العدد 2834 - الأربعاء 09 يونيو 2010م الموافق 26 جمادى الآخرة 1431هـ

رفع الأعلام... وعقدة الولاء للوطن

حسن المدحوب hasan.madhoob [at] alwasatnews.com

.

عندما رفعت على مدى الأسبوع الماضي وفي أكثر من مكان في البحرين الأعلام التركية، خلال مسيراتٍ شعبية تضامنية مع قافلة «الحرية» التي كان على متنها أربعة من أبناء هذا الوطن، تعالت الأصوات لرمي الكرة في ملعب بعض «الآخرين» الذين شككوا على مدى عقودٍ من الزمن في وطنية وولاء الآلاف من أبناء هذا الشعب لتراب هذا البلد، في كل مناسبة يرفع فيها علمٌ غير علم البحرين من باب «ألزموهم بما ألزموا أنفسهم به».

كذلك أراد البعض أن يستغل رفع بعض المنتمين إلى الإخوان المسلمين الذين تمثلهم أهلياً جمعية الإصلاح وسياسياً «المنبر»، خلال مسيرات الأسبوع الماضي تلك، شاراتٍ لبعض المنظمات غير البحرينية وعلى رأسها «حماس»، بالإضافة إلى الهتافات التي مجّدت بقياداتٍ غير محلية ومنها مؤسس حركة الإخوان المسلمين في مصر حسن البنا، والقيادي في حركة حماس محمود الزهار، - وهي أسماء رفعت بالفعل في مسيرة حضرتها شخصياً بالقرب من جامع الفاتح في جمعة الأسبوع الماضي-، لتسجيل نقاط في معلب الآخرين الذين ما انفكوا سنيناً طويلة، يصورون مثل هذه الأمور على أنها نمط متقدمٌ من العمالة للخارج.

نقول للجميع، إن رفع أعلام تركيا في تلك المسيرات الذي جاء من باب الاعتزاز بمواقف هذه الدول والمنظمات والشخصيات تجاه قضيةٍ محورية، لم يكن خطيئةً نجرّمها أو نتهم أصحابها بعدم الوطنية، بل على العكس من ذلك هي مناسبةٌ تصالحية وتوافقية لتتغير قناعات الجميع، ويعلموا أن الولاء للوطن ليس علماً يرفع في هذه المسيرة أو تلك، وليس اسماً يهتف به فيها، وليس حتى جوازاً احمر يكتب عليه هذه الأيام للقاصي والداني كلمة «بحريني».

نعم، الوطن ليس ورقة توهب في غلس الليل، وليس قماشاً أحمر أو ابيض يلف جسد أحدنا في أي مناسبةٍ كانت، وليس قصيدة تمجد هذا أو ذاك فقط، الوطنُ شعب من السنة والشيعة، عروقه غرست مع عروق النخيل التي ظلت شاهدة على أصالة من غرسها، الوطن أراضٍ ذهبت إلى متنفذين كلما ملئت بطونهم قالوا هل من مزيد، وبحرٌ يدفن ليل نهار لتشيّد عليه المشاريع و»الفلل» الفارهة، بينما يبقى إنسان هذه الأرض يحلم طوال حياته بأرضٍ يضم بها عياله. وخيانة الوطن تبدأ من تغيير هويته وأرضه وبحره وشعبه.

نؤكد على أنه لا ينبغي النظر إلى رفع الأعلام متى ما كان هدفه إبداء الاعتزاز بمواقف هذه الدولة أو ذلك التنظيم على أنه خيانة للبلد، أو نكرانٌ للوطنية، فنخرجه من حجمه ومدلوله البسيط إلى تضخيم وتصيدٍ في الماء العكر، ونحمد الله أن بعضاً ممن كانوا يصدحون ليل نهارٍ مبدين استنكارهم لرفع أعلام لبنان أو هذا الحزب أو ذاك، موجهين اتهاماتهم إلى إخوانهم في الوطن بالعمالة بالأمس، هم اليوم من تصدر المقام لرفع أعلام تركيا وشارات حماس، وكانوا يهتفون باسم البنا والزهار، ليس من باب المناكفة، بل من باب أن التجربة أفضل برهان على الواقع، وأن الاتهامات المعلبة لا تجدي نفعاً.

نقول للشرفاء في هذا الوطن، من سنتهم إلى شيعتهم، تعالوا إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا وبينكم، أنتم لست عملاء وخونة حينما رفعتم تلك الأعلام والهتافات، والآخرون كذلك ليسوا خونة وعملاء للأجنبي حينها يرفعون راياتٍ يقصدون منها إبداء اعتزازهم بعملٍ قومي أو إسلامي مشرف.

بعد اليوم، لن يحتاج احد لتخزين ارشيفٍ من الصور للأعلام التي ترفع في المسيرات المناصرة للقضايا العادلة، لنستخدمه ضد بعضنا البعض، فما حدث دلل على أننا في بلدٍ صغير ما اصطاده اليوم عن الآخرين، سيصطادونه عني، فلا داعي إذاً لأن القي على بيوت الآخرين الحجارة وبيتي من زجاج.

أخيراً، لا نشكك أبداً في وطنية من قام برفع أعلام تركيا، ونؤكد على حقه في إبداء اعتزازه بما قامت به هذه الدولة من مواقف مشرفة تجاه القضية الفلسطينية مؤخراً، ونعتقد أن للآخرين أيضاً الحق في إبداء اعتزازهم بأي جهةٍ تقدم عملاً مشرفاً في أي مكانٍ في العالم، ما دام هذا الاعتزاز باقياً في حدوده الطبيعية والمتعارف عليها.

إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"

العدد 2834 - الأربعاء 09 يونيو 2010م الموافق 26 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 5:30 ص

      بو جاسم

      لنقل أن كلامك الطائفي العنصري صحيح لماذا لا نراكم وزعاماتكم المضحكة تعادون أميركا أليست تحتل أكثر من بلد مسلم ألم تجعل الخليج ثكنة عسكرية لماذا لا تعادون أميركا وتوصفونهم بأنهم مجوس أو كفار أو غير ذلك من قاموسكم العنصري؟!
      ثم ها هي سيدتكم التي تصفعكم كل يوم إسرائيل لماذا لا تعادونها مثل ما تعادون الشيعة وإيران ولقد سمعت أكثر من عالم كبير لديكم يقول أن خطر الشيعة أكثر "علينا"من خطر الصهاينة!!
      والله أني لأشفق عليكم

    • زائر 6 | 5:20 ص

      يا بغد قلبى ... المنبر والاصلاح

      واقفين مع الحكومة اما الاخوان من ابناء الطائفة الشقيقة والكريمة والحبيبة فهم واقفين او بعضهم (انشالله عشرة انفار ) ضد الحكومة .. وبالتالى القياس فاسد والا اهى مو سالفة حماس او حزب الله ونصر الله ولا الزهار وايران ولا تركيا .... لا يابوك فى ناس يرفعون علم الاردن ومصر وسوريا .. ومحد يقول لهم شى الموضوع من ويا الحكومة ومن ضدها .. ومن شان الله بدناش الحكى هاظ الى بيوجع الراص..... والوطن اش يعطينى مو علم وبيرق واسأل الاخوان المستوطنين الاشقاء اللى على قلوبنا

    • زائر 5 | 4:21 ص

      الفرق واضح لكل ذي عقل رشيد

      الفرق واضح لكل ذي عقل رشيد ... لا تركيا و لا حماس تدخلو في شؤون البحرين الداخليه أو مسوا أمن أحد الدول الشقيقه .... بينما بلاد المجوس عدو علني للعروبه و الإسلام و ذاك الحزب متورط في أعمال إرهابيه في الكويت و البحرين و السعوديه ..... هذا هو الفرق يا طائفين فلو لم يعيلوا على بلادنا لما عاديناهم...

    • زائر 4 | 4:18 ص

      مع الأسف ..؟؟

      تخوينهم لنا صار أبيزه تسوى او ما تسوى
      يعني معقوله احنا نقول عنكم ان ولائكم الي تركيا والي حماس ؟؟؟
      كيف .. لو بس اذا جت علينا قلتون هاي الشيعه وهاي ولائهم وما يستحقون العيش علي ارض ما يحمونها ومن هاي الكلمات التخوينيه .. نحن نقول اذا كان رفع اي علم ما او شعار ما يعني التخلص من الوطنيه فهذا هراء وباطل ..
      انما الحقيقه هي شعور بالعزه والشرف والثبات لما هو مقصود من طبيعه الأنسان ليس الا .. والسلام

    • زائر 3 | 2:31 ص

      نقول للشرفاء في هذا الوطن، من سنتهم إلى شيعتهم

      نقول للشرفاء في هذا الوطن، من سنتهم إلى شيعتهم، تعالوا إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا وبينكم، أنتم لست عملاء وخونة حينما رفعتم تلك الأعلام والهتافات، والآخرون كذلك ليسوا خونة وعملاء للأجنبي حينها يرفعون راياتٍ يقصدون منها إبداء اعتزازهم بعملٍ قومي أو إسلامي مشرف.

    • زائر 2 | 12:52 ص

      الى متى

      فمع الاسف الطائفية اكلت العقول ولم يعد يفرقوا بين الحق والباطل ولم يعد يحركهم الا الكره والقسوة

    • زائر 1 | 12:25 ص

      أصيل وابن أصول ياولد المدحوب

      يقول الشاعر: لو كل كلب عوى ألقمته حجراً ... لأصبح الصخر مثقالاً بدينارِ!!
      هؤلاء القوم مرضى قلوب ولو جئتهم بآلاف الأدلة والبراهين فلن يزيدهم إلاِِ تكذيباً وتخويناً لك لأنك بكل بساطة (مبغوووووض) وسيخرجون لك غداً ويقولوا بأن أعلام حزب الله التي ترفعونها كبيرة ومن القماش الغالي بينما أعلام حماس وتركيا لم تكن كذلك
      يعني التخوين وراك وراك ولو يسيل دمك في سبيل البحرين

اقرأ ايضاً