العدد 2780 - السبت 17 أبريل 2010م الموافق 02 جمادى الأولى 1431هـ

مقارنة بين صديق البيئة وعدوها

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

البيئة هي المكان الذي يعيش فيه الكائن الحي (الإنسان والحيوان) ويجد حاجته من الماء والهواء والغذاء بمفهومها الشامل... وغالبية السكان، نتيجة قلة الوعي لا يدركون أن الإنسان هو عدو البيئة الأساسي، وبلا شك بأن الملائكة حينما اعترضوا على جعل خليفة في الأرض بحجة أنه سيفسد فيها في قوله تعالى: «وإذ قال ربك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك» (البقرة: 30)، فهذا دليل واضح بأن الفساد في الأرض منذ القدم حسب ما تنص عليه الآية الكريمة ولكن كما يقول المثل «بلغ السيل الزبى». ولهذا انتفض العالم وتشكلت قمم ومؤتمرات عالمية تهتم بالبيئة والأرض وأصبح هناك توجه عالمي ومحلي كبير ومهم يسير باتجاه التفكير بالاهتمام والصداقة المخلصة مع البيئة.

حينما نركز على بيئة الأرض بشكل أساس بصفتها هي البيئة الأساسية للإنسان والذين يعيشون عليها نوعان: النوع الأول يسمى صديقا للبيئة الذي يقوم بتحويل النفايات المتراكمة عليها إلى طاقة كهربائية لتنظيفها من هذه النفايات التي تتسبب في مشاكل كثيرة وهو الشخص الذي يقوم بزراعتها بالنباتات والأشجار لإضفاء الجمال والهواء النقي للطبيعة والبيئة ويقوم بزيادة المسطحات الخضراء لامتصاص عنصر الكربون من الهواء وامتصاص الغازات السامة والجزيئات العالقة بالهواء وغيرها، كما أن صديق البيئة هو من يحرث الأرض ويصلح تربتها للزراعة، فيفيد مجتمعه في توفير الغذاء والاستخدامات الأخرى التي توفرها هذه الزراعة، فبهذا العمل النبيل يفيد مجتمعه ويحب الأرض التي تعطيه من خيراتها ويعتني بها، وبهذا تتكون بينهم علاقة صداقة، حميمة وارتباط وثيق يجسد مفهوم المواطنة الصالحة.

بالإضافة إلى كل ذلك وحتى تكون صديقا مخلصا للبيئة... عليك أن تحافظ على كل ما يحيط بك من الجمال والطبيعة،

وأن تتحكم في اختياراتك وقراراتك اليومية: كأين تعيش؟ ماذا تشتري؟ ماذا تأكل؟ ماذا تستخدم في إنارة منزلك؟ ماذا تفعل في الطريق؟ كيف تتسوق؟... وأخيرا كيف تفكر تجاه الحفاظ على البيئة في مدينتك؟ كل قراراتك وتصرفاتك تلك لها أثر محلي.

وفي المقابل فإن العدو نوعان أيضا، العدو الأول والخطير على البيئة هو الإنسان كما ذكرنا سلفا الذي يعبث بكل مقوماتها، بدفن البحار وتدمير بيئتها والاستيلاء عليها، وأيضا يقوم بتدمير الأراضي الزراعية باقتلاع نباتاتها وأشجارها المثمرة وجرفها، مهددا ومنتهكا الأمن الغذائي للناس لتحويلها لأراض متصحرة ضاربا عرض الحائط كل الخيرات التي يحصد منها وسارقا لقمة العيش من المستفيدين منها، وهذا يعتبر هتكا لأعراض الوطن وفقا للكلام المأثور «أرضكم هي عرضكم».

فهذا العدو الحقيقي والجشع الذي لا يتحلى بالمواطنة الحقيقية ولا يتصف بالهوية الصالحة وهو ليس عدوا للبيئة فقط وإنما عدو للوطن والمواطن معا، والذي يتصف بهذه الصفات السيئة يجب إلقاؤه في غياهب الجب وأن يأخذ جزاءه ولا يفلت من قبضة العدالة ويترك يعيث في الأرض فسادا.

فهذا النوع من البشر المنتهك لكل المبادئ والقيم لم يتحلَّ بالأخلاق ولم يعر أدنى اهتمام بقوانين السماء والأرض، وفعلا، صدقت المقولة بأن «الطبيعة ضحية طمع الهوامير وسذاجة الفقراء» ونضيف عليها ونقول تواطؤ الوزارات المعنية والمسئولين.

والعدو الآخر هي المواد الدخيلة على البيئة التي تنتجها الصناعات المختلفة النفطية وغير النفطية وهي من صنع الإنسان أيضا، ولو ركزنا على بعض منها، مثل المادة البلاستيكية: يتركب البلاستيك من الايثين أحد مشتقات النفط الذي يستخدم في صناعة البوليثين، والايثين هو غاز عضوي يتكون الجزيء الواحد من ذرتين من الكربون وأربع ذرات من الهيدروجين ويرمز له بالصيغة C2H4 - التي تحتوي على مادة الديوكسين الكيميائية (Dioxin) التي تسمم خلايا الجسم بشكل خطير وتنتقل إليه عندما يسخن الدهن، حيث تحرر هذه المادة منها وتختلط مع الطعام الذي نسخنه في المايكرويف، ويصنع من هذه المادة أكياس النايلون (البوليثين) التي غزتنا ونستخدمها في حمل الخضراوات والفواكه وفي حفظ الأسماك والمواد الغذائية في الثلاجات وغيرها.

ختاما ندعو للتصدي لهذه المواد الدخيلة بعمل حملة وطنية بمشاركة الجميع، فهذه مسئوليتنا جميعا، لنستبدل هذه المواد المصنوعة من مادة البوليثين المسببة للسرطانات بمواد مصنوعة من القماش أو الورق وسوف نقوم بالتركيز على هذه المواد الخطيرة في مقال آخر بالتحليل والتفصيل إن شاء الله.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 2780 - السبت 17 أبريل 2010م الموافق 02 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً