العدد 3283 - الجمعة 02 سبتمبر 2011م الموافق 03 شوال 1432هـ

جيل جديد يرمم وجه أمة

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

ولد جيل ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي وسط ثورة حياتية صاحبتها طفرة في جميع مناحي الحياة العملية، والتعليمية، والمادية، والتكنولوجية وازدهار طرق وسبل الترفيه ولم تأخذ الثقافة الى دهاليز حياتهم ما أخذته للأجيال السابقة ولم يولدوا وسط الاستعمار الذي جاهد أبناء الأجيال السابقة للتخلص منه واستمروا ينشدون الأناشيد ويذكرون بطولاتهم آنذاك في كتب ومجلدات، لم يحظ أبناء الأجيال الحديثة بفرصة إثبات ذواتهم وسط تهكم آبائهم وأجدادهم من كونهم أطفالا مرفهين لا يفقهون من الحياة سوى قشورها، ولا يعرفون إلا مظهرها، هكذا كانت الصورة التي رسخت في أذهان الأجيال السابقة المقارنة بشكل دائم بين ترف الحياة اليوم وشقائها بالأمس ولم يعولوا يوماً على إمكانية إتيان الأجيال الحديثة بأي إنجاز مهم يحسب لهم حتى جاء اليوم الذي شهدوا بأنهم هرموا وهم ينتظرون هذه اللحظة التي لم يأت بها سوى جيل «النيدو»، الجيل المدلل، الأجوف من مقومات البطولة، كما كان ينظر له حتى يومٍ قريب.

موجة الثورات التي حدثت في جزء واسع من الوطن العربي لم يقدها قادة التحرر من الاستعمار بل شباب في بداية العشرينيات ولدوا بعد أن انتهت كل البطولات، أرادوا أن يثبتوا بأنهم قادرون على ترميم وجه الأمة العربية بعد تشوهه متأثراً بمشرط الديكتاتوريات، وأما الجيل السابق الذي حرر الأمة من وجع الاستعمار فعاد ليقع في استعمار من نوع آخر، إما بقيادة وحش أو بقيادة مخبول فالأمر سيان والمشهد الأخير يتشابه حد الملل، والدماء التي تراق كل يوم حتى تسترجع الأرض العربية كرامتها المهدورة على امتداد سنوات الصمت والأفول يبدو أنها غير كافية حتى الآن.

لكن رغم تمكن هذه الأجيال من تحقيق ما لم يتحقق لمن سبقها يبقى السؤال المطروح على امتداد الوجع العربي من المحيط إلى الخليج «ماذا بعد الربيع العربي؟». هذا السؤال الذي ربما لم يتبادر إلى ذهن أحد من الشباب الثائر على وضعه، وأحلامه، وواقعه، وربما ورد بضع مرات لكن الإجابة مؤجلة فالأهم الآن سقوط الديكتاتور، وتبقى نظرة سريعة على الواقع غير مطمئنة لمستقبل الثورات العربية، فتونس مازالت تناضل رغم انتهاء الثورة كمن خلع نصف ضرسه وأبقى النصف الآخر ومازال يعاني الألمين ذاتها، وهناك مصر التي تحاكم جلادها وتواصل ثورتها وتعيش في تخبط رغبات الثائرين، أما ليبيا فيبدو أن حبوب الهلوسة لم تعد تنفع لتسكين أوجاع أمة اكتشفت بعد 40 عاماً أنها محكومة بقبضة مجنون، تلك ثورات مضت مازالت تصارع وأخرى تحدث ومازالت تصارع وأخر قادمات لا نعلم إن كان باقي الحكام العرب سيبدأون في الاستفادة من دروس مضت وعبر عبرت ومصير قادم لا محالة أم سيحذون حذو سابقيهم

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 3283 - الجمعة 02 سبتمبر 2011م الموافق 03 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 3:37 م

      ماذا يريد شباب اليوم

      شباب اليوم يرفض أن تصادر عقولهم العلمية للخارج كما كان متبع سابقاً ويتطلع للمشاركة الحقيقية في إدارة أوطنهم بكل صدق وإخلاص وأمانة من أجل رفع وتقدم وازدهار أوطانهم وإنقاذها من الضياع والانتكاسة والتخلف عن باقي الدول المتقدمة. ونحنُ على ثقة كبيرة بأن مصر سوف تكن دول عظيمة متقدمة بعقول علمائها وشبابها.

    • زائر 6 | 2:40 م

      جيل يطلب الديمقراطية

      لا شك ولا ريب إن جيل اليوم من الشباب يختلف عن جيل الأمس في أموار كثير من الناحية الثقافية والعلمية وكذلك جيل اليوم يرفض أساليب التربية القديمة البالية والسيطرة العسكرية المنفردة سوى كانت ضمن نطاق الأسرة أو السلطة على عقولهم وجيل اليوم يتطلع لديمقراطية حقيقية ولكن هناك من يرفض تفير الاساليب القديمة المتبعه التى نفذت صلاحيتها منذ زمن طويل.

    • زائر 5 | 6:15 ص

      موضوع جميل جدا

      موضوع جميل في المفاهيم اللغوية و للامام دوما وبالتوفيق

    • زائر 4 | 6:06 ص

      You are right

      Absolutely right

    • زائر 2 | 4:57 ص

      شكرًا لكم

      شكرًا لم

    • زائر 1 | 3:04 ص

      شكر لكم

      مقال جميل اختي مريم

اقرأ ايضاً