العدد 2371 - الثلثاء 03 مارس 2009م الموافق 06 ربيع الاول 1430هـ

الأبعاد الجديدة للأمن في ضوء مؤتمر البحرين

محمد نعمان جلال comments [at] alwasatnews.com

سفير مصر الأسبق في الصين

لقد برزت في السنوات الأخيرة مفاهيم جديدة للأمن ونقدم أبرزها.

الأول: تكامل الأمن الداخلي والأمن الدولي والإقليمي.

الثاني: تكامل دور الأجهزة الأمنية من الشرطة والقوات المسلحة بالنسبة لتعزيز الأمن الداخلي.

الثالث: دخول قضايا حقوق الإنسان في مجال الأمن وفي مداولات مجلس الأمن الدولي.

الرابع: بروز قضية الاتجار في البشر كقضية أمن وطني لتفاقم مخاطرها وأصبحت المهنة التي تدر العائد الأكبر عاليا قبل السلاح والمخدرات.

لكل هذه المفاهيم الجديدة اكتسب مؤتمر الأمن الداخلي لوزارة الداخلية أهمية متزايدة.

ولقد أشرنا في مقال سابق ببعض الملاحظات السريعة عن مؤتمر المنتدى الأمني الذي عقدته وزارة الداخلية، ونود أن نضيف للملاحظات السابقة عددا من الملاحظات الإضافية تتمثل في الآتي:

الأولى: أن المعرض الأمني الذي رافق المنتدى ضم عدة شركات بارزة وقدم أحدث المعدات الدفاعية والأمنية، ومنها ما يتعلق بموضوعات الكشف عن المنشآت والبنوك، وتقييم المخاطر الأمنية والأمن الخاص، وأجهزة الكشف عن المتفجرات، وتأمين النقل ومراقبة المطارات. وهذه قضايا ومواقع بالغة الأهمية والحساسية ينبغي أن تحظى بأولوية رئيسة في ظل بيئة الأمن المتغيرة في البحرين خاصة وفي منطقة الخليج بوجه عام.

الثانية: أن عددا من الشركات التي ساهمت في المعرض كانت شركات خليجية وشركات دولية من الإمارات وفرنسا وإسبانيا والبحرين والولايات المتحدة وغيرها من الدول وبالتأكيد لا يمكن لأي صناعة وطنية ولا خبرة وطنية مهما كانت متقدمة أن تستغني عن الخبرات الأجنبية في عالم متغير ومنفتح وفي ظل السماوات المفتوحة وتسارع وتيرة الاتصالات وعولمة الفكرة والمعرفة.

الثالثة: كانت كلمة اللواء الركن عبدالطيف بن راشد الزياني رئيس الأمن العام ضافية في تناولها للأوضاع الأمنية الإقليمية والدولية والوطنية باعتبار أن الأمن كل لا يتجزأ وهو -على حد قوله- كالسلسة يقاس بأضعف حلقاتها، وحلل عوامل الضعف والقوة في المستويات الثلاثة للأمن الداخلي والإقليمي والدولي، كما أوضح قواعد التعاون الدولي لترسيخ مفاهيم وحدة الأمن الشامل.

الرابعة: أما أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن بن حمد العطية فقد ركز في كلمته على القضايا الرئيسة في أمن الخليج والأمن القومي العربي، وفي مقدمة ذلك القضايا البالغة الحساسية مثل أمن البحرين وسيادتها في مواجهة التصريحات من بعض المسئولين الإيرانيين، وكذلك قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، فضلا عن قضية فلسطين والاعتداءات الإسرائيلية على غزة. وكان استقبال جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة له تأكيدا على عمق الترابط الخليجي والدور الفاعل لمجلس التعاون الخليجي في بناء منظومة أمنية مشتركة، وهذا أيضا ما برز في لقاءات وفي تصريحات وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة.

الخامسة: أما وزير الداخلية العراقي فقد أبرز أن على الأجهزة الأمنية عدم استفزاز المواطنين عند ممارستها لمهامها الأمنية، وتحدث عن التجربة العراقية في هذا الشأن. أما وزير الداخلية الإيراني فقد أبرز مبدأ التعاون بين دول المنطقة وحرص بلاده على ذلك، ولكنه كرر المصطلحات الإيرانية بتسمية الخليج بالفارسي 18 مرة في كلمته، وحاول التقليل من مسألة احتلال جزر الإمارات ووصفها بأنها سوء تفاهم، ومر مرور الكرام على التصريحات لمسئولين إيرانيين حول البحرين مشيرا إلى أن أمن البحرين والمنطقة من أمن إيران.

السادسة: هناك مجموعات عمل كثيرة عقدت بالتوازي على مدى اليومين منها ما يتعلق بتمويل الإرهاب حيث ذكر الدكتور رشيد المعراج محافظ المصرف المركزي، أن البحرين جمدت الحسابات المصرفية للقوائم الصادرة عن صندوق النقد، وأبرز وزير الأمن الداخلي الأميركي السابق سياسة بلاده في تجفيف منابع الإرهاب، وضبط الحدود، والعبور وتطوير التكنولوجيا، في حين أبرز قائد الأسطول الخامس الأميركي أن أمن الخليج بحاجة لتأمين السلامة البحرية، وذكر رئيس اللجنة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب أن بلاده لا تحارب الإسلام إذ إن ثلث سكانها مسلمون.

في حين ركز وكيل وزارة الداخلية السعودي على مخاطر الصراع النووي وانتشار أسلحة الدمار الشامل، وناشد المجتمع الدولي للتحرك السريع لحل مشكلات المنطقة خاصة الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص القضية الفلسطينية. وأشار نائب الأمين العام لشئون التخطيط للطوارئ المدنية في حلف الأطلسي لاستعدادهم للتعاون مع البحرين في تدريب الكوادر للطوارئ.

ولعل أهم ما في المؤتمر لم يظهر على السطح ولم تتطرق له الصحف كثيرا ويمكننا أن نرصد بعض تلك الأمور اعتمادا على التحليل المنطقي ومشاهدة بعض الاتصالات والتحركات ومن ذلك.

1- كثرة الاجتماعات الجانبية بين كبار الشخصيات من مختلف الدول، وحرص الجميع على أن يحظى بلقاء جلالة الملك أو معالي وزير الداخلية وغيرهما من كبار المسئولين لتبادل الآراء والتعرف على البحرين وأوضاعها عن كثب.

2- أن الشركات العارضة فضلا عن قيامها بالعروض، فإنها سعت لتلقي طلبات لإنتاجها وهذا من الأمور المنطقية في الترويج للسلع والتعريف بها ومن ثم تحقيق فائدة للبائع والمشتري والمنتج والمستهلك.

3- أن هناك جنودا مجهولين رغم أنهم معروفين جيدا ساهموا في الإعداد للمؤتمر وفي إنجاحه ومن ذلك مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية الذي يرأسه الدكتور عمر الحسن والذي شارك عبر عدة طرق، ولكن يمكن أن نرصد ثلاثا منها على الأقل أولها المشاركة الشخصية لعمر الحسن وهو شخصية له علاقات واسعة، ثانيها مشاركة عدد من خبراء المركز والعاملين به في رصد مداولات المؤتمر، ثالثها المشاركة الفكرية لعدد من العلماء المصريين المتميزين في مجالات الأمن والسياسة والاقتصاد بخبراتهم كرافد فكري للمؤتمر، ناهيك عن طاقم الترجمة المتميز. ولقد كان من حسن حظي أن الكثيرين ممن شاركوا من مركز الخليج الدراسات الاستراتيجية والعلماء المصريين ومن المترجمين أصدقاء لي عبر سنوات عملي الدبلوماسية أو علاقاتي الجامعية وأنشطتي العلمية والفكرية.

4- أن العقيد رياض عبد عبدالله مدير عام الإدارة العامة لديوان وزارة الداخلية والطاقم المعاون له بذلوا جهودا متميزة، وقد أشاد بذلك المشاركون والضيوف الأجانب سواء في كلماتهم الرسمية من على المنصة أو في أحاديثهم الجانبية.

ولا مراء أن منتدى الأمن الداخلي الذي عقدته وزارة الداخلية به الكثير من القضايا والمناقشات والمداولات، ولا يستطيع المرء أن يعطيه حقه كاملا في العرض والتحليل في مقال قصير أو حتى عدة مقالات، فهذا الحشد من العلماء والخبراء، وهذا الكم من المداولات يستحق مجلدات لدراستها، واستخلاص الدروس المستفادة منها، وإنني لعلى ثقة بأن خبراء الأمن في الداخلية يعكفون على ذلك لتحقيق الخبرة العملية من هذا المؤتمر ونقلها من المجال النظري إلى المجال العملي والتطبيقي للاستعداد للمؤتمر القادم بصورة أكثر تميزا.

إقرأ أيضا لـ "محمد نعمان جلال"

العدد 2371 - الثلثاء 03 مارس 2009م الموافق 06 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً