العدد 273 - الخميس 05 يونيو 2003م الموافق 04 ربيع الثاني 1424هـ

أطفالنا والخطر الخفي (2)

منيرة العليوات comments [at] alwasatnews.com

إنني هنا لا أطرح العنف وأخطاره للمناقشة، فالطفل ـ كما قلت ـ قد يراه في أي مشهد يومي أو حتى يقرأه في كتاب، ولكن ما تجب مناقشته وملاحقته بالتأديب والتأنيب هو هذا الداء النفسي الخبيث الذي يخدر عقول أبناء هذا الجيل ويشل تفكيرهم ويجرفهم إلى ممارسة الكثير من أشكال الرذيلة وبمسميات مختلفة. وللآباء أقول: أنتم المسئولون بالدرجة الأولى عن أي انحراف سلوكي لأولادكم عندما تسيطر عليكم أنانية إشباع رغباتكم الملعونة فيهمل الصغار بحجة أنهم صغار وتنصرف الأم عن رقابة أولادها وتتركهم ولوقت طويل وتنصرف عنهم لأمور أخرى تاركة لهم التلفزيون بقنواته وليحدث ما يحدث، المهم بعيدا عن إزعاجها.

لا يكفي أن نعلم أطفالنا أن الشر باطل وهو أولى المحرمات عند الله تعالى، ونقول إن أطفالنا أذكياء يستوعبون ما نقصده وإن كانت ردود أفعالهم غير واضحة فإننا وضعنا لهم أسسا تربوية موجهة وصحيحة، ونحن على ثقة بأنهم سيرتدعون من أنفسهم إذا سنحت لهم مفرصة المشاهدة... قد يكون هذا صحيحا ولكنه الفضول الغريزي يا سيدتي، وحديث الأصدقاء وما يدور على مسامعه من تعليقات ومعلومات، كل هذا يدفعه إلى محاولة المعرفة المضلة والثقافة الفاسدة، فلا تعتقدي أنه سيشاهد ما فرض عليه من أفلام الرسوم المتحركة... إلى غير ذلك. وقد تتركينه ولوقت طويل وحيدا أو مع صديق له وهذا أخطر إذ إن جهاز التحكم في يده وقد غاب الرقيب عنه وهو على درجة من الذكاء، فلن يترك الفرصة تفلت منه وهذا كفيل بتوجيهه إلى مسار منحرف واضطرابات نفسية تقتل فيه حسه الإنساني الطري، فمن طبع الطفل تقليد كل ما يراه وبالتالي خلط مفاهيمه الأخلاقية التربوية حتى يميل إلى الوحدة ويعاني ما يعاني من رغبات وحشية منحرفة خطرة.

وندائي الصادق إلى الآباء والأمهات نبذ ومقاطعة هذه القنوات من أجل صحة وسلامة أولادكم، فهو الخطر الكبير والداء الخبيث الذي يفتك بهم وبصحتهم النفسية، أما مشاهدة التلفزيون ولبعض الوقت فلا جدال فيه فالطفل من خلال مشاهدة بعض البرامج يستطيع المشاركة في مستجدات عصره، ثم ان الأطفال بحاجة إلى التسلية البريئة التي تتطلبها أعمارهم، فالتلفزيون ـ وكما قلت سابقا ـ وسيلة تثقيفية مسلية فيها الممتع والمفيد وهي فن جميل إذا أعطيت مكانتها واستخدمت بطرق صحية سليمة. ربما اقتصر حديثي على هذا الخطر المدمر وغير المحسوس لأهمية البناء النفسي والروحي للأبناء، ولأن ظاهرة الانحرافات بأنواعها قد انتشرت واستشرى خطرها على جميع المستويات.

وسؤالي الأخير: متى نضع الخطوط الحمراء ونمنع باقتناع ما يصدّره الغرب إلينا من مشاهد تفتك بنا تحت مسمى الحرية الشخصية؟ وما قيمة إنسانيتنا إذا تساوت ممارساتنا بالبهائم؟ وما جدوى قيمنا إذا رضينا بأن تُسمى الرذيلة والانحلال الأخلاقي حرية وحضارة ومواكبة للعصر؟

العدد 273 - الخميس 05 يونيو 2003م الموافق 04 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً