العدد 234 - الأحد 27 أبريل 2003م الموافق 24 صفر 1424هـ

أين إعلانات الوظائف الشاغرة، ولماذا تنشر خارج البحرين فقط؟

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

من المقاييس التي تعتمدها بعض وزارات المالية والوزارات المختصة بتوظيف المواطنين في بلد متقدم اعتماد عدد الاعلانات المنشورة في الصحف عن الوظائف الشاغرة كأحد المؤشرات.

ويخصص وزير المالية البريطاني، مثلا، جزءا من خطابه الدوري امام البرلمان ليتحدث عن عدد الوظائف التي تم إعلانها وعما إذا كانت هناك زيادة في هذه الاعلانات أم لا. كما تقوم الصحف البريطانية بتخصيص يوم واحد من الاسبوع لقطاع واحد تنشر فيه اعلانات الوظائف الشاغرة، فـ «الديلي تليغراف» تنشر كل يوم خميس الاعلانات الخاصة بالوظائف الهندسية بينما تتخصص «الفايننشال تايمز» في يوم آخر بنشر الاعلانات الخاصة بوظائف أسواق المال، وتقوم «الغارديان» بنشر اعلانات الوظائف في يوم آخر في قطاع التعليم، وهكذا تقوم كل صحيفة بالتخصص في نشر اعلانات احد القطاعات المهمة.

وتقوم وزارة المالية بجرد عدد تلك الوظائف المنشورة ودراسة حركة الاقتصاد ونموه في قطاع معين مثل تقنية المعلومات او الفن او اي قطاع آخر وتنشر الاحصاءات التي تثبت مدى نجاح سياسة الحكومة تجاه تنمية القطاعات الناجحة والتي تستوعب أيدي عاملة مدربة وتقدم معاشات مناسبة للمواطنين. كما تقوم الدولة بافتتاح مراكز لتشغيل الايدي العاملة الوطنية (JOB CENTRES) وهناك نظام معلوماتي مركزي (وغير مركزي بالنسبة إلى الوظائف المحلية) يوزع المعلومات ويتسلم معلومات اخرى عن الذين تقدموا وتمت مقابلتهم وعما اذا حصلوا على الاعمال التي تقدموا اليها، ونوعية المساعدة المطلوب تقديمها إلى المواطن للحصول على العمل.

أما في البحرين فليس لدينا شيء من هذا الأمر، لا تجد اعلانات وظائف شاغرة بصورة يومية ولا تجد مراكز لتوظيف المواطنين ولا تجد اي احصاءات عن الوظائف التي تم اعلانها خارج او داخل البحرين.

غير ان المتابع للأمر يرى ويقرأ اعلانات في بريطانيا وفي الاردن وفي اليمن وفي الهند وفي الامارات عن وظائف في البحرين. والاعلانات مستمرة هناك بصورة شبه يومية. كما وتكثر في البحرين مراكز استيراد الايدي العاملة الاجنبية وكل تسهيلات الامور موجهة في الاساس إلى إعلان الوظائف في خارج البحرين او الاتصال بمراكز استيراد الايدي العاملة من الخارج.

وعند قراءة بعض الاعلانات المنشورة في خارج البحرين والتي نشرت في 20 ابريل/ نيسان الجاري في صحيفتين احداهما في الهند والاخرى في الامارات نقرأ وظائف مطلوبة، مثل:

مهندسو تشغيل لوزارة الكهرباء.

فنيو تشغيل (ايضا وزارة الكهرباء).

فنيون ميكانيكيين (وزارة الكهرباء).

مشغلو معدات (وزارة الكهرباء).

مدير تسويق (قطاع خاص).

مدير خدمات (قطاع خاص).

مدير مالي (قطاع خاص).

مدير جودة (قطاع خاص).

محاسب مالي (قطاع خاص).

مسئول ورشة (قطاع خاص).

مسئول قطع غيار (قطاع خاص).

مندوب مبيعات (قطاع خاص).

وفي مطلع العام الدراسي الماضي ارسل إلينا احد القراء قصاصات من صحف اردنية تطلب مدرسين لوزارة التربية، واعلانات في بعض الصحف البريطانية لمواقع عمل قيادية.

إن عدد العمال الاجانب في البحرين يصل إلى 190 الفا، بينما لدينا قرابة 120 الف مواطن في العمل وهناك قرابة 27 ألف مواطن من دون عمل، وهؤلاء سيلتحق بهم قريبا عدد من الذين ستضطر بتلكو وغدا مؤسسات اخرى إلى تسريحهم كجزء اساسي في عملية تحرير وتخصيص الاقتصاد.

وهذا كله يغفل البطالة في صفوف الاجانب، اذ لا أحد يعلم كم عدد «الفري فيزا» وهل هم فقط 20 ألفا ام انهم 50 ألفا، ولا أحد يعلم كم عدد العاطلين منهم، هل هم 5 آلاف ام 15 ألف. وهؤلاء العاطلون الاجانب ينافسون العاطلين البحرينيين حتى في تغسيل السيارات ومساعدة المتسوقين في حمل البضائع وفي البيع وفي كل شيء لا يتطلب مهارة، وفي كل شيء يتطلب مهارة. ولأنهم يقبلون بالقليل فقد تحولت كثير من المهن التي كان يسيطر عليها المواطن الى مهن يسيطر عليها الاجنبي بصورة شبه كاملة.

البعض كان يعتقد أن رخص الايدي سيستمر وهذا ليس حقيقة. فلدينا الآن طبقة متوسطة من الاجانب الذين جاءوا إلى البحرين باعتبارهم أيدي عاملة رخيصة، واصبح عدد منهم لديه امكانات تفوق ما يحلم به المواطن الاعتيادي. فالعامل الميكانيكي الذي استورده البحريني ليعمل في الكراج ولم تكن لديه ادنى خبرة اصبح الآن صاحب الكراج، وصاحب المحل البحريني تقاعد ويتسلم مقابل تقاعده مخصصات من العامل الاجنبي الذي استورده في الماضي.

هذه الطبقة المتوسطة من الاجانب أصبح ثقلها يزداد وهي ليست رخيصة ولا يمكن الان تسيير العمل من دونها وأصبح البحريني محتاجا الى خبراتها وليس الى ايديها الرخيصة. ومع الايام ستزداد هذه الحال وسيتحول كثير من العاطلين الاجانب من فئة «فري فيزا» الى طبقة وسطى وغالية ايضا. وهذا كله يطرح أسئلة عملية تجاه الخطة الوطنية لإنقاذ هذا الوضع، فالبحرينيون ينتظرون بفارغ الصبر تشريع قانون لدعم البحرينيين الباحثين عن عمل ماليا لكي يستطيعوا العيش وهم يبحثون عن عمل كريم ولكن ايضا نحن بحاجة إلى دراسة معمقة لهذه الظاهرة الخطيرة التي تدفع القطاعين العام والخاص إلى اعلان وظائف شاغرة خارج البحرين

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 234 - الأحد 27 أبريل 2003م الموافق 24 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً