دولارا سيؤدي إلى عجز كبير في موازنات دول الخليج، وستكون الأكثر تضررا البحرين ثم سلطنة عمان والإمارات وقطر والسعودية والكويت ولن تستطيع تغطيتها بعوائد استثماراتها الخارجية.

قال تقرير صادر عن «سيتي غروب» أن دول الخليج التي ستسجل عجزا في الميزان التجاري في 2009 عند تراجع النفط إلى أقل من 50 دولارا، وستضطر إزاء ذلك إلى السحب من احتياطياتها الخارجية لموازنة هذا العجز.

وقد بدأت دول الخليج فعليا بتقليل مصروفات مشروعات التنمية مع تراجع أسعار النفط، إذا ما أخذنا البحرين نموذجا، قامت بتقليل ميزانية مشروعات التعليم بنسبة 90 في المئة، ورصدت ميزانية لا تكفي لبناء 4 مدارس، أما ميزانية الإسكان لا تكفي لبناء 3 آلاف وحدة سكنية مقابل 45 ألف أسرة لديها طلب إسكاني، وكذلك ميزانية مشروع الصحة زهيدة سيترتب عليها خدمات صحية أقل للمواطنين.

ومن ثم يأتون من يسمون أنفسهم اقتصاديين أو خبراء مَن ولدوا في دول الخليج وبكل سهولة يدعون دول الخليج للمساهمة في حل الأزمة المالية العالمية على حساب مواطنيها.

والطامة الكبرى أنهم يزعمون أن المساعدات التي ستقدم للدول الغنية ستكون من صالح دول الخليج، من دون الاستناد إلى حقائق سوى الفلسفة الكلامية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فإذ أثبتوا ذلك بحقائق علمية، وتجارب حدثت في الأمم، سأطالب كل بحريني أن يدفع 1000 دينار لمساعدة الدول الغنية في حل الأزمة العالمية التي يعانون منها، لأن ذلك سيكون لصالح البحريني، إذ إن حل المشكلة سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، وهذا سينعكس على إيرادات البحرين، وبالتالي الميزانية المخصصة للمشاريع الإسكانية والتعليمية والصحية.

إنها حقا فلسفة كلامية لا يصدقها إلا من يسمون اقتصادييون وخبراء في عالم المجانين.

إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"

العدد 2294 - الثلثاء 16 ديسمبر 2008م الموافق 17 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً