العدد 3279 - الإثنين 29 أغسطس 2011م الموافق 30 رمضان 1432هـ

بسيوني... عازف القانون!

ناصر البردستاني comments [at] alwasatnews.com

سمعت عنه لأول مرة قبل نحو ثماني سنوات عن طريق صديق مغربي ناشط في مجال القانون الجنائي والعدالة الدولية، وذلك أثناء مشاركتنا كممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني في المؤتمر الاستعراضي للدول الأطراف بالمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا.

اشتقت للتعرف عليه، وخصوصاً أنه العربي الوحيد الذي يشار إليه بالبنان حينما يأتي الحديث عن العدالة الجنائية في العالم، وتنامى الحماس لديَّ عندما علمت بأنه عميد لكلية القانون في جامعة دي بول الأميركية، الجامعة التي تخرجت منها، إلا أن الظروف وانشغالات الرجل حالت دون ذلك.

كثيراً ما سُئلت عنه، وخصوصاً في الفترة الأخيرة، وكان جوابي ولايزال «شريف كما هو اسمه». إنه الأب الروحي للقانون الدولي الجنائي والمرشح في العام 1999م لنيل جائزة نوبل للسلام البروفيسور محمود شريف بسيوني، رئيس اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي تشكلت في شهر يونيو/ حزيران الماضي بأمر ملكي رقم 28 لسنة 2011م، والذي استبشر به البحرينيون خيراً حينما علموا بترؤسه لتلك اللجنة، لما عُرف عنه من كفاءة ومهنية عالية، إضافة إلى التجارب المتراكمة لدى بقية أعضاء اللجنة، وهم خبراء دوليون مرموقون في مجال القانون الدولي وحقوق الإنسان، ومشهود لهم بالنزاهة والحرفية على المستوى العالمي.

يقول الشاعر العراقي أحمد مطر: «من يملك القانون في أوطاننا، هو الذي يملك حقَّ عزفه»، وربما يصدق هذه المقولة في كثير من دول العالم الثالث، إلا أن جلالة الملك بذكائه المعهود وشجاعته كان بحجم التحدي الذي يواجه البلاد في الفترة الحالية، فأمر بتشكيل اللجنة ليكون تقريرها الأساس والعمود الذي يبني عليه الفصل الجديد من مشروعه الإصلاحي، وكان تعليق البروفيسور بسيوني في حينه «لأول مرة في تاريخ العالم العربي والإسلامي، تأتي دولة وتؤسس لجنة مستقلة لا تسيطر عليها، لتقوم بتقصي الحقائق في قضايا قد تترتب عليها مسئولية جنائية».

لست في وارد الترويج أو الدفاع عن الرجل، وخصوصاً بعد حملات التشويه التي تعرض لها في بعض وسائل الإعلام المحلية والأجنبية وبعض المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، فهو في غنى عن ذلك، ولا أجد من الكلمات التي تساعدني على أن أوفيه حقه، ولكن كل ما أتمناه هو أن ينجح في مهماته، وأن يكون بحجم التحديات التي تواجهه، وأن يعيد لنا البحرين كما كانت وأفضل، واحة للأمن والسلام وقائدة لركب الانفتاح والديمقراطية في المنطقة.

وعلى رغم أن التطورات الأخيرة في عمل اللجنة كانت متوقعة لدى الكثيرين والتي استدعت توقفها عن العمل لفترة قصيرة، وبعيداً عن القيل والقال والتجاذبات السياسية من هنا وهناك، أرى من الضرورة عدم الاستعجال في إطلاق الأحكام على اللجنة، وخصوصاً أنها مازالت في بداية عملها من تلقي الإفادات وإجراء المقابلات مع الضحايا والشهود من الطرفين، والتحقيق فيما وردها من شكاوى وجمع الأدلة. وعلى وسائل الإعلام المختلفة والناشطين التعاطي بإيجابية معها ومع فريق المحققين، واضعين المصلحة الوطنية العليا فوق أي اعتبار، لأن نجاح اللجنة في تحقيق أهدافها هو نجاح للوطن في الخروج من الأزمة المؤسفة التي مرت عليها والظروف العصيبة التي لحقتها.

لقد شعر البعض بالإحباط، والآخر بالنشوة من تصريحات الرجل، ومشكلتنا أن الجميع يسمع من اللجنة ما يريد سماعه، والكل يعتقد بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة، في حين أن المهنية والإنصاف يحتمان علينا أن نجعل اللجنة تعمل عملها في هذه المرحلة الحساسة من دون أن نطلق الأحكام المسبقة، فمن السابق لأوانه التكهن بنتائج التحقيق، ويمتلك الجميع متسعاً من الوقت للتعليق لاحقاً على النتائج.

من أجل تحقيق الإرادة الملكية وإعلاء كلمة العدالة، وليأخذ كل ذي حق حقه، دعونا نصمت قليلاً، لنسمع بسيوني وهو يعزف القانون

إقرأ أيضا لـ "ناصر البردستاني"

العدد 3279 - الإثنين 29 أغسطس 2011م الموافق 30 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 2:28 م

      اتمنا

      اتمنا ان لا تتغير نظرتك للجنة عندما تنتهي من التقرير ويصبح بسيوني من .....الناس و اظلمهم

    • زائر 16 | 10:53 ص

      عدالة ضائعة

      هناك قانون اقوي من قانون البشر قانون الله الذي لايعلوا علية احد

    • زائر 15 | 9:29 ص

      نتائج قابلة للترحيل..

      ليس هناك تشكيك في مصداقية عازف القانون كما ذكرت ولكن النتائج سوف تكون حبر على ورق قابلة للترحيل والتمييع وخصوصا نحن نرى بأعيننا قررات التسريح تتم في دقائق بشكل جماعي طائفي وإرجاعهم بقرار ملكي فورا لم يتم تفعيله بعد!!!!.

    • زائر 11 | 4:43 ص

      سؤال بسيط

      «من يملك القانون في أوطاننا، هو الذي يملك حقَّ عزفه»
      مقولة في الصميم... ولكن السؤال هل يملك بسيوني القانون في ظل التجاذبات الاقليمية و الدولية؟؟

    • زائر 9 | 4:25 ص

      المحترف و الملعب

      لا يمكنك فصل الحرفية لاي شخص عن بيئة العمل
      فكون الشخص محترفا في مجال القانون الدولي ليس كافيا في اداء المهمة الموكلة له بكفاءة
      لان صربيا - كوسوفو ليست الخليج العربي
      و رادوفان كراديتش ليس .....
      اذا النتائح معروفة مسبقا

    • زائر 3 | 12:59 ص

      عيدكم مبارك

      عيدكم مبارك

    • زائر 2 | 12:27 ص

      محايد

      اتمنا من كل الأطراف ان تتقبل نتايج التقرير سو كان لصالح المعارضه او الحكومه ........فهذا الرجل ذو مصداقيه عالميه ولا محتاج تقيم من اي احد

    • زائر 1 | 10:50 م

      • بهلول •

      آي لايك

اقرأ ايضاً