العدد 3070 - الإثنين 31 يناير 2011م الموافق 26 صفر 1432هـ

هموم بحريني

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

محمد، مواطن بحريني يعمل في إحدى الجهات الحكومية براتب لا يتجاوز الـ300 دينار، ووظيفته لا تؤهله كثيراً لبلوغ مستوى يتجاوز هذا السقف، ومستواه التعليمي محدود نتيجة للظروف التي عاشها وسط بيئة لم تكن مهتمة كثيراً بهذا الجانب، والآن تقدم به العمر، وكلما زرته يعاتبني لعدم كتابة عمود عن همه وهم الكثير من البحرينيين الذين يشاطرونه المعاناة ذاتها ولا يسعهم إيصال صوتهم إلى المسئولين.

في بعض الأحيان أتحاشى أن أطيل الجلوس معه، لا لشيء سوى أني لا أريد أن أخذله، وأدرك أن الصحافة ليست الوسيلة التي يمكن اعتبارها عصا سحرية قادرة على تغيير الواقع وجبر الخواطر، ولا أريد أن «أعشمه» في ربيع الجنة وأنا غير قادر على انتشاله من جحيم الأسعار وتكالب متطلبات الحياة الملقاة على كاهله.

بمقدرته المحدودة على القراءة، تتنقل عيناه يومياً بين عناوين الصحف على أمل أن يقرأ خبراً يدخل البهجة في نفسه، ويسألني «هل ستستمر علاوة الغلاء؟، هل تتوقع أن يصرف لي بدل السكن هذا العام؟، هل تعتقد أن الزيادة السنوية في راتبي التي لا تتجاوز 5 دنانير قادرة على رسم البسمة على شفاه أفراد عائلتي؟».

يتأثر كثيراً بما يقرأ، وتراه مبتهجاً في بعض الأوقات، لاعتقاده أن الأمور تسير بمجرد اقتراح برغبة تقدمه هذه الكتلة البرلمانية أو تلك، ولا يعلم أن الموضوع أكبر من موافقة اللجان والتصويت عليه في جلسات النواب، فهناك شد وجذب وتمطيط وتسويف، وقد تنتهي القصة بفرض الإقامة الجبرية على المقترح في الأدراج إلى أجل غير مسمى.

أمثال محمد يعيشون الحد الأدنى من المستوى اللائق في هذه الحياة، وقطعاً هناك من هم غارقون أكثر منه ويوشك أن ينقطع عنهم الأكسجين، ولكنهم لا يتحدثون إلا مع أنفسهم، ولا يرجون من الله إلا أن يتحسن حالهم نحو الأفضل.

يعملون في القطاع الخاص ولا تتعدى رواتبهم الـ200 دينار، ويستحقون أن تتقصى عنهم وزارة التنمية الاجتماعية وتقلب حواسيب الجهاز المركزي للمعلومات من أجلهم، بدلاً من أن تجرهم للوقوف لساعات لإثبات أنهم يستحقون علاوة 50 ديناراً يستصغرها أي مواطن خليجي من دولة مجاورة.

أمثال محمد يحلمون بالحصول على شقة تمليك، بعد أن يئسوا التشبث بوعود لا تنتهي بتوفير وحدات إسكانية تتواءم مع نمط معيشة العائلة البحرينية، وبات طموحهم محدوداً بأطر وقيود لا تقل صلابة عن متانة بأسهم وتحملهم للمزيد من الشدائد.

صقلتهم الظروف القاهرة والعوز والحاجة منذ سنوات، وينظرون بأمل واسع الأفق بعيد الأمد، أن تمتد يد الجهة الرسمية إليهم لتزيل عنهم شيئاً من الأحمال التي تقض مضجعهم وتقلق راحتهم وتحرمهم من المضي في الحياة بصورة طبيعية كسائر البشر.

يتحينون المناسبات الوطنية، ويتقصون بحثاً عن خبر مفرح بإسقاط الديون عن كاهلهم أو زيادة رواتبهم أو دعمهم شهرياً من خلال صندوق حكومي يكفل لهم الحد الأدنى من العيش الكريم.

لا ينشدون التشمس في سواحل بيروت أو التسوق في ربوع أوروبا أو قضاء رحلة سياحية بحرية، فأحلامهم بسيطة بمستوى تعففهم، وندرك أن لهذه الهموم وقعاً وصدىً في قلوب المسئولين.

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3070 - الإثنين 31 يناير 2011م الموافق 26 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 2:30 ص

      لعله خيرا

      ولعل الذي ابطا عني هو خيرا لي لعلمك بعاقبة الامور كل الا يبطئ عنا في الدنيا تعويضه في الاخرة راح يكون اكبر واكبر لعدالة الله الذي لا يعرف الظلم حاشاه

    • زائر 7 | 12:51 ص

      ستــ نور العين ــرة مــأجورين

      البحريني ويش ينقصة عشان يعيش نفس غيره؟ ويا أخ محمد كلنا في الهوا سوا وحالك حال الشعب المهموم اللي يتمنى الحياة السعيدة ويعيش أهله بكرامة وعز ليش المواطن دوم يحس بالغربة وهو في بلدة ووسط عيلته

      الله معك ومع الجميع والله يكون في عون العبد ولله الحمد والشكر على كل شئ وعساه على رضا

    • زائر 6 | 12:50 ص

      ستــ نور العين ــرة مــأجورين

      البحريني ويش ينقصة عشان يعيش نفس غيره؟ ويا أخ محمد كلنا في الهوا سوا وحالك حال الشعب المهموم اللي يتمنى الحياة السعيدة ويعيش أهله بكرامة وعز ليش المواطن دوم يحس بالغربة وهو في بلدة ووسط عيلته

      الله معك ومع الجميع والله يكون في عون العبد ولله الحمد والشكر على كل شئ وعساه على رضا

    • زائر 4 | 11:42 م

      يتيمة

      الصبر مفتاح الفرج اغلب البحرينيون يعيشون الحالة نفسها ولكن ثق بالله وسوف لن يخذلك

    • زائر 2 | 11:25 م

      هموم + هموم+هموم ويش اساوي تعتقد

      مواطن بحريني ولكن انت شجره قويه طيبه جذورها في اعماق الارض وفروعها تعانق السماء اغصانها تظلل من يلجا اليها كم انت طيب يا بحريني

    • زائر 1 | 11:18 م

      باقون رغماً عنا.

      لك الله أيها الشاب المكافح،
      لا تيأس
      إن بعد العسر يسرا،
      لا تقنط من رحمة الله.
      كلنا في الهم ومن نفس الخندق ننهل! وثقتنا بالله الواحد الأحد لا بغيره.
      سيفتحها علينا مثلما فتحها لغيرنا ، ونعم بالله.

اقرأ ايضاً