العدد 2534 - الخميس 13 أغسطس 2009م الموافق 21 شعبان 1430هـ

تاكسي مجاني

عبدالله الميرزا abdulla.almeerza [at] alwasatnews.com

بعيدا عن صخب السياسة، يقول صاحب لي إنه يعرف رجلا متقاعدا ولديه سيارته الخاصة، يقوم بمهمة غريبة من نوعها استغلالا لوقت فراغه. فمهمته يوميا أن يقطع شوارع البحرين ذهابا وإيابا لعله يجد شخصا واقفا على الشارع ليركبه ويوصله أين ما أراد، من دون أن يطلب منه جزاء أو شكورا. أمر مدهش لم أصدقه في بادئ الأمر، على رغم أنني أعجبت بفعله، لكن صديقي أكّد كلامه قائلا إن هذا الرجل بخير وأحواله ميسورة، غير أنه يجد في خدمة المتعطلين على الشارع لذة ما فوقها لذة، بل إنه لا يجد حرجا في أن يصحب في سيارته «الكشخة» فقيرا أو عاملا قادما للتو من العمل بثيابه الرثة، بل يعتقد بأن اصطحاب هؤلاء أكثر ثوابا.

#احمل أخاك على رحلك#

ما دعاني إلى تذكر هذا الموقف حديث جميل ومشوّق قرأته مروي عن الإمام السجاد (عليه السلام)، يقول فيه: «مَن حمل أخاه على رَحلِه، بعثه الله يوم القيامة إلى الموقف على ناقة من نوق الجنة يباهي به الملائكة».

بصراحة، كثيرا ما نتشاغل أو نتذرع بالعجلة عندما نمر على رجل عجوز ينتظر من يقلّه إلى السوق، أو رجل محترم تعطلت سيارته ويقف مضطرا على الشارع بحثا عمن يوصله إلى العمل، أو شاب ليست لديه رخصة سياقة يتجه للبحث عن عمل... فنتغاضى عنه ونزيد في سرعة السيارة لإيهامه بأننا مستعجلون ولا وقت لدينا للتوقف!

الغريب أننا في الواقع لسنا مشغولين ومرتبطين إلى الدرجة التي تجعلنا لا نوفر دقيقتين لخدمة أخ لنا في الدين أو نظير لنا في الخلق، وكل ما في الأمر أن الشيطان يوسوس لنا بخذلان إخوتنا ويزين لنا الاستعجال لكي يحرمنا الأجر...


دعوة تعوضك الوقت والبترول

والأكثر غرابة أن من يقفون على الشارع في غالبية الأحيان طريقهم هو الطريق نفسه الذي نريد الوصول إليه. كما أنه لا ضير لو أوصلناهم إلى أقرب نقطة في طريقنا، امتثالا للحديث الشريف: «لا تستحي من إعطاء القليل، فالحرمان أقل منه».

لنعترف أن الأحلى في الأمر هو عندما تقف إلى شيخ كبير أو رجل مؤمن وتركبه معك فيغمرك طوال الطريق بدعواته لك بالتوفيق. فتشعر برغبة جامحة في أنك لا تترك فردا واحدا على الطريق إلا وتوصله مهما كانت ظروفك... يعني «تاكسي مجاني». فهل ستجرب أن تغيّر القاعدة هذه المرة من «أسرِع وطنّش» إلى «توقّف واربح»؟! ذلك بيديك فقط.

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"

العدد 2534 - الخميس 13 أغسطس 2009م الموافق 21 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 10:33 ص

      شكرا ابوسجاد

      حلو مقالك ابو سجاد بس انا من اليوم ورايح بعتمد عليك اتوصلني الشغل ( احسن من حديث السياسة )
      ابوزينب

    • زائر 6 | 8:29 ص

      خطر على المرأة

      كنت متعوده لسنوات على توصيل أي شخص أراه يمشي تحت أشعة الشمس سواء كانت امرأة كبيرة في السن أو رجل خاصة بالقرب من المراكز الصحية فالكثيرون لا يجدون من يوصلهم الى منازلهم وفي أحد الأيام الحارة رأيت أربعة شبان يمشون بالقرب من تلال عالي توقفت لهم وقالوا بانهم يريدون مدينة حمد نفس المكان الذي سأذهب اليه ولكن نظراتهم لي بالسيارة شعرتني بالخوف الشديد وزادت نبضات قلبي ومن يومها توقفت عن هذا العمل الخيري.

    • زائر 5 | 3:36 ص

      ناس إتخرب على ناس

      ناس إتخرب على ناس
      وصلت مرة مع زوجتى و طلعة مجنونة و بغة تخنق زوجتي
      و صلت رجل و طلع سكران و أداني
      زجتي وصلت مرآه و طلعة حرامية لا وعندها سكين

    • زائر 4 | 3:11 ص

      مثل مصري

      يقول المثل مخلوش لولاد الحلال حاجه عندما توصل احدا محتاج وبعد ان يصل تكتشف بانه سرقك او عمل لك مشكله عندها تكره عمل الخير .

    • زائر 3 | 11:55 م

      الطيبه الزايده

      شكرا لك استاذ عبدالله على مقالك لكن يبدو انك نسيت ان الزمن غير الزمن والناس غير الناس فاالناس الآن يتخوفون من ان يصلو احدهم فيكون من شذاذ الآفاق كمدمني المخدرات او العاهرات او......او وغيرهم كثير .لذلك ارجو ان تطرح استبانه ليتضح لك لماذا يحجم الناس عن فعل هذا العمل الخير ولك مني كل التحيه .

    • زائر 2 | 11:51 م

      دعوة الأخ الى أخيه مستجابه .

      مفاهيم نحن غافلون عنها وعن عقيدتنا .. نحتاج تطبق هذه المفاهيم التي تتعلق بعقيدتنا فضلاً عن أنها عمل أنساني حضاري بأمتياز .
      مقال موفق يا أخ عبدالله .. الله يجعله في ميزان حسناتك .

    • زائر 1 | 10:33 م

      تسلم يا الطيب

      يعطيك العافية اخوي عبدالله على هالمقال كلامك 100% صحيح .. لا و اكو ناس تتعذر تقول لك الدنيا ما منها امان اروح اركب لي واحد لا اعرفه ولا يعرفني .. طيب مالها امان شلون ترضى على ولد ديرتك يظل بالشمس ملطوعو من شارع لشارع اياً كان سنه شايب ولا شباب .. الرحمة زينه و فرصة بالشهر الكريم نزيد حسناتنا شوي

اقرأ ايضاً