العدد 2323 - الأربعاء 14 يناير 2009م الموافق 17 محرم 1430هـ

شعراء المواكب... لماذا لا يطبعون قصائدهم؟ (2)

انشغالات القصيدة الحسينية

استكمالا للحلقة السابقة من حوارنا مع شعراء القصيدة الحسينية الموكبية تساءلنا من هم شعراء الموكب الحسيني؟ مَن السابقون ومن اللاحقون؟ وما الذي يشغلهم عن طباعة قصائدهم؟ هل هناك من نقص في تبني الذات الشاعرة؟ وهل ثمة مانع من الطباعة والنشر؟ فكان جهد الشاعر عبدالشهيد الثور وهو رائد كتب القصيدة الحسينية ووثقها بسبعة دواوين كان جهده إجابة على سؤالنا وقد دعى إلى تبني الشاعر الحسيني، أما نادر التتان وهو أحد شعراء القصيدة الحسينية، وأحد أعمدة الإصدارات العزائية الشهيرة للشيخ حسين الأكرف، فقد أكد أهمية التوثيق وأرجع عدم النشر إلى الظروف والانشغالات، ودعا لإنشاء مكتبة للدواوين الحسينية الموكبية، أما الشاعر سيدناصر العلوي وهو أحد فرسان قصيدة التسعينيات الذي تألقت قصائده مع أصوات آل سهوان فقد أقر بالتقصير وتمنى أن يكون التوثيق من أولويات شاعر قصيدة الموكب الحسيني، ودعا للتنقيح قبل التوثيق، أما الشاعر عبدالله القرمزي وهو أحد أعمدة مشروع الشيخ حسين الأكراف في إصداراته العزائية فقد أشار إلى أن القصيدة سمعية بدرجة أولى ودعا للبحث عن أساليب توثيق مناسبة لها، مع أهمية طباعتها في شكل دواوين شعرية.

*من هم شعراء القصيدة الحسينية، وما سبب إهمالهم لطباعة ونشر دواوينهم، لماذا لا يوجد توثيق لأبرز القصائد الناجحة في المواكب الحسينية، هل القصيدة الحسينية ظاهرة صوتية تنتهي بانتهاء الموسم، ما أثر عدم التوثيق في مستوى الإبداع في القصيدة الحسينية، كيف يمكن الارتقاء بإبداعات شعراء الموكب الحسيني ورفد مواهبهم وإبداعاتهم؟.

عبد الشهيد الثور: المستمعون «مشاريع شعراء»

- في هذا المحور أشار عبدالشهيد الثور كل مستمعي الشعر الحسيني أعتبرهم مشاريع شعراء فالكثير منهم يحاول كتابة الشعر من كبار السن نساء ورجالا وحتى الشباب في الجيل الحالي الكثير منهم يحاول أن يكتب الشعر الحسيني، ومن مستويات ثقافية متعددة فهي عاطفة متدفقة عند الكل وتحتاج لتنمية.

القرمزي: نحن في بلد شاعري

وأضاف القرمزي: بكل فخر نحن ننتمي لبلد فيه عدد كبير من الشعراء لا يستهان بهم فالبحرين فيها أعلام من الشعراء الحسينيين ففي الوقت الحاضر أينما تطل تجد شعراء ففي البلاد القديم الشاعر غازي الحداد والشاعر عقيل ميرزا والشاعر جعفر المدحوب فهم أعلام وأصحاب تجارب أقلام قوية وإذا اتجهت إلى السنابس تجد الشاعر سيد ناصر العلوي أستاذنا الشاعر عبدالشهيد الثور الشاعر ناصر زين الشاعر حبيب حيدر وإذا اتجهت للدراز تجد شيخ صادق الدرازي والشاعر عبدالطاهر الدرازي وماهر الشهابي، وما شاء الله يوجد كم كبير من الشعراء وكذلك الرعيل الأول الذي حمل على عاتقه قصيدة الثمانينيات وبداية التسعينيات الشاعر عبدالزهراء المولاني الشيخ مجيد التوبلاني والشاعر كريم رضي وشيخ بشار العالي ولدينا ما شاء الله نخبة كبيرة من الشعراء، ومن الممكن أن تصنع بهذه المجموعة الكبيرة مشاريع ضخمة والبحرين غنية نحن في بلد شاعري وشعراؤنا يرفعون الرأس، وهناك شعراء لا يحضرون في ذهني الآن ويوجد ناشئون كثيرون وأعتز بهذه الكوكبة الموجدة على ساحة الشعر الحسيني وأعتز أكثر بالفعلين منهم.

التتان: الظروف تشغلني

عن النشر والطباعة

وأشار التتان إلى أن الكثير من الشعراء لا يتبنى فكرة إصدار «دواوين القصائد الموكبية «أما القصائد المنبرية فهناك قصائد الملا عطية وهو نار على علم، ولأن القصيدة الموكبية البحرينية منذ الثمانينيات غيرت، وقبل الثمانينيات ما كان هناك اتجاه للدواوين الموكبية، وقد جاء التفكير في هذه المسألة لاحقا، ومن التجارب دواوين عبدالشهيد الثور، ولكن أعتقد أننا الآن في فترة تكمن فيها أهمية توثيق وإصدار الدواوين العزائية بشكل الموشحات التي يأنس بها القارئ بينما كانت القصائد سابقا طويلة وتتكرر موضوعاتها وفيها ما لا يناسب الديوان، أما قصائد الإصدارات أو القصائد المشابهة لها فهي وانسب للديوان، أما عن إهمال الشعراء لتوثيق تجاربهم بالطباعة والنشر فأنا تحضرني الفكرة ولكن الظروف تشغلني.

العلوي: تقصير كبير في التوثيق

أما سيد ناصر العلوي فقد أشار إلى أنه حينما استشهد بقصائد الثمانينيات فأنا استشهد بقصائد من كتابة عمالقة في الشعر الحسيني فأنت ترى قصيدة للشيخ صادق الدرازي وقصيدة لعبدالجليل الدرازي وقصيدة لغازي الحداد وأخرى للشيخ مجيد التوبلاني وأخرى للشيخ عبدالهادي المخوضر وشيخ علي صالح وعبدالله رضي وغازي العابد وعبدالشهيد الثور هؤلاء حين ترجع له تلقى أنهم نقلوا لغة القصيدة وأسسوا للغة جديدة ولطريقة جديدة في التناول وهم من المؤسسين في القصيدة الموكبية، هؤلاء لهم نتاجات بعضهم له ظروفه ولم يطبع وبعضهم طبع كعبدالشهيد الثور في «الدموع الجارية» وغازي الحداد «في العاشق والمعشوق» وشيخ عبدالهادي المخوضر «عليك تبكي السماء»، وأشعر أن هناك تقصيرا كبيرا في التوثيق، وأتمنى أن تكون هناك فرصة فيكون التوثيق من ضمن الأولويات، أتأسف على أن لا يرى الجيل الحالي قصائد الثمانينيات والتسعينيات وأدعوه أن يطلع على هذه التجربة ، فنحن لو لم ننظر في قصائد من قبلنا مثل قصائد الملا عطية الجمري، أو قصائد الحلي التي ألقيت في المنبر فهذا إجحاف، فلننظر في قصائد من قبلنا لنستفيد منها، ولا نريد أن نحكم على ما سبق بأنها أفضل ونحن لم نوثق ولم ننظر فيها، وأنا أشعر أن هناك تقصير لأن الكثير لا يجعل التوثيق من أولوياته.

عبدالشهيد الثور: من يتبنَّى الطباعة؟

وأشار عبدالشهيد الثور إلى أن الشعراء بحاجة لدعم مادي ومعنوي ليوثقوا تجاربهم، فطباعة الديوان يحتاج إلى أكثر من ألف دينار والشاعر يحتاج إلى جهة تدعمه ليوفر المبلغ فمن من الشعراء الحسينيين حصل على جهة أو أحد يدعمه لنشر ديوانه ؟ وحتى لو كان ضعيفا فإن وجود الشيء أفضل من عدمه، والدعم المعنوي أن تحرك وتصرّف القصائد إلى الجهات التي تقرأ فطباعة الكتاب ووضعه في المكتبات من غير قراءة عملية سلبية وقد طبعت سبعة دواوين وأتساءل من القارئ؟ القرّاء قليلون خاصة الآن بعد بروز الموكب والظاهرة، وأمام الصوتية التي تتحدث عنها هناك ظاهرة سمعية، فالجمهور سامع وليس قارئا إنه لا يعمل عينه بل أذنه، وهناك من يقرؤون النص ويتذوقونه ولكنهم قليل، ونحتاج أن ندعم السمع بالقراءة فلو أن كل منطقة قامت بطباعة ديوان شاعرها أو على الأقل طباعة قصائد الموسم فسيقتني الناس الديوان رغبة في قراءة القصائد التي استمعوا إليها وستنشأ ظاهرة القراء ومتابعة الديوان في صف النص المسموع، وقراءة النص أحيانا أجمل من المشاهدة كما في الفيلم، فللعين متهتها وللأذن متعتها، ولدي اقتراح بسيط فهل تستطيع الوسط تبني فكرة طباعة قصائد الموسم ضمن مشروعها للكتاب المقروء.

القرمزي: هي قصيدة سمعية

أما القرمزي فقد رأى أن التوثيق تارة يكون لأجل التوثيق فقط لا لأجل أن تقرأ، بل لأجل الحفظ فقط ، لأن القصيدة العزائية قصيدة سمعية، ولا أحد يقتني ديوان عزائي ليقرأه وذلك شبيه بنصوص الروايات التي كتبت لتمثل ولا يقرأها أحد إلا المختص ليدرسها ويقارنها بغيرها، وأؤكد على التوثيق لجعلها وثيقة فقط والقصائد ناجحة بصوت الرادود وطريقة الإلقاء وبموضوعها أما من ناحية الشعر فهي ليست كذلك لا تبحثوا عن الشاعرية في قصيدة العزاء فهي لها خصوصية، نعم الشاعرية مطلوبة، الصور مطلوبة، ولكن لأنها قصيدة مسموعة ونحن في هذا الزمن لا بد أن نبحث عن أجدى وسائل التوثيق التي تناسب العصر، التوثيق مفيد وأن أول من يدعو نفسه للتوثيق لأغراض متعددة، القصيدة الحسينية مسموعة وليست مقروءة ، ومن الممكن توثيقها ويمكن إيصالها للآخرين ولكن بأسلوب جديد، أدعو لعصرنة التوثيق فإذا كان لدينا وسائل متعددة لابد من استثمارها ليصل العمل.

العلوي: التنقيح قبل التوثيق

المكتوب يعزز ما هو مسموع، والتوثيق ضرورة، ونحن نتجادل عن قصائد الثمانينيات والتسعينيات ولو كانت موثقة لحسم أمر قوتها أو ضعفها وهذه فترة قريبة، توثيق القصيدة ضرورة للأجيال القادمة ليرو كيف هو مستوى القصائد وكيف تطورت، وهي جزء من تراثنا الأدبي في أهل البيت، ومثلما بقيت قصائد حيدر الحلي وغيره، إن توثيق القصيدة يبقيها ويقرأها النقاد لتعبر عن تعامل الناس مع الثورة الحسينية، يقرؤون الأجواء الاجتماعية التي تتحرك فيها القصيدة والسياسية والأدبية، ولا أؤيد توثيق أي قصيدة من غير تنقيح بل لابد من عرضها خصوصا أن فيها القوي والضعيف وهي تتعلق بروايات والمطابع لن تدقق في شاعر ينقل الروايات غير الصحيحة في قصائده، فأنت تتكلم عن أهل البيت، ورغم الضعف الأدبي قد تمرر ولكن من الناحية الفكرية لا يمكن أن تمرر ولا بد من الفرز في التوثيق.

التتان إيجاد مكتبة دواوين الحسينية

ورأى اللتان أن طباعة الديوان للقصائد الحسينية ضرورة، وذلك سيؤدي إلى إيجاد مكتبة دواوين للقصائد الموكبية، ولا يوجد أعز من الكتاب ولو وجدت الوسائل الأخرى، ولنتخيل مكتبة في 2015م تحوي مختلف الدواوين الحسينية الموكبية فيها دواوين سيد ناصر وعبد الشهيد الثور وغيرهما وهذا يصنع الكثير.

*ما ملاحظاتكم على اللغة المستخدمة في القصيدة الحسينية الآن وهل تختلف عما سبق، وما أهم المحاور أو «الحقول اللغوية» التي تعتمدها للتعبير، وهل هناك من تجديد على مستوى التوظيف اللغوي، وما ملاحظاتكم على الصور التي يعبر بها الشعراء، وما مستوى الإبداع والتجديد فيها ما أهم الفضاءات التي تنهل منها القصيدة الحسينية صورها؟

التتان: الإبداع في العامية بالتحرر مما سبق

- للإبداع في العامية لا بد من التخلص من الصور السابقة والتحرر من أن نكون نسخة مما سبق أخرى، تتحرر من الجمرات الودية والفائزيات مع الاعتزاز بهما، لنضيف جمالا آخر، وفترة التسعينيات لم يكن هناك اهتمام بالنبطي، ما عدا قصائد عبدالشهيد الثور، وهو من قلائل المهتمين بالشعر النبطي الحسيني والآن القصيدة النبطية أخذت مجالا أوسع مثل «سبقنا الموت للشاطئ وبقينه هناك ننتظره» هذا أسلوب يختلف عن الملا عطية وابن فايز، هو تجديد لا يخلو من الصور ومثل «السهم جنه تحول وصاب أول أبو الفضل واختار العين وسهم يمنة واتعذر واصاب قلب احسين» ومثل « العليلة وردة واتفتحت وتالي المطر خذلهه « هذه صور تكتب بطريقة جيلنا، والقصيدة النبطية تحتاج أن لا يتطفل عليها أحد لأن التعامل معها يختلف عن الفصحى الناس تحب النبطي ولا بد من حسن تقديمه.

القرمزي: التجربة تتقدم مع الزمن

وأضاف القرمزي أن الزمن كلما تقدم، تقدم الشاعر أيضا فالقرمزي بعد أن مضى عليه عشر سنوات يختلف عنه الآن الزمن يتقدم وتتقدم التجربة في لغتها وصورها وكذلك السيد ناصر لن يكتب شيئا الآن مثل الثمانينيات، فهناك قصائد برزت ليس لأدبيتها، بل لأنها تحدثت عن السياسة وقدمت في مواقع مركزية، السيد ناصر الآن تطور أنا قرأت له في التسعينيات فقد كتب قصيدة لصالح الدرازي عن الإمام علي وكان تناول القصيدة بمقولات للإمام علي عن المسلمين وغير المسلمين والمسيح، وكانت اللغة والصورة تختلف، وكذلك قصيد ليلة العاشر لا يكتبها الآن مثلما كان يكتب منذ عشر سنوات والإحساس والمشاعر يختلف عن اللغة والصورة ، اللغة تتطور فينا ومع تجربتنا، السيد طرح نماذج فيها أفكار فقط ولو كتبها الآن لكتبها بلغة وصور أخرى فلغته وصوره تطورتا، والآن حتى المستهل يحمل صورة وشاعرية مختلفة، وخاصة في الإصدارات الصوتية، ولعل أبرز حقلين في القصيدة في قصيدة الموكب الآن هما حقل الحزن وحقل الحماسة.

الثور: الشعراء والثقافة الموكبية

وأضاف عبدالشهيد الثور: اللغة في القصيدة الحسينية متأرجحة فمن يكتبون لهم عدة مستويات فهناك شعراء يستقون ثقافتهم من الموكب، فيعيد صياغة ما يسمعه، فهذا يكون مستواه أبسط من الشاعر الذي يعتمد علي قدراته وقراءاته، وتثقيف نفسه وتطوير مهاراته الفنية، وكل يكتب بمستواه، وتلاحظ أن القصيدة فيها قوة وضعف، أما الحقول اللغوية فهناك حقل لغوي تأملي والنص المجدد يحتاج إلى الصورة المركبة التي تكاد تكون لوحة فنية وفيها تمثل الصورة نقلة.

العلوي: اللغة والصور متفاوتة

وأضاف العلوي: لا نستطيع الحكم على القصائد الأولية والقصائد الحالية في بلاغتها وصورها فالمسألة تخضع للتقييم والدراسة، وأغلب الموجود على طاولة الحوار قراءات شخصية تمنيت أن تكون الدراسات التي قدمت حاضرة، مشكلة أن تكون مستهلات 2007م أضعف من السبعينيات، القصيدة تضعف الشاعر بتعدد أوزانها الشاعر مبدع ولكنه أسير لهذه الأوزان والتي أصبحت هي الأمر الواقع وتقديرا للآراء، أقول لندع التجربة تمضي، ولكني أدعو لتقنين حالة تعدد الأوزان رغم أنني كتبتها وبكثرة منذ أن بدأت وغيري كذلك ولما شعرنا بضعف في القصيدة وأثره على الخطاب الرسالي فيها دعونا لتقنينها ومعالجتها وتقنينها من جديد، وعموما القصائد القديمة والجديدة متفاوتة في اللغة والصورة توجد جوانب مشرقة هنا وجوانب مشرقة هناك

العدد 2323 - الأربعاء 14 يناير 2009م الموافق 17 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 6:43 ص

      حسين الخفاجي

      يا خي الكريم أنا شاعر مبتدأ لكنة الرواديد الحسينين الله يحفضهم لم يسمعو الى الشعراء الشعبين لين مو هوة بل مستوة المطلوب الذي يردهو الردودالكبير ؟؟؟ او بل خصوص الى تسجيل الطمية هذي تكلف مبالغ كثيرة والكن الشاعر بحد ذاتة هوة فقير ؟؟ وماكو جهية التنمية هذا الشاعر //
      وشكرن الكم اخوكم حسين الخفاجي/ /

اقرأ ايضاً