العدد 2427 - الثلثاء 28 أبريل 2009م الموافق 03 جمادى الأولى 1430هـ

تأملات بشأن جمعية الصداقة الصينية العربية (2-2)

محمد نعمان جلال comments [at] alwasatnews.com

سفير مصر الأسبق في الصين

الملاحظة الرابعة: تتعلق بدور الفرد في جمعية الصداقة الصينية العربية وهو في تقديري دور مهم رغم أن الفكر الشيوعي التقليدي لا يراه كذلك، إلا أن الصين صاحبة الحضارة العريقة، والعرب أصحاب الحضارة الإسلامية والعربية العريقة أيضا وجهة نظرهم مختلفة عن الفكر الماركسي التقليدي. فالفرد له كيانه ودوره وله تأثيره في تغيير مسيرة التاريخ في كثير من الأحيان. فالنبي محمد (ص) غيّر وضع العرب من قبائل متشاحنة إلى أمة متمدنة، وقوية، ونشر المساواة بين العرب وغيرهم، استنادا لمبدأ الإسلام «لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى»، ونشر المحبة بين الناس جميعا من خلال المبدأ الإسلامي القائم على وحدة الأصل البشرى للإنسانية جمعاء «لكم لآدم وآدم من تراب». أما بالنسبة للفكر الماركسي فقد ابتدعه ماركس من حصيلة الفلسفة الألمانية المثالية والمادية معا ومن تجربة الثورة الصناعية في بريطانيا، ثم في أوروبا، ولكن الماركسية عندما ذهبت للصين ارتدت حلة صينية فأطلق ماوتنس توغ شعاراته حول ثورة الفلاحين بخلاف الماركسية التقليدية التي قامت على أساس ثورة البرولتياريا، وأطلق نظرية الثورة الدائمة ونظرية المتناقضات الحميدة للتفرقة بينها وبين المتناقضات الخبيثة وغير ذلك من مبادئ ونظريات فلسفية نمطية استمدها من تراث الصين وثقافتها وحضارتها.

وجاء دور دنج سياو ينج رائد الإصلاح والانفتاح ليطلق شعارات مثل نظرية السوق الاسترالية ونظرية الاشتراكية بخصائص حديثة واقتدى به من جاء بعده من القادة والرؤساء مثل جياغ تزمين والرئيس الحالي خوحفتا وصاحب نظرية التنمية التكنولوجية واد فالها ضمن أولويات دستور الحزب الشيوعي العيني.

جمعية الصداقة الصينية العربية لها نصيب من دور ومكانة الشخصيات البارزة فيها فرئيس كل الجمعيات مع الدول الأجنبية هو السيد تشين خاوتسو السياسي المخضرم ونجل الزعيم الصين البارز والجزال الذي لقب دورا مهما في المسيرة الكبرى للصين حتى نجمت الشيوعية العام 1949 وهو الجزال تشين لي وأذكر أن صورة تذكارية له مع الرئيس جمال عبدالناصر عندما كان الجزال يتولى منصب وزير الخارجية في الخمسينيات من القرن العشرين، وبنت الجزال تشيري سفيرة قديرة بوزارة الخارجية، وزوجها الدبلوماسي المنابة وانج جوانج يا هو سكرتير أول الحزب الشيوعي في وزارة الخارجية بدرجة وزير ولقد تصادقت مع وانج جوانج يا وزوجته أثناء عملي في وفد مصر للأمم المتحدة ثم مع نشين خاوتسو أثناء عملي سفيرا لمصر في الصين وكذلك السيد تيمور دواماتي الذي أهداني عددا من مؤلفاته الأدبية والسياسية. أما نواب رئيس جمعية الصداقة مع الشعوب فمنهم السفير يانج فوشيانج والسفير ووسيكا وكان سفيران للصين في مصر والنائب النشط لرئيس الجمعية السيد حكيم وهو من أعمدة جمعية الصداقة منذ كان شابا يافا وتصادقنا أثناء فترة عملي في الصين. وهناك شخصيات من الشباب والفتيات الصينيات الذين يستحقون الإعجاب والثناء ولكن يهمني أن أشير إلى واحدة فيهن هي السيدة جيا لنح المشهورة بالاسم العربي عائشة، وهي أمينة عامة لجمعية الصداقة الصينية العربية، والواقع أن هذه السيد شعلة من النشاط، تتميز بدماثة الخلف والتفاني في أداء الواجب بصورة مذهلة تضحى من أجل عملها على حساب راقها وأسرتها، وقد لمست ذلك بصورة واضحة أثناء زيارتي للصين ضمن وقد مركز البحرين للدراسات والبحوث.

الملاحظ الخامسة: إن جمعيات الصداقة في الصين مهمتها نشر التعارف والتفاهم بين الشعوب الصديقة بقومياتها الستة والخمسين والشعوب الأخرى من خلال ترتيب الزيارات والندوات والمهرجانات ومن خلال إقامة علاقات تأخٍ بين الموعد الصينية والمحافظات والمقاطعات الصينية ونظرائها في الدول الأخرى. كذلك نلمس الجهد والعمل المتواصل لبناء أواصل الصداقة، ومع الصداقة تأتي التجارة في السلع والخدمات وتأتي الثقافة ويأتي التفاهم والتعارف، وهكذا تتحول الأشياء المعنوية غير الملموسة إلى وقائع ملموسة مؤثرة في السياسة الدولية وفي القرارات السياسية للدول المختلفة.

لقد أثبتت جمعية الصداقة الصينية العربية بمشاركتها في المنتدى الصين العربي الذي أطلق في أوائل هذا القرن بمبادرة من رئيس الصين مع الرؤساء العرب في إطار جامعة الدول العربية، هذه المبادرة المتعددة الأنشطة تضطلع جمعية الصداقة بدورها في إطارها بالحوار العربي الصيني على المستوى الحضاري، وبترتيب ندوات ولقاءات لرجال الأعمال وغير ذلك من الأنشطة المتعد والمتنوعة.

وختاما نقول التعبير الصيني التقليدي: «رب أخ لك لم تلده أمك»، ومرحبا بالصديق القادم من بعيد، ولتبقى الصداقة الهيئة العربية للأبد. لأنها صداقة قائمة على المبادئ ومهما تعاظم دور التجارة والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا فإن إرادة الإنسان وقراراته المبنية في شطر كبير منها على المبادئ والمثل والقيم التي يؤمن بها لها دورها المؤثر في تلك الإرادة وفي قراراتها.

فهل تدرك الشعوب العربية والدول العربية أهمية جمعيات الصداقة في إطار الدبلوماسية غير الرسمية وهل يمكينها الاستفادة من التجربة الصينية. إننا لانزال في بداية المشوار وإأنا عضو في عضوية جمعيات صداقة مصرية مع شعوب من دول عديدة، لكي معظمها نائم في العسل، ونشاط محدود لأسباب كثيرة، وحبذا لو أدركت الدول العربية قيمة جمعيات الصداقة ودورها في إطار المسار الثنائي لعلاقات الدول وهو المسار غير الرسمى الذي يذلل كثيرا من الصعاب والعقبات ولا ننسى أن دبلوماسية البنج بنج لعبت دورها في حلحلة الجود في العلاقات الصينية الأميركية وأن جمعية الصداقة الصينية اليابانية لعبت دورا في علاقات البلدين في طل القطيعة الدبلوماسية الشاملة، وأن جمعية الصداقة الصينية العربية ترعى قضية فلسطين وتقيم احتفالا سنويا يوم 29 نوفمبر/ تشرين الثاني باسم يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني وغير ذلك كثير من الأنشطة مع مختلف الدول فهل تختم تجادلنا بالقول عاشت جمعية الصداقة الصينية العربية وتحية من عملاق القلب لرئيسها ونواب الرئيس والأمنية العامة وكل العاملين والعاملات بها.

إقرأ أيضا لـ "محمد نعمان جلال"

العدد 2427 - الثلثاء 28 أبريل 2009م الموافق 03 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً