العدد 2430 - الجمعة 01 مايو 2009م الموافق 06 جمادى الأولى 1430هـ

تدمير البيئة سبب وباء إنفلونزا الخنازير

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

في نهاية شهر أبريل/نيسان، أعلنت العديد من دول العالم عن إصابة الآلاف من مواطنيها بحالات وفاة وآثار مرضية بسبب انتشار سلالة جديدة من فيروس انفلونزا الخنازير أو انفلونزا (A.H1.N1). تقارير وإحصائيات منظمة الصحة العالمية ووسائل الإعلام العالمية تؤكد أن معظم حالات الإصابة بهذا الفيروس المعدي منتشرة في القارة الأميركية الشمالية وخاصة المكسيك والولايات المتحدة.

من المعتقد أن الإصابات الأولية لهذا الفيروس قد بدأت في شهر مارس/ آذار في المكسيك حيث اشتكى العديد من آثار مرضية تشبه الإصابة بمرض الانفلونزا العادي، ولكن تم اكتشاف الصفات الفريدة للفيروس الجديد بتاريخ 24 أبريل/نيسان ومن ثم قامت العديد من الدول بالإبلاغ عن حدوث إصابات مثل بريطانيا وكندا وإسبانيا ونيوزيلندا ودول أخرى وبلغت الإصابات لحد كتابة المقال نحو 3000 إصابة. منظمة الصحة العالمية رفعت درجة إشعار الوباء إلى «المرحلة 5» ويعني هذا انتقال الفيروس من شخص لآخر في دولتين مختلفتين ومن منطقة واحدة. ولدرء الخطر عن مواطنيها قامت العديد من الحكومات بالتدابير الاحترازية وشملت هذه الخطوات إغلاق المدارس والجامعات ومراقبة الأشخاص الزائرين للدول المصابة بل ذكرت وسائل الإعلام أن بعض الدول ستقوم بذبح قطعان الخنازير المحلية. بالنسبة لمملكة البحرين فقد كان هناك تعامل جدي مع هذا التهديد وخاصة من قبل مسئولي وزارة الصحة ومنفذ مطار البحرين ونتمنى أن يُستفاد من الخبرات المتراكمة من التجارب السابقة وخاصة دروس مجابهة فيروس السارس الذي أصاب دول شرق آسيا.

من الممكن توجيه أصابع الإتهام لخلق هذا النوعية الجديدة من الفيروسات الحديثة والمدمرة للعرق البشري إلى تدمير البيئة من قبل الإنسان لغرض المحافظة على نمط غذائي واستهلاكي معين في موازاة زيادة سكانية متعاظمة. فحاليا يتوافد الخبراء من منظمة الصحة العالمية إلى مدينة لاجلوريا في ولاية فيراكروز المكسيكية حيث تتواجد مزرعة أميركية - تُعد الأكبر في المكسيك - لتربية قطعان الخنازير وهي قادرة على إنتاج حوالي مليون رأس في السنة. هذا النوع من المزارع مشابه لذاك الذي في الولايات المتحدة حيث يتم تكديس مئات الآلاف من هذه الحيوانات في مساحات ضيقة حيث لا تتعرض لأشعة الشمس والهواء الجوي لغرض التجارة وسد حاجة استهلاك المجتمع الغربي لهذه النوعية من اللحوم.

هذه الشركة الأميركية معروفة بطرق تُعد لا إنسانية بل بعيدة عن عنصر الرحمة لإنتاج -وبطرق رعي صناعية- حوالي 27 مليون خنزير في السنة. هذه الطرق تسبب خفض مناعة الحيوانات ولذلك تقوم هذه الشركة بحقنها بالأمصال والمبيدات الحشرية لكن من المؤكد أن هناك العديد من التحديات البيئية لمعالجة مخلفات هذا الرقم الهائل من الذبائح إذ يقدر البيئيون مجموع المخلفات الناتجة بنحو 26 مليون طن. مالكو هذه الزرائب لا يستخدمون طرق بيئية وصحية للتخلص من هذه المخلفات بل يتم ترك بعض من السموم والمبيدات بدون معالجة وبالتالي تتسرب ملوثات عديدة من هذه البقايا إلى المياه الجوفية والنظام المائي مسببة آثار بيئية ضارة. ليس من الصدفة أن تكون المدينة المكسيكية هي مصدر هذا الداء الجديد فالمحافظة على البيئة هو نبع الاستدامة للعرق البشري.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2430 - الجمعة 01 مايو 2009م الموافق 06 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً