العدد 2855 - الأربعاء 30 يونيو 2010م الموافق 17 رجب 1431هـ

«مشاركة» سيئة... «مقاطعة» أسوأ!

حسن المدحوب hasan.madhoob [at] alwasatnews.com

.

يخطئ من يظن أن الحديث عن مساوئ أو سلبيات مجلس النواب الحالي أو السابق يعني بالضرورة الانتصار إلى خيار مقاطعة البرلمان أو إضعاف خيار المشاركة!

ولمن يتوهم ذلك نقول، لا أحد ينكر أن أداء النواب منذ بدء التجربة النيابية في 2002، وثم في 2006 لم يقدم للبلد حلولاً جذرية أو ربعَ جذريةٍ حتى، والكل يتذكر النقد اللاذع التي حظي به النواب من الشارع العريض بمختلف أطيافه بعد إقرار استقطاع الـ 1 في المئة على المواطنين، ولن ينسى أحدٌ كيف أقر النواب بلا استثناء لأنفسهم تقاعداً باذخاً لا نعلم للآن رأي الشرعِ فيه، رغم أن العقل والمنطق قال كلمته إزاءه دون مواربة.

لا أحد ينكر أن المشاركة في البرلمان لم تحقّق التعديلات الدستورية التي بشّر بها المبشرون حينما دخلوا البرلمان قبل أربع سنوات، ولم يوقف التجنيس لأنه لم يفتح أصلاً فيه، ولم يمنع التمييز على أساس المذهب والمعتقد والانتماء السياسي، ولو «تطيّر» المفسدون من أول أسبوعٍ ولا حتى في آخره، المشاركة فعلاً لم توقف نهب الأراضي ولم تقدم الكثير في الملفات الخدمية من صحة وإسكان وتعليم.

نعم، المشاركة التي يتحدث بها الكثيرون من هذا الباب والزاوية، هي فعلاً مشاركة سيئة، ولكنها وبكلِ صراحة ليست أكثر سوءاً من المقاطعة التي لم تعطِ الناس إلا التنظير الذي يبدو جميلاً ومحكماً ومقنعاً في بدايته، لكنه سرعان ما يتحطم عند أول صخرةٍ أو ربما حجرةٍ تقابله!

إذا كانت المشاركة لم تتقدم إلا أمتاراً معدودات، فالمقاطعة التي مورست لم تمشِ إلا «سنتيمتراتٍ» قليلة، وحتى هذه «السنتيمترات» لم تتم إلا بمخاضاتٍ أعيت أصحابها قبل غيرهم!

البعض يخطئ، كذلك عندما يربط عدم جدوى المشاركة بأداء كتلة الوفاق الحالي، وكأن المشاركة مفصلةٌ تماماً على شخوصٍ معينين، فإذا ما أخفقوا فذلك يعني الإخفاق التام للمؤسسة التشريعية.

ولهؤلاء نقول، نعم، ربما يكون أداء أغلب نواب الوفاق محبطاً، ليس فقط لأن هناك أطرافاً في السلطة أعاقت حراكها - وذلك لا ينكر - بل لأن الوفاق أيضاً لم تستثمر سقفها السياسي ولو بمقدار الثلث ربما، وظلت طوال الوقت تلامس السقف القانوني المحدود للمجلس، حتى وصلنا لنرى رئيس أكبر كتلة نيابية في البرلمان يُمنع من الحديث أكثر من خمس دقائق في ملفٍ وطني هام، ولا يهتز لأسطوله المكوّن من 16 نائباً آخرين جفنٌ ولا يدٌ ولا صوت!

المشاركة التي نتحدث عنها، ونعتقد أنها أجدى من المقاطعة بكثير، هي المشاركة التي يتوافر فيها 17 نائباًَ وطنياً من أمثال رئيس لجنة التحقيق النيابية في أملاك الدولة، أو 17 نائباً من أمثال عبدالرحمن النعيمي أو إبراهيم شريف، وذلك لن يتأتى إلا إذا نظرنا إلى المقاعد النيابية كأمانة وطنية وليس كغنيمة!

ينشغل الكثيرون بالحديث هذه الأيام عن جدلية المقاطعة والمشاركة في البرلمان، وكأن هذه الجدلية أصبحت أحد الطقوس المقدسة التي يأثم الإنسان إذا تجاوزها، لكن الكثيرين يبتعدون عن الحديث عن القائمة الوطنية التي كان من المفترض لها أن تجمع كافة القوى الوطنية الشريفة تحت مظلتها، وإنّا لنعجب حقيقةً من عشرات الاتهامات التي يواجه بها «المعارضون» السلطة بالاستئثار، في حين أن بعض هذه القوى ترفض أن تتنازل لبعضها البعض عن حفنةِ مقاعدَ نيابيةٍ تحتَ ذرائعَ شتى!

المشاركة، ورقة سياسية يمكنها أن تنتج وبقوة إذا توافرت لها الأسباب الموضوعية، أما إذا حسبت بمنطق الراتب والسيارات الفارهة وتقاعد العمر السخي، فلن تقدم للناس إلا المزيد من الإحباط!

إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"

العدد 2855 - الأربعاء 30 يونيو 2010م الموافق 17 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً