العدد 288 - الجمعة 20 يونيو 2003م الموافق 19 ربيع الثاني 1424هـ

الثقافة وجمال الروح

منيرة العليوات comments [at] alwasatnews.com

إن الفتاة الجميلة حقا هي من يشعر المتحدث إليها بارتياح نفسي، وهي من تشعره بأن جمالها يكمن في أعماقها وفي روحها السمحة ونفسها العفيفة، بتواضعها وحسن تقديرها وتصريفها للأمور. أما ما تعمد إليه بعض فتيات هذا الجيل من الإفراط في زينتهن بما يراكمنه على وجوههن من مساحيق وألوان صارخة ملفتة للنظر مثيرة للغرائز الرخيصة أو ما يرتدينه من ملابس فاضحة تكشف عن مفاتنهن، فلا يمكن أن يحكم عليهن الآخرين به إلا بالتفاهة وسوء الظن والتخلف فالرجل لا يحب المرأة المسرفة في زينتها الشفافة ثيابها لدرجة لفت الأنظار إليها أينما توجهت... الأمر الذي يجعلها فخورة بنفسها معجبة بما تفعل معتقدة بأن ما يحيطها من نظرات انما لسحر جمالها وفرط اعجابهم بها... ويفوتها بأنهم ربما ينظرون إليها لتعجبهم من منظرها وتبرجها وعدم احترامها للقيم والتقاليد... فالجمال الحسي المطلق في بساطتها الهادئة غير المتكلفة البعيدة عن التكبر والغرور والاستهتار يأتي بالدرجة الأولى، وقبل كل شيء. إن البساطة يا فتاتي تختصر لك الكثير من الوقت والتفكير في كيفية إيجاد التناغم بين ملابسك وما يناسبها من اكسسوارات من جهة، وبين ألوان ثيابك والمساحيق من الجهة الأخرى؛ فالحياة - ضمن إطار بسيط وهادئ - توفر لك الثقة بالنفس وتختصر لك الطريق إلى قلوب الآخرين من دون أقنعة مزيفة أو تعرجات. وثقي ان ثقافتك وحسن تصرفك ومعاشرتك الجادة للآخرين تمنحك الكثير من الراحة النفسية والاطمئنان الروحي ويجب عليك ألا تجهلي اسهام الثقافة في مختلف المجالات العلمية والعملية والاجتماعية. فإذا عمدت إلى بساطة الشكل وتغذية العقل والروح بالثقافة والعلم والمعرفة أصبحت على علم وإدراك ووعي لا يمكن ن ينكره عليك الآخرين. قد تقولين إن تناقضات المجتمع لا تساعدك على استكمال ثقافتك بل تحد من طموحك وسعيك وبحثك عن المعرفة تحت مسمى عيب أو عار وهذا ما كنت أعنيه حين حدثتك عن البساطة والحشمة وعدم التبرج، فإذا سموت بفكرك وعقلك عن التفاهات والمظاهر الخادعة لك بالدرجة الأولى استطعت السير بأمان وثقة واطمئنان. ثم تسلحي بجمال الروح وابتعدي عن كل ما يتعارض مع عفة النفس والفضيلة وانطلقي بعزم واصرار في بحثك عن المعرفة وتغذية ثقافتك بكل ما هو جديد ومفيد لتجمعي بين بساطة المظهر وعمق الجوهر، وباشري حياتك العملية والعلمية والاجتماعية حتى تصبحي قادرة على اقناع الآخرين بك عقليا وفكريا، وكوني حذرة في التعامل مع الآخرين واجعلي لاختلاطك بالجنس الآخر حدودا لا يجب تجاوزها وحواجز لا يمكن تخطيها لتفرضي عليهم احترام انوثتك وكيانك، فالرجل الشرقي - يا عزيزتي - مهما بلغ في التقدم العلمي والتطور في عمله ومظهره وجميع أمور حياته يبقى رجلا شرقيا خليجيا وفي داخله مسلم غيور لا يقبل المبايعة على العفة والطهارة ويرفض المساومة في العرض والدين ويحترم المرأة المحتشمة في مظهرها وتصرفاتها... فخروجك للعمل لا يعني أن تتصرفي مع الرجال وكأنهم صديقات تتحدثين إليهم من دون حواجز، وتستخدمين معهم ألفاظا قد تخدش احترامهم لك، وتطلعيهم على أسرارك وقضاياك ومشكلاتك الخاصة جدا، فكل صغيرة وكبيرة يعرفونها من دون حدود أو قيود ثم تعللين بأنهم أصدقاء أو حتى تعتبرينهم إخوانا. لا يا عزيزتي معظمهم لن يحترم هذه الثقة ولن يحترمك كما تظنين. ولن يقدر الصداقة التي تسمين بل يعتبرها حرية وانفتاحا بلا حدود وبأنك انسانة تافهة لا تحسن التصرف، فيطمع فيك ويذيع أسرارك ويجعلك تسلية لمجالسه مع الآخرين.

ربما تقولين إن البعض قد يعتقد بأنني متكبرة أو معقدة أو... الخ. إذا وضعت حدودا بيني وبين زملائي الشباب. ولكن يا فتاتي هل حرص المرأة على كرامتها وسمعتها كأنثى ومطالبة المجتمع لها بسلوكيات متزنة ملتزمة يجعلها في نظر البعض فتاة معقدة؟ لا بأس إذا كان التمسك بالوقار والاحترام في الشكل والمضمون يجعلك معقدة. كوني كما يعتقدون خيرا من أن تكوني مستهترة تافهة لا تمتلك إلا الجمال في الشكل، والتبرج في المظهر..

العدد 288 - الجمعة 20 يونيو 2003م الموافق 19 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً