قال الناطق باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان هيثم مناع في حوار مع «الوسط» متحدثا عن المناضل عبدالرحمن النعيمي إنه تعرف عليه قبل أكثر من 3 عقود ونصف العقد، وتحديدا في العام 1972 في دمشق، حيث كان اسمه الحركي حينها «سعيد سيف»، قائلا عن ذلك: «اجتمعت معه للمرة الأولى وكان برفقته مجموعة من اللاجئين البحرينيين والسعوديين، الذين كانوا يعيشون في المنفى بعد الهجمة الشرسة التي قامت بها بعض الأنظمة العربية على الحركة اليسارية التي نشطت كثيرا في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وبفضل النعيمي ورفاقه فقد تغيرت الصورة القاتمة التي كان يحملها العرب عن الخليج والجزيرة العربية، قائلا في ذلك: «لقد قدموا لنا أمثلة رائعة عن النضال والثبات على المواقف المشرفة رغم قساوة الظروف التي كانوا يمرون بها».
وقال مناع: «كنا نعرف في تلك الفترة أن النعيمي يخوض مع رفاقه معركة ضد القلعة الأهم للنفط العالمي، وكنا على قناعة بأن معركتهم كانت يائسة، إلا أن نضالهم وثباتهم وإصرارهم علمنا درسا في سورية والمنطقة العربية عن أن النضال يجب أن يكون بعيد المدى».
ولفت مناع في حديثه عن النعيمي إلى أن الأخير كوّن لمناضلي الخليج المقيمين في سورية حينها كيانا مستقلا، وخلق لمجموعته خطابا سياسيا ذاتيا، لأنهم كانوا حريصين على استقلاليتهم وكان لديهم مشروعهم النضالي الخاص بهم ومرجعيتهم النضالية والثورية.
وأشار مناع إلى أنه ومنذ العام 1972 كان عبدالرحمن النعيمي حريصا على التواصل مع مختلف المكونات النضالية العربية، فكان يحضر ورفاقه الندوات التي نقيمها، وكنا نحضرهم سرا إلى الجامعة في سورية نعطيهم محاضرات ونتواصل معهم في اجتماعات متنوعة كانت على علاقة وثيقة بالنضال العربي والقومي.
وعن المواقف التي لايزال مناع يتذكرها في علاقته مع النعيمي، قال: «أتذكر أننا كنا معا في منطقة تسمى «تريم» في اليمن الجنوبي حينها، وكنا مستقلين سيارة لحضور دورة تدريبية مع شبان يمنيين، فتعطلت السيارة وكدنا نموت من العطش، وكنت أبصق ما في ريقي بسبب العطش، فكان يقول لي: احتفظ بها ستحتاجها بعد قليل، وفعلا فقد استمر بقاؤنا في تلك المنطقة حوالي 12 ساعة قبل أن يتم إنقاذنا».
ومما يستذكره أيضا يقول مناع في فترة من الفترات جرت حملة اعتقالات في سورية ولم يكن لدينا ما نطعم به عائلاتنا وعوائل المعتقلين، فذهبت إليه مسكنه وأخبرته بحقيقة الحال ومجرى الأمور، فذهب إلى داخل داره وعاد بعلبة بها مبلغ من المال، وقال لي: هذا كل ما لدينا سنتقاسمه بالنصف فيما بيننا، وقد تأثرت بهذا التصرف بالغ التأثر، وازددت يقينا -وكنت على يقين- أن هذا الجيل الذي يتصدره عبدالرحمن النعيمي هو جيل النهضة السياسية التي خلقت وعيا سياسيا ونضاليا في المنطقة العربية والخليج على وجه الخصوص، وكانوا في نضالهم لا يسعون إلى مكاسب فئوية أو حزبية بل كانوا يمارسون السياسة بالمعنى الإغريقي النبيل، وقد تعلموا كلمة واحدة هي العطاء وكانت حياتهم ومازالت أنموذجا حيا للعطاء والتجرد من الأنا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وختم مناع خواطر ذكرياته عن رفيق نضاله عبدالرحمن النعيمي بالقول: لم يغب النعيمي عن بالنا أبدا، وهنا لابد أن أسجل كلمة للتاريخ «كلنا سنغيب يوما ما وفي لحظة ما، لكن النضال يظل باقيا في النفوس وتتناقله الأجيال جيلا بعد جيل»، من المهم أن يكون هناك تواصل بين الأجيال، ولابد أن يفهم الجيل المقبل أن النضال تواصلي، وأن ما تم لا يجب إغفاله أو نسيانه بل يجب البناء عليه والمواصلة فيه، وسيبقى المناضلون الشرفاء مخلدون في التاريخ، لأنهم رسموا بنضالهم وعذاباتهم طريق النور الذي تسير عليه الأجيال اللاحقة
العدد 2323 - الأربعاء 14 يناير 2009م الموافق 17 محرم 1430هـ