العدد 2405 - الإثنين 06 أبريل 2009م الموافق 10 ربيع الثاني 1430هـ

وانتهت مؤتمرات الدوحة: وماذا بعد؟

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

استضافت قطر في الأيام القليلة الماضية مؤتمرين مهمين: أحدهما اجتماع الملوك والرؤساء العرب، والثاني اجتماع الزعماء العرب مع زعماء أميركا الجنوبية وقد انفض سامر المجتمعين بعد مناقشات طويلة في الأوضاع العربية، وكذلك في الأوضاع العربية وطبيعية علاقتها مع دول أميركا الجنوبية.

إن الذي يهمنا من كل ما دار في تلك الاجتماعات مدى تطبيق ما قاله زعماؤنا العرب على واقع حياتنا كأفراد وكذلك على واقع بلادنا ومشكلاتها التي لا تكاد تنتهي، فالكلام كثير والعمل قليل - هكذا تعودنا، وهكذا كنا نتوقع...

الحدث البارز في اجتماع الزعماء العرب المصالحات العربية العربية، والكل يدرك أهمية هذه المصالحات وتأثيرها على العمل العربي، فالأمة التي يقتلها التمزق لا يمكن أن يكون لها دور في هذه الحياة، وهذا للأسف واقع أمتنا العربية.

ولكن الشعوب العربية تريد مصالحة حقيقة تعتمد على تحقيق الأهداف التي تمس حياة المواطن بكل جوانبها وكذلك تحقيق المصالح العربية، فهل تحقق شيء من ذلك؟!

تحدث المجتمعون عن أهمية عدم تدخل الأجانب في الشئون العربية، ولم أسمع تحديدا واضحا عن الأجانب الذين عناهم المجتمعون في توصياتهم! الشيء المؤكد بالنسبة لي أنهم لا يعنون الأميركان أو الأوروبيين فهؤلاء في عرفهم - كما أحسب - ليسوا أجانب، بل هم من أهل الدار، ولا أدل على ذلك من أن القائم على المصالحة بين الفصائل الفلسطينية «عمر سليمان» اتجه إلى أميركا ليحصل على مباركتهم حول هذه المصالحة، فلما رفضوها لم يستطع المضي فيها قدما وبدأ يتحدث عن تفاهمات جديدة... فلماذا يفعل ذلك مع هؤلاء الاجانب؟ الا - كما قلت - إذا كان هؤلاء من أهل الدار!

المصالحة الفلسطينية لابد لها أن تحصل على مباركة «الرباعية» وشروطها التعجيزية، فهل أهل الرباعية من أهل الدار أم هم من الاجانب؟!

الواضح أن الأجانب هم الإيرانيون والأتراك، ولست أدري لماذا هذا الحرص الشديد على استبعادهم؟! الأتراك قدموا الكثير للفلسطينيين، ومثلهم الإيرانيون، وفعلوا ما لم تفعله الرباعية ولا الأميركان بطبيعة الحال فلماذا يطلب القادة استبعادهم؟!

نختلف مع الإيرانيين في بعض القضايا - هذا صحيح - لكن مصلحتنا أن نتعاون معهم فيما نتفق عليه لا أن نفعل العكس فنخسر الكثير... من المهم أن نعرف من هم الأجانب الذين نطلب استبعادهم وكذلك نعرف من نحرص على التعاون معهم في قضايانا أو بعضها...

ماذا فعل المجتمعون من أجل القضية الفلسطينية التي قالوا إنها من أهم أولوياتهم؟ حتى الآن لم أرَ شيئا له أية قيمة! بل إن الحصار لايزال على أشده، وهدم الأنفاق على قدم وساق وكأنه هدف استراتيجي لإخضاع أهالي غزة، والعرب جميعا - حتى الان - ما زالوا حيث هم لم يتحركوا خطوة واحدة، ولعلهم ينتظرون المصالحة الفلسطينية وهم يعرفون أن العدو الصهيوني هو الذي يفسد كل عمل يؤدي إليها، وهم - للأسف - لم يستطيعوا تجاوز مطالبه ومطالب الرباعية التي ما أنزل الله بها من سلطان!

الرباعية تريد من الحكومة الفلسطينية اعترافا واضحا بالصهاينة ونبذ الإرهاب وأشياء أخرى، لكن الرباعية لم تشترط شيئا على كل الحكومات الصهيونية السابقة، ولا الحكومة الحالية المتطرفة التي أعلنت أنها لن تعترف بكل الاتفاقات التي تم الحديث عنها في أنابولس، ووزير الخارجية الصهيوني «ليبرمان» قال: إن حكومته لن تقدم أية تنازلات! كما أنه مع رئيسه «نتنياهو» يعملان بجد لتوسعة المستوطنات وخاصة في القدس الشرقية تغير كل ملامحها...

وبرنامج حكومة نتنياهو لا ينص صراحة على قبول حل الدولتين، بل إن هذا البرنامج يتحدث عن محاربة حماس، ويؤكد استحالة المباحثات معها.

أقول: إذا كان كل ذلك يجري على الجانب الصهيوني فلماذا يقبل العرب بشروط الرباعية، لماذا يحاولون إلزام حماس بقبلولها؟ أليس في إمكانهم الوقوف بحزم مع الفلسطينيين بعيدا عن كل الضغوط الأميركية والصهيونية؟

منظمة العفو الدولية تؤكد أن أميركا شحنت كميات هائلة من الأسلحة لـ «إسرائيل» بعد انتهاء حرب غزة، مع أن أميركا تعرف كيف استخدمت «إسرائيل» الأسلحة الأميركية في غزة، وكيف انتهكت كل القوانين الدولية ومع هذا لاتزال تمدها بهذه الاسلحة.

العرب يعرفون كل ذلك ومع هذا فمازال حصارهم على غزة قائما، هم يحاصرونها ويمنعون عنها الضروريات بحجة الاتفاقات الدولية، فلماذا لا يطلبون من الأميركان والصهاينة الالتزام بهذه القوانين؟!

هل العرب وحدهم ملزمون بهذه القوانين؟! أم أنه الضعف الشديد ولا شيء آخر!

اجتماع العرب مع قادة أميركا الجنوبية كان جيدا، وهو يحسب لدولة قطر لأهمية التواصل مع مجموعة من الدول تتعاطف -إلى حد ما - مع القضايا العربية، وبالإمكان - كما أظن - أن يزيد تعاطفها مع كل قضايانا إذا أحسن القادة العرب الاستفادة من هذه العلاقات بصورة جيدة الشيء الذي لا أكاد أفهمه تغيب مجموعة من القادة عن هذا الاجتماع مع أنهم كانوا موجودين في قطر!

هذا الاجتماع أكد أحقية الفلسطينيين بدولة مستقلة، كما أيد كذلك مبادرة الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي لحل مشكلة دارفور، وتحدثوا عن قضايا أخرى، لكن المهم في ذلك كله أن هذه المجموعة من الدول تقترب شيئا فشيئا من قضايا العرب، ولعلنا نتذكر موقف فنزويلا وبوليقيا من «إسرائيل»؟ هذا الموقف الذي عجزت دول عربية عن فعله...

العالم العربي يتطلع إلى أفعال جادة من قادته تنبع من احتياجات هذا العالم، بعيدة عن كل الضغوط الأجنبية التي تعمل على إضعافنا وتمزيقنا، فهل نرى ذلك قريبا!

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2405 - الإثنين 06 أبريل 2009م الموافق 10 ربيع الثاني 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً