العدد 2780 - السبت 17 أبريل 2010م الموافق 02 جمادى الأولى 1431هـ

«أملاك الدولة»... في ملعب الحكومة!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

سيكون ضربا من الخيال التصور أن أكثر من 65 كيلومترا من أملاك الدولة التي تحولت الى هبات وقسائم خاصة يمكن أن ترجع الى عهدة الدولة مرة أخرى بسهولة ويسر وسلاسة، فهي مهمة ستسير في طريق مليء بالشوك، لكنها مهمة حتمية لضمان مستقبل كريم للجيل الحالي والأجيال المقبلة.

ولكن السمة التاريخية للتحقيق البرلماني في أملاك الدولة هي شبه إجماع النواب على أولوية لها الصدارة بالنسبة إلى الجميع، وأهم نجاح للنواب جميعا هو عدم انشغالهم بأية قضايا هامشية أثيرت أو تم افتعالها وكان الهدف منها التشويش على نتائج التقرير.

مجلس النواب تمكن من طرح أهم تقرير برلماني منذ تأسيس المجلس النيابي الحالي في العام 2002، وهذا التقرير يشكل سابقة، ليس لكون الناس كانت غافلة من ذي قبل عن هذا الملف، فالجميع يعرف أن هناك سرقات وهناك تجاوزات. وإنما لكون التقرير صادرا عن المؤسسة البرلمانية المنتخبة والمفترض أن تكون لها الكلمة الفصل في العديد من القضايا.

النظرة الأولى للتقرير تكشف مدى الجهد المبذول فيه طوال عشرين شهرا أو يزيد، فالتقرير الأصلي احتوى آلافا من الوثائق، وتم التمحيص عنها والغوص في أسبارها عن أراض غائبة هنا وهناك.

ومن المفيد معرفة أن الرقم المهول الذي توصلت اليه اللجنة (65 كيلومترا) لم تدّع أنه يمثل الواقع الذي يرجح أن يكون أكبر من ذلك، لأن لجنة التحقيق البرلمانية لم تركن سوى الى الوثائق المبنية على الحقائق وليس التصورات والروايات الشفهية.

اللجنة الوزارية التي تم تشكيلها من 10 وزراء، لها حسنة واحدة واضحة، وهي أن بمجرد تشكيلها يمثل اعترافا ضمنيا بصحة ما ذهب اليه التقرير البرلماني من وجود تجاوزات فاضحة في ملف إدارة الأراضي طوال السنوات السابقة والتي أفاقت البحرين بسببها اليوم على وقع وجود أكثر من 45 ألف طلب إسكاني متنوع تعجز الدولة عن الإيفاء بها.

المطلوب من اللجنة الوزارية ألا تدير ظهرها لنتائج التحقيق، وقد يقول قائل إن المراهنة على الوقت سيكون لصالح اللجنة، إذ لم يتبقَّ من ولاية البرلمان الحالي سوى شهر واحد، إلا أن هذا التفسير ليس واقعيا، لأن قضية بهذا الحجم لن تغلق بهذه السهولة.

ما تبقى من عمر المجلس النيابي ليس الفيصل في حل قضية الأراضي، إنما الحلول المتوافرة في هذا الملف الشائك مرتبطة ارتباطا عضويا بمدى توافر الإرادة السياسية في معالجة جدية لملف الأراضي.

إن مسألة إصلاح ملف الأراضي قضية بالغة الأهمية، لأن الأراضي هي إحدى المقومات الرئيسية للثروة التي يجب أن توزع بعدالة بين الناس جميعا ومن دون محاباة أو تمييز، ويكفي أن نعرف الكثير من موجات الإصلاح والتغيير في شتى بقاع العالم كانت بسبب إعادة توزيع الأراضي.

من باب «ألا تبخسوا الناس أشياءهم» يجب الإقرار بأن البرلمان تمكن من طرح قضية مؤرقة وجريئة، وعالجها بحكمة ومهنية، وعود الرقابة البرلمانية (المساءلة السياسية للحكومة) اشتد ساعدها مع الكشف عن تقرير أملاك الدولة، وخصوصا أن المجلس النيابي سيثمر خلال الأسبوعين المقبلين عن ولادة تقريرين آخرين لا يقلان أهمية عن أملاك الدولة، فعلى أجندة المجلس التقرير النهائي الذي ستقدمه لجنة التحقيق في تجاوزات الردم والدفان البحري، بالإضافة الى تقرير ثالث ستقدمه لجنة التحقيق للكشف عن مصير «المدينة الشمالية» التي أضحت في خبر كان!

ليس المطلوب من اللجنة الوزارية الالتفاف على الواقع المؤلم، وليس مطلوبا أيضا أن تكون لجنة تحقيق ثانية في ملف الأراضي، فهذه المهمة قد أنجزتها اللجنة البرلمانية بحرفية ومهنية عاليتين، فالتقرير جاء مزودا بكم كبير من الوثائق والأرقام والخرائط، وهذا التقرير يستحق أن يطبعه مجلس النواب على نفقته أو من موازنة السفرات المكوكية لبعض النواب شرقا وغربا.

خريطة الطريق للجنة الوزارية تبدأ من الإقرار بوجود تجاوزات تقدر أضعافا مضاعفة من موازنة البحرين، والخطوة الثانية إعادة الأراضي والتعويض عن بعضها الآخر، وفتح الجزر التي يتكون منها أرخبيل البحرين، ومن ثم وضع نظام صارم لإدارة الأراضي وتوزيعها ومنع اي تجاوزات مستقبلية.

الآن وقد حصحص الحق في ملف الأراضي بصورة لا يمكن أن يرقى إليها الشك فالمرجو هو أن تسجل لجنة المتابعة الوزارية مكسبا تاريخيا للحكومة وللبرلمان وللتجربة السياسية الحالية، فإذا تمكنت اللجنتان (الوزارية والنيابية) من إعادة أجزاء كثيرة من تلك الأراضي فإن الناس جميعا سيرفعون القبعات تقديرا لتمكن التجربة الإصلاحية الحالية من إعادة توزيع الثروة بصورة عادلة، هذا ما نأمله جميعا، وبعد التقرير البرلماني التاريخي فإن الكرة في ملعب الحكومة الآن.

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2780 - السبت 17 أبريل 2010م الموافق 02 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 10:48 ص

      راحت أموالك

      راحت أموالك يا صابر

    • زائر 5 | 6:43 ص

      لآآ تح ـآآسب غيرك !!

      دع الخلق للخـآآلق ,,,,مـآ تقدر ترجع شي رآآآح !!

    • زائر 3 | 2:41 ص

      مشوا بوزكم ههههههههههههه

      ما اظن يرجع ولا شبر واحد

    • زائر 2 | 2:27 ص

      اللجنة الوزارية لتطير الملف

      حدث العاقل بما يليق فأن صدق فلا عقل له .. كيف قبل النواب الاكارم بلجنة وزارية ؟ لماذا لم يحتج النواب على هذه الخطوة .. النواب متواطئون

    • زائر 1 | 11:40 م

      سؤال يحيرني

      الى من ذهبت ملكية هذه الاراضي 65 كيلومتر مربع؟

اقرأ ايضاً