العدد 2900 - السبت 14 أغسطس 2010م الموافق 04 رمضان 1431هـ

حان أوان التفكير في «جامعة حكومية جديدة»

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

لقد حان أوان التفكير الجدي في إنشاء جامعة حكومية ثانية بالإضافة إلى جامعة البحرين لاستيعاب الضغط الهائل على الجامعة الوطنية الوحيدة التي باتت تغص بعشرات الآلاف من الطلبة والطالبات، وأدى هذا الضغط إلى تدنٍ في مستويات الجودة وتزاحمٍ حاد على مرافق وخدمات الجامعة.

من البديهي القول إنه يمكن أن تشكل الجامعة الحكومية الثانية فرصة ذهبية أمام آلاف الطلبة الخريجين سنوياً للخروج من الحصار القسري بين مطرقة جامعة البحرين وسندان الجامعات الخاصة، وخصوصاً مع تصاعد أزمات التعليم العالي الخاص في البحرين بشكل غير مسبوق، والتي تسببت في التشويش على صورة التعليم العالي في البحرين.

ليس المطلوب أن ينجز مشروع الجامعة الجديدة بين ليلة وضحاها، ولكن من الأهمية بمكان وضعه في صدارة الأجندة التنموية في الميزانية المقبلة أو التي تليها، لأنه سيشكل خطوة تاريخية لتطوير القطاع التعليمي البحريني ويمكن أن تدار الجامعة الجديدة بعقلية اقتصادية وفق بيئة استثمارية ولكن مع الحفاظ على جودة التعليم العالي من الانحدار الذي تسببت به بعض الجامعات الخاصة.

ليس بالضرورة أن تكون الجامعة الجديدة برسوم رمزية كما هو الحال في جامعة البحرين، ويمكن أن توجه للطبقة الوسطى برسوم معقولة وتسهيلات مصرفية مرنة حتى تكون في متناول فئات أخرى غير تلك التي تستقبلها جامعة البحرين، ويمكن استقطاب الطلبة الخليجيين الراغبين في الدراسة في البحرين برسوم استثمارية.

جامعة البحرين التي تأسست في العام 1986 بدمج كليات الآداب والعلوم والفنون التطبيقية (كلية تقنية الخليج سابقاً)، تؤدي دورها بشكل جيد، وفقاً للموارد القليلة المتاحة وقياساً بالظروف الواقعية، ولكنها في الوقت ذاته تعاني من تحديات كبيرة، إذ يصل عدد الطلاب في بعض الكليات إلى 4000 طالب، وهو رقم قياسي جداً بالنسبة للطاقة التشغيلية والاستيعابية للجامعة، وإذا نظرنا للحساب الختامي السنوي للدولة فسنكتشف أن جامعة البحرين غالباً ما تعاني من عجز في ميزانيتها، تلجأ الدولة لتغطيته باستقطاع مالي إضافي.

وقبل أيام معدودة كشفت جامعة البحرين عن استراتيجية جديدة، وتتضمن قدراً من الإيجابيات المهمة، ولكن ينبغي البوح أيضاً عن التحديات والمشكلات التي تواجه الجامعة، والتي تأتي أساساً من الكثافة الطلابية، ونتيجة لذلك وضعت الجامعة سلسلة من القرارات لضبط الأعداد المتزايدة من الطلبة.

ربما تطرح بعض الدوائر الحكومية عقبة في طريق التفكير في إنشاء هذا المشروع المعرفي المهم، وفي مقدمة هذه الإشكاليات الحذر الرسمي من تضاعف عدد العاطلين الجامعيين وإفرازاته الاجتماعية في حال إنشاء جامعة حكومية أخرى، ولكن لا أرى أن هذا التوجس في محله، وخصوصاً إذا ركزت الجامعة الجديدة على التعليم التقني، من خلال التخصصات الفنية والمهنية بمواصفات معترف بها عالمياً، وهي تخصصات يحتاجها سوق العمل في البحرين بشكل ملح ودائم.

إيجابيات عديدة يمكن تسجيلها لمشروع الجامعة الجديدة، إذ ستتاح الفرصة لاستقطاب المزيد من الكفاءات الأكاديمة البحرينية وتحسين المستوى المادي للكادر الأكاديمي البحريني، بجانب توفير فرص للتوظيف لمئات من الشباب البحرينيين في الجهازين الإداري والفني في الجامعة الجديدة.

الإشكالية الأخرى التي قد تطرح بقوة، وهي مصادر تمويل المشروع، وهنا أرى أنه يمكن للبحرين إنجاز مشروع الجامعة الجديدة في سلة خيارات تمويل متاحة: استثمار الفرق في العوائد النفطية والسعر المعتمد للبرميل في الميزانية العامة، كما يمكن وضع خيارات أخرى منها: بناء مظلة استثمارية يشارك فيها القطاع الخاص، أو فتح محفظة في ميزانية صندوق العمل (تمكين) أو اللجوء إلى الاقتراض كبقية المشروعات الحكومية الاستراتيجية.

كما يمكن لوزارة التربية والتعليم أن تخصص جزءاً من البعثات السنوية للمتفوقين للراغبين في الدراسة في هذه الجامعة – على نحو اختياري - بدلاً من الاضطرار للاغتراب في جامعات دول عالية الكلفة المالية، وفي هذه الحالة سنضمن استثمار الملايين في ميزانية الوزارة ضمن دورة العجلة الاقتصادية.

وقد طرحت فكرة إنشاء جامعة وطنية جديدة على بعض الشباب للنقاش المفتوح، واستمعت للكثير من الآراء الوجيهة من عيون شبابية، لذلك يصلح هذا المشروع أن يكون مثاراً للنقاش على المستوى الوطني في ورش عمل تضم مختلف المعنيين بقطاع التعليم العالي في إطار نظرة واقعية ومستقبلية عميقة، وخصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار الطفرات الطبيعية (وغير الطبيعية) في عدد السكان.

خلال الفصل الدراسي المقبل ستزور هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب جامعة البحرين، وربما ستصدر تقريراً يتضمن بعض الثغرات على مخرجات الجامعة، ولكن يمكن القول إن التحدي الأول هو إمكانيات الجامعة ومواردها المحدودة قياساً بالمصروفات التشغيلية، لقد برز هذا التحدي بوضوح منذ التوجيه الملكي للجامعة بتخفيض الرسوم وقبول كل الطلبة المتقدمين ابتداء من ذوي المعدلات المتوسطة.

لننظر إلى مشروع الجامعة الوطنية الجديدة من زوايا متعددة، وليأخذ هذا المقترح وقته المناسب من الدراسة والبحث بشرط ألا يدخل «الثلاجة»، فالمهم أن ينطلق قطار التفكير فيه بشيء من الجرأة والمسئولية لمعالجة التحديات المستقبلية التي ستهمين على مشهد التعليم العالي في البحرين...

لذلك كله: هل تتفقون معي بأن على الحكومة أن تفكر بجدية وبسرعة في مشروع جامعة وطنية جديدة أخرى؟

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2900 - السبت 14 أغسطس 2010م الموافق 04 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 8:24 ص

      الخصخصة اليوم افضل

      انا اقترح ان تكون الجامعه اهلية مدعومة ومعترف بها وبالتالى يمكن ان تمون الجامعه اثانةي شبه حكومية

    • زائر 3 | 7:45 ص

      مدرس بحراني

      ابننا حيدر كلامك جميل ولكن لا اتقف معك في مزيد من الرسوم للجامعة الخاصة ، لان خير البحرين يصرف على امور تافهة وصرفه على تعليم المواطنين من اهم الاولويات بل وينبغي ان تضغطوا انتم الصحافيين لتخصيص مزيد من الدعم للتعليم والبحث العلمي ورعاية الجامعات ودعم المتفوقين . تقبل مروري .. احد معلميك .

    • زائر 2 | 3:56 ص

      المرتبة ظ¦ظ¢ظ ظ  على مستوى العالم

      مقال مهم، وخصوصا ان جامعة البحرين حلت المرتبة ظ¦ظ¢ظ ظ  على مستوى العالم وهو موقع متخلف بل اقرب للجهل مقارنة بالمرتبة ظ£ظ ظ  لجامعة البترول والمعادن في السعودية. كما القى تقرير الخارجية الاميركية الضوء على عدم تكافؤ الفرص فيها بسبب تهميش الشيعة وهم من اسسها

    • زائر 1 | 2:06 ص

      تخفيف العبء

      المطلوب تخفيف العبء عن الاستاذ الجامعي بجامعة البحرين والاستفادة من الكوادر الشابة البحرينية من حملة الدكتوراه وفتح المجال لها والاستغناء عن الاساتذة المتقدمين في العمر بعد أن قدموا جل ما عندهم والان يكررون انفسهم ، كإدارة الجامعة تدار بعقلية طائفية تقوم بوضع العراقيل للمتخصصين من حملة الشهادات العليا الماجستير والدكتوراه من شريحة كبيرة من مكونات المجتمع البحريني وتقتصر قبول فئة معروفة فقط نما بدعوى فتح جامعة ثانية ليس هو الحل والتخصصات التقنية تقوم به بلتكنيك ومعهد البحرينبالاضافةإلى الجامعة

    • السكر المر | 10:08 م

      مو لازم

      جامعة البحرين مدينة تعليمية والقصور والثغرات ناتجة مو من زيادةى العدد شنو زيادة العدد بجامعة البحرين كلش عادي بنسبة لدول غير بس المشكلة في الأعباء الزيادة على الدكتور من قبل إدارة الجامعة بحيث ما يقدر يوفق بين التدريس والشغلات الثانية يعني وتقدم الداكتره بالعمر منهم تمللوا من التدريس والحالة نحتاج كفاءات فقط

اقرأ ايضاً