العدد 2328 - الإثنين 19 يناير 2009م الموافق 22 محرم 1430هـ

الشكر لأمير قطر... الشكر لقناة الجزيرة

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

أعترف أنني أعجز عن مشاهدة الكثير من المناظر التي تعرضها قناة الجزيرة وبعض القنوات الأخرى، تلك المشاهد المتعلقة بجثث الموتى أو بعض أشلائهم، أو مشاهد الأطفال المشوهين، أو سماع آهات أو أنين المكلومين من الأمهات أو الآباء أو الأطفال. وكنت أعجب كيف لا تهز هذه المشاهد المؤلمة قلوب حكامنا وقلب كل من فرد مسلم، بل وقلب كل إنسان حر على وجه الأرض.

وكنت أشعر بالعار وأنا أسمع أن بعض اليهود يعجب من صمت المسلمين عن هدم مساجدهم وكأن هذه المساجد لا تعني لهم شيئا، كما كان يخالجني الشعور نفسه وأنا أقرأ أن أحد الصهاينة يقول: إن «إسرائيل» تتلقف كل يهودي تراه محتاجا إليها، ويتساءل: لماذا تمنع مصر دخول أهالي غزة إليها وهم في أمس الحاجة إلى الاحتماء من القذائف الصهيونية!

ومن المؤلم أننا نسمع أن منظمات حقوقية تؤكد أن الصهاينة استعملوا أسلحة محرمة دوليا وأنهم بصدد رفع دعاوى ضدهم بينما يصمت بعض القادة عن هذه الجرائم ويحاولون تمييعها بصورة أو بأخرى.

ومن المؤلم - أيضا - أن تتحدث كثير من المنظمات الإنسانية، وأعداد من الأطباء عن الوضع الكارثي المؤلم في غزة بينما نجد أن معبر رفح يقفل - أحيانا - أمام المساعدات الإنسانية بحجج واهية.

ومن المفارقات المحزنة أن نسمع أن بعض الصحافيين الأميركان يصفون «ليفني» بأنها إرهابية بينما يعجز «كبراؤنا» عن إطلاق هذا الوصف عليها، بل يقابلونها بالإجلال والاحترم.

ومن تلك المفارقات أن يتحدث برلمانيون بريطانيون عن الصهاينة بوصفهم «نازيون» بينما لا نسمع هذا الوصف من «كبرائنا» خوفا وهلعا!

أليس من المؤسف أن يتحدث بعض «كبرائنا» عن أهمية محاصرة سلاح «حماس» تمشيا مع مطالب الصهاينة الذين يريدون أن يخلو لهم الجو حيث يسهل عليهم القضاء على حماس وكل حركات المقاومة بسهولة ويسر؟ إذا كان للصهاينة مصلحة في ذلك فما هي المصلحة العربية لمثل هذا العمل؟

المصلحة العربية، والمصلحة المصرية هي مساعدة كل فصائل المقاومة بالسلاح ليكونوا قادرين على حماية أنفسهم... الأميركان أرسلوا أسلحة للصهاينة أثناء هذه الحرب على رغم كل ترسانة الأسلحة الموجودة عندهم بينما يتحدث بعضنا عن تدمير الأنفاق وعن أهمية محاصرة غزة من كل مكان... أيليق هذا بالأمة العربية!

في هذه الأجواء المؤلمة والمحزنة جاءت دعوة أمير قطر لعقد قمة عربية طارئة لبحث الأوضاع في غزة، وقد كانت دعوته في بداية الحرب لكن البعض آثر الذهاب إلى الأمم المتحدة وكأنهم يجهلون مواقف هذه الأمم منهم، أو لعلهم يعرفون هذه المواقف ويرون أنها تحقق لهم بعض الأهداف!

وعندما فشلت مساعي الأمم المتحدة أعاد أمير قطر دعوته مرة أخرى... وتحدث «القوم» عن هذه الدعوى، وقيل عنها ما قيل، وجرت محاولات كثيرة لاجهاضها... قيل إن هناك مؤتمرا في الكويت بعد بضعة أيام وأن الحديث عن غزة سيكون له نصيب وافر من هذا المؤتمر... وقيل إن الإعداد لأي مؤتمر يحتاج إلى فترة طويلة لكي يضمن له النجاح... وقيل إن هذا المؤتمر سيكرس الفرقة العربية... وقيل وقيل... ولكن هناك أشياء لم يقلها أحد!

مؤتمر دول الخليج عقد في يوم واحد، ومثله المؤتمر الدولي الذي عقد في شرم الشيخ، ولم يقل أحد إنها فاشلة لأنها عقدت بسرعة لافتة للنظر فما بال مؤتمر قطر لا ينطبق عليه ما انطبق على غيره؟

ومع أنني شخصيا - ومثلي معظم العرب - لم يعد يثقون بالمؤتمرات العربية لأنهم يسمعون كلاما ولا يرون أفعالا إلا أن الوضع المأسوي في غزة جعل الجميع يتطلعون إلى أي شيء يوقف هذه المجازر أو يخفف منها أو يقدم دعما لأهالي غزة، ومن هنا كان الترحيب الشديد بمؤتمر الدوحة... لعل وعسى!

وعقد المؤتمر وكانت دعوة الفصائل المقاومة أفضل شيء فعلته قطر، لأنهم هم المقاتلون على الأرض والمؤتمر معقود من أجلهم...

إن القول إن فتح أو الرئيس أبو مازن هو الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني قول ينبغي أن يزول... فالرئيس انتهت ولايته وأصبح والرئيس السابق مثله مثل «الحكومة المقالة» كما أن الفصائل المقاومة هي التي يجب أن تمثل الشعب وليس الحكومة التي لم تعمل شيئا للفلسطينين إلا تحميهم «أي حماس» المسئولية عن الحرب...

أحسنت الحكومة القطرية أنها وضعت بعض النقاط على بعض الحروف، والمطلوب - مستقبلا - أن تكون الأمور كلها واضحة للشعب العربي ليعرف الناس إلى أية جهة يتجهون...

قطع العلاقات مع «إسرائيل» - أو تجميدها - أمر جيد، فعلته قطر وموريتانيا وكان الأجدى أن لا يكون هناك أي نوع من العلاقات مع الصهاينة فليس لأي دولة عربية مصلحة من هذه العلاقة فالصهاينة لن يتغيروا، وقد أثبت تاريخهم أنهم لا يفهمون إلا لغة القوة...

ومرة أخرى... أجد من المستغرب أن تقطع فنزويلا وبوليفيا علاقاتها مع الصهاينة بينما تصر دول عربية على هذه العلاقة!

وأجد من المستغرب أن تقطع دول عربية علاقتها مع قطر بسبب قناة الجزيرة ولا تقطعها بسبب المجازر الصهيونية...

على أية حال القرارات التي اتفق عليها الذين حضروا مؤتمر قطر كانت جيدة والمؤمل أن تجد طريقا عمليا لتنفيذها... والمؤمل - أيضا - أن تجد طريقها سهلا في مؤتمر الكويت...

أما قناة الجزيرة فقد قامت بعمل رائع أثناء هذه الحرب الظالمة، وقد أثبتت أنها القناة العربية الوحيدة التي تعبر عن هموم العرب، وتنقل تطلعاتهم إلى كل مكان في العالم.

لقد حاول الصهاينة بكل الوسائل التعمية على جرائمهم في غزة، واستخدموا كل إمكاناتهم للتأثير على وسائل الإعلام الأجنبية لكي لا تنشر الصور التي ثبتت جرائمهم... ولولا الجهد الهائل التي بذلته «الجزيرة» لحققوا الكثير من أهدافهم...

كنت أصاب بالأسى وأنا أتابع معظم الفضائيات العربية فأراها سادرة في غيها وأنا معها وكأن شيئا لم يحدث في غزة!

وكنت أصاب بالغثيان وأنا أشاهد بعض القنوات الإخبارية فأراها تتحدث بالنفس الصهيوني وكأنها لا تمت للعرب بصلة...

كانت «الجزيرة» وحدها هي التي تعبر عن آلام العرب، ومهما قيل عنها فستبقى هي الأفضل حتى نرى شيئا آخر...

الشكر لهذه القناة ولكل العاملين فيها... ومازلنا نتطلع إلى الأفضل منها ومن قطر ومن مؤتمر الكويت، فالأمة المنكوبة بحاجة إلى كل عمل خير مهما كان مصدره...

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2328 - الإثنين 19 يناير 2009م الموافق 22 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً