العدد 315 - الخميس 17 يوليو 2003م الموافق 17 جمادى الأولى 1424هـ

اطرد الشكوك تسعد بحياتك

منيرة العليوات comments [at] alwasatnews.com

إنه الجحيم الحقيقي في حياة تعيسة مشوشة بأشباح الشك المدمر المقيت والغيرة الملعونة الطاحنة ليل نهار والعذاب المسلط على القلب والروح، قال لي بالحرف الواحد وبصوت مرتجف وقلب كسير: «إنني، أتعذب ساعديني... لقد طعنت في كرامتي وكبريائي... إن زوجتي ترفض العيش معي على رغم حبي الجنوني وتعلقي بها لدرجة لا أستطيع الحياة من دونها، وكل ذنبي أنني أغار عليها، وهذا حق من حقوقي كزوج أليس كذلك؟». هنا تدخلت الزوجة قائلة: «إنني لا أنكر عليك هذا الحق... ولكنك تعذبني، تطاردني، تزلزل كياني بأسئلتك واستجوابك لي على كل صغيرة وكبيرة، حتى أنفاسي تحصيها عليّ. إن الشك يعصف بك ويفقدك صوابك، فما إن تطأ قدماي عتبة المكتب الذي أعمل فيه حتى يرن جرس الهاتف مرة بعد مرة وتتدفق أسئلة لا نهاية لها: أين كنتِ؟ لماذا تأخرتِ على الهاتف، مع من كنتِ منشغلة؟ من صادفتِ في دربك من الناس؟ لماذا لم تتصلي بي؟ أقل لكِ إنني أنتظر اتصالكِ فور وصولكِ إلى العمل؟ تحقيق ينتهي إلى تحقيق ويمر يومي في العمل وهو معي على الهاتف كل دقيقة، وليت الأمر ينتهي بعودتي إلى البيت ولكن استجواب من نوع آخر ينتظرني... ونظرات كلها شك تعذبني واتهامات باطلة، فلا صمتي يدفع الشك عني ولا مناقشتي وحناني يعطيانه الأمن والاستقرار. إن عذابي يفوق عذابه، لماذا تضحكين؟ لماذا أنتِ حزينة؟ ما سر عطركِ الفواح، يبدو أنه عطر رجالي، أليس كذلك؟ لماذا هذا الاهتمام الزائد بمديركِ؟ هل وكلّك على أعماله؟ إنك تبالغين في تعاطفكِ مع متاعبه... كل هذا من دون أن يترك لي فرصة الإجابة عن سؤال واحد... ثم يعود إلى الاستجواب: لم تعجبكِ أسئلتي، تريدين الحرية، لن أفك قيدكِ أبدا! سأجعلكِ أسيرة في هذا البيت. صدقيني لولا الديون التي عليّ لما أعطيتكِ فرصة الذهاب إلى العمل».

وهنا احتدم النقاش وتعالى الجدل وكان عليّ أن أنسحب... إن مصدر كل هذا العذاب للأسرة شخص واحد، إنه الزوج بشكوكه العمياء، إذ عرفت من الزوجة لاحقا أن هذه الأمور لم تكن موجودة في حياتهما حتى انفصل صديقه الحميم عن زوجته بسبب خيانة زوجية فعصفت رياح الشك العاتية بحياتنا فدمرتها ولاحقني بسوء ظنه واتهاماته حتى أحسست بأنني في قفص اتهام خانق يطوقني ويعذبه ليل نهار.

والسؤال الآن: ترى كم يصمد هذا الزواج؟ وكم تتحمل هذه المتهمة البريئة هذا الجحيم؟ تعيش تحت رقابة مشددة تتعدى على الحد الأدنى من حقوقها وحريتها الشخصية. هي لم ترتكب ذنبا تستحق عليه هذه الشكوك... سيدتي اصمدي ولا توصدي أبواب بيتك وقلبك عن هذا الزوج المعذب، حاولي مساعدته في تخطي أزمة الشك، فالكثير من الأسر تحطمها كثرة الشكوك وقلة صبر الزوجة وحكمتها، ابذلي المزيد من الجهد لكسب ثقته ورضاه، إنه يحبك ولمساتك الناعمة الحنونة تبدد الشك وتبقي عاطفته حية أبدا.

أظهري غيرتكِ الناعمة عليه لتعيدي إليه الثقة بحبك وبنفسه ويشعر بالاعتزاز الذي يدفعه إلى منحك الكثير من الثقة والمزيد من الحب والإخلاص، تجنبي الثرثرة عن فلان وعلان، حدثيه عن نفسه وعنك، عن حياتكما معا، عشكما الزوجي، لا تدعي شكوكه تأخذك بعيدا عنه، إنه لن يتخلى عنكِ أبدا لأنك مصدر سعادته، اشعريه بالحرص على سعادته بحبكِ وذكائك. تجددي وحاولي إخماد نار الشك المتأججة في صدره، وصدقيني ستملكين زمام نفسه ويجعلكِ سيدة مطْلقة على حياته.

وأنت يا سيدي، إياك والإفراط في الشك والغيرة غير المبررين، ودعها تنعم بشيء من الثقة والحرية وستروي لك تفاصيل يومها من تلقاء نفسها، دعْ عنك القلق فزوجة صديقك ليست مقياسا لكل النساء في الحياة، فقد تكون بذرتها من الأصل فاسدة وانظر إلى الأمور بعين الواقع وليس بمنظار الوهم، ولا تلقِ على علاقتك الزوجية أخطاء وخيبات عرفتها من غيرك، بل اطرد الشك فورا وابحث عن وسيلة أفضل تقرب زوجتك المخلصة إليك وتجعلها بانتظار لحظة الانتهاء من عملها بفارغ الصبر لتعود إليك بشوقها وحبها وكل ما لديها من أسرار، وقبل أن تطرح عليها أي سؤال فابتسامتك وحسن استقبالك يستدرجانها لأن تقول كل ما عندها، فتبدد أوهامك ويذهب الشك بعيدا عن حياتكما

العدد 315 - الخميس 17 يوليو 2003م الموافق 17 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً